تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ألا يوجد (ميدان للتحرير) فى قطر ؟!

 

بقلم د . رفعت سيد أحمد

لدىّ ، كمتابع ، للثورات العربية فى المنطقة (الزائف منها والصادق) سؤال برىء تماماً وهو: ألا يوجد ميدان للتحرير فى دويلة قطر ؟! ودوافعى للسؤال هو هذا الدور المشبوه الذى لعبته قطر عبر فضائيتها (الجزيرة) فى الانتخابات المصرية الأخيرة ، بل وفى الثورة كلها ؛ وكذلك الدور الخطير الذى لعبه حمد بن جاسم والمؤسسات القطرية الدينية والسياسية فى تمويل جمعيات أنصار السنة والتيار الوهابى وبعض المنظمات الحقوقية فى مصر منذ بداية الثورة بما يوازى نصف مليار جنيه – وفقاً لتصريحات وزير العدل ووزيرة التعاون الدولى – وكذلك دورهم فى تنفيذ المخطط الأمريكى (الذى كتبه وأعده جيفرى فيلتمان) لفرض حصار وعقوبات عربية على سوريا بعد أن فشل مجلس الأمن فى فرضها بسبب الفيتو الروسى والصينى ..

* إن دور قطر الإقليمى والدولى يتزايد ، وهى تقول أنها الداعمة الأولى للثورات العربية عبر وسائل إعلامها (تحديداً الجزيرة) التى نعترف أنها كانت قوية ومؤثرة وإن فقدت تدريجياً المصداقية ، لأنها تحولت كما قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إلى (أداة للتحريض وليس للإعلام) (انظر نص حواره مع محمد كريشان) ومن المؤكد أن (الثورات العربية) – التى تزعم قطر أنها الراعية والداعمة لها – كانت ثورات ضد الفساد والاستبداد والتبعية ، فإذا كان الأمر كذلك فإنها – أى قطر كان ينبغى من باب أولى ألا يكون بها فساد أو استبداد أو تبعية، إلا أن الواقع هناك ينبىء بغير ذلك ، فهذا الثالوث مستشرى فيها ، إلا أن القطيع الإعلامى و(الثورى) العربى الذى يسير خلف الجزيرة بلا وعى ؛ لا يراه أو لنقل أنه يغمض العين عنه فى نفاق رخيص لدولة تقدم الأموال والإعلام الذى ملأ الأفواه فلم تعد تنطق ، إذا كان الأمر أمر ثورة ، فإن قطر والسعودية والبحرين وباقى منظومة الخليج هى الأولى بهذه الثورة ، هى الأولى بأن نسأل وببراءة (ألا يوجد بهذه الملكيات الوراثية ؛ ميدان للتحرير) شبيه بميدان التحرير المصرى الذى فجر ولايزال يفجر الثورة المصرية؟ ولأن الأمر مع قطر تحديداً دوناً عن باقى منظومة الخليج العربى قد فاق الاحتمال، ودورها قد تجاوز حده والصمت لم يعد يليق خاصة بالشرفاء بعد أدوارها الخطرة تجاه الأمة وقضاياها وتجاه مصر - تحديداً – والذى وصل إلى حد تفكيكها وإشعال الحرائق الطائفية والسياسية بها عبر الجزيرة – بقنواتها المتعددة – فإننا لذلك نريد أن نلقى بكرة اللهب إلى الملعب القطرى قليلاً .. لنفتش فيه عن ثالوث الفساد والاستبداد والتبعية وعن أخطر قضية فجرت الثورات العربية وهى قضية (التوريث) ألا يوجد فى قطر صراع بين الأشقاء من أبناء حمد وموزة وزوجاته الثلاث ؟! .

* وطالما أن قطر قد فتحت باب الحرية والنقاش فى أدق تفاصيل المشهد المصرى والعربى (وتجاوزت فى دورها أحياناً كثيرة حدود المنطق والعقل) فلتسمح لنا إذن أن نجاريها ونسأل عن ملفات التوريث والفساد والاستبداد والتبعية هناك ولنسأل وإياكم : ألا يوجد فى قطر بعدما نقرأ عن كل هذا الاستبداد : ميدان للتحرير ؟ أم أن الأمر كله من ألفه إلى يائه مجرد مؤامرة لتفكيك المنطقة وإعادة تركيبها باسم الثورات ، والثورات منها براء ؟! .

* ولنفتح الملف .. وبهدوء علنا بفتحه ننير الطريق أمام المضللين من نخبتنا وثوارنا ؛ تحدثنا الوثائق المنشورة ، والتى تولت العديد من المواقع والصحافة الدولية ومنها جريدة الميدان المصرية (بتاريخ 12/10/2011) أن رياح الربيع العربى قد اقتربت من قطر بشكل كبير ولكن بسيناريو يختلف عن ثورات مصر وتونس وسوريا واليمن فقد تسربت أنباء أن صراعات تدور بشكل غير مسبوق بين أبناء الشيخ حمد آل ثانى للسيطرة على كرسى الحكم فى ظل تنامى الأخبار بإصابته (الشيخ حمد) بسرطان المعدة وفشل الأطباء الفرنسيين فى معالجته ويدور الصراع بين أبناء الشيخ حمد الثمانية عشر والذين أنجبهم من ثلاثة نساء على رأسهم الشيخة موزة والصراع على الحكم ليس غريبا على قطر ويبرز من أبناء حمد كل من جاسم ومشعل وتميم ولى العهد .

والشيخة موزة نفسها كانت ضحية لصفقة مالية وسياسية بين أبيها ناصر المسند الذى كان يعارض الحاكم السابق الشيخ خليفة فقد كان ناصر المسند من أهم المعارضين للحكم وتزويج ابنته من الشيخ حمد ابن الحاكم تم عبر صفقة سياسية تخلى بموجبها المعارض عن معارضته في مقابل نفوذ من نوع خاص لم يكن الشيخ خليفة نفسه يتوقع أن يتطور إلى درجة تصبح فيها العروس الضحية الشيخة موزة هي الحاكم الفعلي في قطر والعقل المدبر لعملية انقلاب أبيض أطاح بالشيخ الأب خليفة (عام 1995) بل أطاح بأولاد زوجها حمد من زوجاته الأخريات والذى بدأ فى الاشتعال المكتوم الذى لا يجد (قناة جزيرة) ولا (ميدان تحرير) فى الدوحة ليتحدث عنه !! .

****

* نحن لا نشك أبداً فى أن الشعب القطرى ، رغم صغر عدده (حوالى ربع مليون نسمة) أنه شعب عربى ، يرفض الظلم والاستبداد والتوريث ، والتبعية ، ويرفض أن يوصم بأن الدولة التى تعيش فيها أضحت بمثابة (إسرائيل) العربية التى تقود عملية التفكيك فى الوطن العربى باسم (الثورة) !! ، إلا أن حظه العثر أوقعه فى براثن ، من لا يرحم ، ومع ذلك يظل السؤال قائماً : ألا يوجد ميدان للتحرير كى يثور هذا الشعب على حكامه مثلما ثارت الشعوب العربية الأخرى ؟ ألا يخدش كرامة هذا الشعب وجود أكبر قاعدة أمريكية فى العالم فوق تراب بلده ؟ ألا يعلم هذا الشعب أن قاعدة العديد قتلت 2 مليون عراقى وهجرت 4 ملايين آخرين وفى حرب 2003 ودمرت نصف لبنان فى حرب 2006 ؟ وأزالت 25 ألف منزل فى غزة عام 2009 بالتعاون مع إسرائيل ؟ وقتلت 50 ألف ليبى فى عدوان الناتو الأخير باسم الثورة وهى بريئة من كل هذا الدم ؟! ألا يجرح كرامة هذا الشعب عندما يجد تآمر حكامه واضحاً وجلياً على الشعب الليبى ، والسورى ، والآن المصرى ، وأن دماء هذه الشعوب شاركت الأموال والأسلحة القطرية فى إراقتها ، ألا يعلم هذا الشعب أن صراعاً للورثة يقوم على أشده بين أبناء الشيخة موزة وأبناء الزوجتين الأولتين للأمير حمد آل خليفة وأن هذا الصراع سوف ينعكس سلباً على استقرار وأمن هذا الشعب ؟ ألا يحرك الضمير العربى لهذا الشعب أن يعلم أن رئيس وزراءه يمتلك قصراً فى مستعمرة (نهاريا) الصهيونية فى فلسطين المحتلة وأن سفارة العدو الصهيونى فى بلاده تتواطىء على الأمة العربية وعلى حقوق الفلسطينيين ؟ وأن الغاز القطرى الذى تستورده إسرائيل يغطى 35% من احتياجات الدبابات والأسلحة الإسرائيلية ؟ ألا يحركه الدور الخطير الذى لعبه حمد بن جاسم فى التآمر على سوريا فى جامعة الدول العربية بعد تهديده وابتزازه لأمينها العام نبيل العربى من خلال قضية جنائية متهم فيها زوج ابنة نبيل العربى الذى يعمل فى مشاريع اقتصادية فى قطر ؟ ألا يوجد لدى هذا الشعب القطرى ميدان للتحرير وإذا وجد – وأعتقد أنه سيظهر قريباً – هل تجرؤ (الجزيرة) على نقل ما سيجرى فيه من فعاليات مثلما تفعل مع مصر وسوريا وليبيا وغيرها من الدول العربية التى ابتليت بلعنة الربيع القطرى الكاذب هذا فى أغلب الثورات ؟ أم أنها فقط ترى (الربيع) فى بلادنا ولا تراه فى بلادها أم هى العين الأمريكية والإسرائيلية التى تقف خلف المشهد التفكيكى برمته ؟ .

* إن الوثائق المنشورة عن صراعات أصل الحكم فى قطر ، والتى تستلزم (ميدان تحرير) و(جزيرة) محترمة ؛ تقول أن الشيخة موزة كانت عراب الانقلابات في الأسرة الحاكمة وقد نفذتها اعتمادا على رأس حربة من أبناء العائلة نفسها ونقصد بها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني وزير الخارجية ورئيس الوزراء .

الشيخ المعزول خليفة – الذى أطاح به ابنه حمد - هو خال حمد بن جاسم فزوجة خليفة هي أخت حمد وقيل أن الأخت قطعت علاقاتها بأخيها بل أصدرت بيانا داخليا في أوساط العائلة وزعته من مقر إقامتها آنذاك في أبو ظبي أعلنت فيه براءتها من أخيها حمد ومن ولديها عبد الله ومحمد اللذين انضما إلى أخيهما حمد في انقلابه على أبيه بعد أن وزع حمد الكعكة على الجميع فمنح رئاسة الوزارة لعبد الله وقتها (والآن لحمد بن جاسم) ونصب خاله وزيرا للخارجية وهو الأمر الذي دفع إلى القول لقد وصل الملك لير إلى الدوحة والملك لير هو بطل إحدى مسرحيات شكسبير وتقوم المسرحية المذكورة على الخيانات والغدر في أوساط العائلة الواحدة !! .

وإذا كان الانقلاب التليفزيوني في قطر عام 1995 ؛ قد نجح في إيصال الشيخ حمد إلى حكم المشيخة إلا أن رفض الأب خليفة القبول بالأمر الواقع ودعمه لعملية الانقلاب الفاشلة كشف النقاب عن الكثير من أسرار الحكم في مشيخة قطر وعن علاقاتها الدولية والإقليمية . فقد تبين ان عائدات النفط تذهب بالكامل إلى حساب شخصي باسم الأمير (حوالي عشرة مليارات دولار) وان اقل من عشرين بالمائة من هذا الدخل يصرف على سكان المشيخة والأجهزة الخدماتية فيها.. وتبين أيضاً أن للأمير حصة معلومة في جميع الشركات والمؤسسات العاملة في المشيخة وان جميع رشاوى وعمولات صفقات العلاج والسلاح وخلافه تذهب إلى الأمير وأولاده .

هذه الأسرار خرجت إلى العلن بعد أن قام الابن بالطلب رسميا من البنوك السويسرية بالحجر على أموال أبيه ؛ على اعتبار أنها تعود للمشيخة وتم حل المشكلة وراء الأبواب المغلقة وبوساطات عربية بعد تعهد الأب بالامتناع عن القيام بأي تحركات مريبة أو الاتصال بمؤيديه في الداخل وموافقته على تسليم كبار معاونيه ممن كانوا آنذاك يقيمون في هيلتون أبو ظبي ؛ وإذا كانت الشيخة موزة قد نجحت في تنصيب ابنها جاسم وليا للعهد ثم إزاحته و جاءت من بعده بـ تميم وليا للعهد ؛ إلا أن هذا لم يمنعها من تطوير علاقاتها ودورها في أوساط الأسرة الحاكمة حتى تضمن المشيخة لابنها بعد وفاة زوجها الذي يعانى من مرض السرطان !! خاصة وان للشيخ الصغير (تميم) أكثر من خصومة.. فأخويه من زوجات أبيه يطلبان المشيخة لأنفسهما . وعمه القوي الشيخ عبد الله يرى نفسه أحق بولاية العهد لذا فتحت الشيخة موزة نافذة على واشنطن التى تحتل تقريباً نصف هذه (الإمارة) عبر قاعدة " العديد " ؛ ولايزال الصراع مستمراً .. ترى أين (الجزيرة) وأين ميدان التحرير القطرى؟! وألا يستحق كل هذا الفساد والتوريث ، ثورة ينايرية على ضفاف الخليج ؟! .

 

E – mail : yafafr@hotmail.com

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.