تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل تستطيع مصر الانتفاض على الواقع!؟؟

خاص/ محطة أخبار سورية

 

قبل سنتين وفي منتصف شهر تشرين الثاني عام 2009، وتحديداً يوم مباراة مصر والجزائر لانتزاع بطاقة التأهل إلى نهائيات كأس العالم التي كانت ستقام في جنوب إفريقيا عام 2010، كان نَفَسُ الإعلام المصري "فرعونياً" ولم يكن عروبياً. كان التشجيع للمنتخب المصري يرتفع تحت شعار "أحفاد الفراعنة". ولكن في فيلم "فتاة من إسرائيل"، تصفع البطلة (وهي الممثلة السورية القديرة رغدة) ابنها لأنه قابل فتاة إسرائيلية في سيناء ونسي أخوه الذي استشهد في الحرب، بل، وتعتبر الحادث مناسبة لتذكّره بآلاف الشهداء المصريين الذي سقطوا على أيدي الإسرائيليين وبسلوك الإسرائيليين المشين.

بعد هذه المقدمة، نقول إنه عندما كبَت مصر ونامت عن دورها العربي والإقليمي والدولي في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك، حدثت أشياء وتطورات كثيرة لم تكن في مجملها في صالح الأمة العربية. نعم لقد حملت سورية العبء بقدر ما استطاعت ولكن حاصرها الأعداء من كلّ صوب؛ فلعبت إسرائيل في إفريقيا وأيقظت أحلام بعض الدول وحرّضتها على المطالبة بإعادة توزيع مياه النيل وقصفت غزة وحاصرتها.. وكان أن تم تقسيم السودان إلى دولتين وربما سيصبح أكثر.. وأن استمر قطع العلاقات المصرية مع إيران دون أن يقول أحد السبب ودون معرفة لمصلحة من تتم المحافظة على هذا الشرخ ومَنِ المستفيد.. وأفسدَ المال الخليجي ما استطاع واستُخدِم في تخريب العلاقات والدول العربية بدل المساعدة في إعمارها.. وأصبح الخليجيون ينظّرون وينظرون إلى إيران على إنها العدو الأول وليس إسرائيل وحَمَلوا بذلك الهمّ الإسرائيلي ودافعوا عنه.. بل وصل الحدّ ببعضهم أن اعتبر أن سورية ورئيسها أخطر من إسرائيل (حسين شبكشي، الشرق الأوسط 16/8/2011)، فيما اعتبر طارق الحميد (الشرق الأوسط12/9/2011) أن عملية اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة تبيّن أن هناك محاولات جادة لإحراق مصر، متسائلاً، وهل قامت الثورة المصرية أصلا لإسقاط اتفاقية السلام مع إسرائيل؟ ليرى أن إشكالية مصر اليوم أن لا مكان فيها للطرح المتعقل، والأسئلة الجادة، مختتماً بقول كان دائماً هو نفسه يردده، وكأنه حكمة العصر: "لذا، فدائماً ما أقول: أعان الله مصر على المصريين!". وأقول إنه، لو لم يكن هذا الكلام في صحيفة "عربية" لشككت بأن قائله عربي، ومع ذلك، أتساءل هل كاتب هذا التجريح القاسي بحقّ الأشقاء المصرين هو على شيء من العقل والحكمة، أم على قدر واسع من الخبث والدهاء والحقد؟!

إذن لعب الكثيرون في الوقت الضائع، وفي فترة نوم مصر وحصار سورية، ولكن، ورغم كلّ الظروف والعقبات، ها هي سورية تخرج من محنتها، وها هي مصر العروبة تنفضُ الغبار عن تاريخها وحاضرها وتستعدّ لبناء مستقبلها المشرق. بيد أنّ المعركة لم تنته؛ مصر ما تزال، كما سورية، تتعرّض لمحاولة تحجيم دورها ومكانتها وضرب ثقلها.

المصريون أمام السفارة الإسرائيلية كانوا عروبيون ومسلمون ولم يكونوا فراعنة؛ فأزعجوا بعض الخليج الذي حسب أنه بأمواله يستطيع شراء الذمم والضمائر والقلوب أو أنه بقنواته التلفزيونية الفضائية يستطيع تغيير الواقع والقناعات؛ وأزعجوا بعض الغرب وربما كلّه، لأنه يعتبر إسرائيل الحصن الأول للدفاع عنه.. أما إسرائيل نفسها فما زالت ترتعد خوفاً من القادم ومن كلّ التطورات المقبلة، ومما اقترفته أيديها المجرمة بحق الشعب المصري والعربي وبحق المنطقة بشكل عام بعدما نامت طويلاً مسترخية على رمال سيناء.

ربما تحتاج مصر أن تعيد بناء العلاقات مع إيران لتتمكن من تحقيق التوازن في سياساتها الإقليمية تجاه إسرائيل العدو اللدود والغدار، وتجاه تركيا العثمانية والسلجوقية(رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان«أما نحن فدولة عظيمة وريثة السلاجقة والعثمانيين» صحيفة السفير 12/9/2011). وهذا التحوّل المصري الآخذ بالتشكّل لا يريده الخليجيون الذين حوّلوا وجهة الحرب؛ بدل أن تكون ضدّ إسرائيل أصبحت حربهم ضدّ إيران وتالياً ضدّ سورية وحزب الله.

مصر تحتاج أن تكون ذاتها وليس مصر الممسوكة والمحاصرة بالقرار الغربي والإسرائيلي، ولا بأموال الخليج التي أفسدت المنطقة وخرّبتها وتستخدم الآن لإعادة مصر إلى مرحلة الثبات والجمود عبر ممارسة كلّ أنواع الضغوط التي يشارك فيها الغرب وإسرائيل وربما الأتراك وكلّ من له مصلحة بإبعاد مصر عن دورها وعن الساحة الشرق أوسطية ليُظهر هو قامته القصيرة، وكأن البعض بدأ يدرك أنه إذا ما انتصبت القامة المصرية فليس للأقزام في الساحة مكان..

مصر لم تعد "فرعونيةً" كما أراد البعض عبر إعادتها إلى الوراء وتحنيطها.. مصر عروبية ومهد العروبة، والصفعة التي تلقاها الفتى المصري أيقظته ونبّهته إلى المخاطر المحدقة وإلى الاتجاهات التي يراد لمصر أن تسلكها.. وما نتمناه أن تثبت القيادة المصرية في وجه الضغوط والتحديات لتتمكن مع سورية من تصحيح الخلل ومن إيقاف المخرّبين والمتربصين بالأمة عند حدودهم!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.