تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لاأحد يستطيع خسارة المواجهة.. والانفجار لن يستثني لبنان

محطة أخبار سورية

كل شيء في المنطقة يحتقن ويوحي بانفجار كبير محتمل. وحده توازن الرعب يلجم راهناً هذا الخيار التدميري. لا أحد يجرؤ حتى الآن في الضغط على الزناد الأول، ولكن الحديث عن الانفجار صار يومياً في التصريحات الغربية والإسرائيلية، وسط تضاؤل احتمالات الحل الدبلوماســي والصفــقات السياسية.

 

لأن إيران هي «العدو» الأبرز، فالحرب إذا وقعت ستكون طاحنة وتشمل سورية ولبنان، لأن احداً من أطراف الصراع لا يستطيع خسارتها.

 

لو خسرتها اسرائيل ستكون بداية نهايتها الفعلية بعدما أحدثته في داخلها هزيمة تموز 2006...لو خسرتها أميركا ستتعرض لهزة كبيرة بعد الخروج المهلهل من العراق وافغانستان وغيرهما.. لو خسرتها ايران ستعني انتهاء الثورة الإسلامية برمتها وانحسار الدور الايراني والعودة مئة عام الى الوراء (على حد وصف خصوم إيران)...

 

لو خسرتها سورية، ففي الأمر نهاية مأساوية لجزء من التركيبة الداخلية، والتحاق سورية المقبلة بأحلاف خليجية وغربية.. لو خسرها «حزب الله» لانتهت أسطورة المقاومة وانتهى معها جزء كبير من التوازن اللبناني الداخلي الدقيق بين طوائف اخترعت نمطاً غريباً من التآلف الذي يهتز عند كل مشكلة وأزمة.

 

ولأن أحداً لا يستطيع خسارة الحرب، فإن كل طرف سيستشرس في الدفاع عن مواقعه وحلفائه. وليس غريباً والحالة هذه ان يرتفع منسوب التصريحات الى حد التهديد المباشر، ففي التهـــديد رغبة بإبراز المخالب، ولكن فيه رغبة أكبر بلجــم الحرب والمغامرات.

 

ولأن الرهان الغربي والخليجي كبير على تركيا للعب دور عسكري في سورية مدعوم بحلف «الناتو»، تتعدد التصريحات الإيرانية المحذرة والمهددة. رئيس سلاح الجو في «الحرس الثوري الإيراني» أمير علي حاجي زاده يقول: «نحن مستعدون لمهاجمة الدرع الصاروخي التابع للناتو في تركيا إذا واجهنا تهديداً، وان موقف ايران من الآن فصاعداً سيكون الردّ على التهديدات بتهديد»، مضيفاً: «اذا استهدفت الصواريخ الاسرائيلية إحدى منشآتنا النووية او اي مراكز حيوية اخرى عندئذ يتعين عليهم معرفة أي جزء في اسرائيل سيجري استهدافه بصواريخنا من بين ذلك مواقعهم النووية».

 

يذكر الامر بتصريحات الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله باستهداف الشواطئ الاسرائيلية وعمق المدن في الأراضي المحتلة عام 1948.

 

ايران تستعد فعلاً لاحتمال مغامرة اسرائيلية، ولكنها تستعد أكثر لصد أي محاولة لضرب حليفها السوري في الوقت الراهن. وقد كان القادة الايرانيون واضحين في هذا المجال، تماماً كما كان السيد نصرالله، واضحاً، في الدفاع عن سورية في مقابلته المتلفزة الاخيرة، ذلك ان المطلوب في المرحلة المقبلة هو الانتقال الى مرحلة اخرى في الازمة السورية قد تحمل رفعاً لمستوى الكلام السوري والخروج من لهجة الدبلوماسية الهادئة التي أتقنها وزير الخارجية وليد المعلم فأغضبت جزءاً من الشارع السوري.

 

الاستعدادات للحرب قائمة. وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا زار قبل فترة اسرائيل. قيل انه جاء للجم الاندفاعة الاسرائيلية، ولكن قيل أيضاً إن مرحلة التنسيق في ذروتها. وجرى حديث عن زيارة سرية لرئيس الاركان البريطاني الجنرال ديفيد ريتشاردز الى تل ابيب. وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد قال في شهر أيلول الماضي إن ايران تخاطر بالتعرض لضربة عسكرية.

 

وعلى المستوى العسكري، قامت اسرائيل بمناورات جوية في جزيرة سردينيا الايطالية بمشاركة قوات اوروبية، واختبرت صاروخ «اريحا 3» العابر للقارات، وكثفت المناورات لحماية جبهتها الداخلية ذلك ان صواريخ ايران و«حزب الله» قادرة اليوم على ضرب العمق الإسرائيلي بقوة وشراسة تدميرية برغم منظومة «القبة الحديدية» الصاروخية الاسرائيلية. وايران جاهرت مؤخراً بكثير من العروض العسكرية ربما بغية لجم الاندفاعة الاسرائيلية والغربية لضربها.

 

وها هم غلاة الصقور في واشنطن يهددون ويتوعدون ايران. فيخرج جو ليبرمان للقول «إن الوقت المتاح لوقف الايرانيين عن انتاج القنبلة النووية ينفد منا». وتتكثف التصريحات بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حتى ولو ان ليون بانيتا نفسه يعتبر كما الكثير من القادة الاميركيين المدركين خطورة الحرب أن «العمل العسكري يبقى ملاذاً اخيراً»، وان العقوبات هي المطلوبة اكثر في الوقت الراهن.

 

العمل العسكري يبقى إذاً ملاذاً أخيراً، ولكنه خيار مطروح. هذا وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك يقول «إن إسرائيل متمسكة بموقفها القاضي بدراسة جميع الخيارات المتوفرة بما فيها الخيار العسكري ضد إيران، لشل برنامجها النووي»، وتعود النغمة الاسرائيلية والغربية القائلة بأن العالم غداة حرب ضد ايران «سيكون افضل من عالم غداة تصنيع القنبلة النووية الايرانية مهما كانت التكاليف».

 

تدرك اسرائيل ان قدرات «حزب الله» ستخرج عن إمكانية الضبط، وتتذكر ايضاً تهديدات نصرالله للانتقام من اغتيال القيادي العسكري في الحزب عماد مغنية (الحاج رضوان)، فهو قال حرفياً «إن القرار ما زال قراراً وسينفذ ان شاء الله في الوقت المناسب وضمن الهدف المناسب، وانا اقول للقادة والجنرالات الصهاينة حيثما ذهبتم في العالم الى أي مكان في العالم وفي أي زمان، يجب ان تتحسسوا رؤوسكم لأن دم عماد مغنية لن يذهب هدراً».

 

الأكيد ان لا ايران ولا «حزب الله» قابلان بسقوط سورية، والأكيد ايضاً ان القيادة السورية متجهة الى إبراز انياب عسكرية اكثر في المستقبل القريب، خصوصاً بعد مقتل 6 ضباط طيارين من ذوي التدريب العالي بسلاح الجو. قال بيان القيادة العامة للقوات المسلحة السورية قبل يومين «ستبتر اليد التي ستمتدّ الى الدم السوري». هذه أول اطلالة عسكرية مُهدّدة منذ بداية الازمة السورية قبل تسعة أشهر.

 

ولكن السؤال الأبرز: من سيجرؤ على البدء بخيار الحرب اذا صار حتمياً؟. تشعر إيران بان ثمة من يحاول جرها نحو فخ الحرب. شعرت بذلك حين تمّ اتهامها بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير. وشعرت ايضا مع كل اغتيال لأحد علمائها النوويين او قادتها العسكريين كما حصل في التفجيرين اللذين استهدفا قاعدة عسكرية غرب ايران قبل ايام، وأديا الى مقتل حسن تهراني مقدم المسؤول عن وحدة جهاد الاكتفاء الذاتي للصناعات العسكرية التابع للحرس الثوري، وهو باحث في العلوم العسكرية.

 

ولعل سورية قد تجد نفسها في فخ الحرب لو تحركت تركيا عند حدودها او لو حصل اختراق جدي عبر الحدود اللبنانية. فالقيادة السورية لا تستطيع عدم الرد على التحرك التركي، ويقال إنها مطمئنة الى التحالف الأمني مع ايران و«حزب الله» والى الغطاء السياسي الروسي والذي قد يتطور الى غطاء عسكري لو ساءت الأمور اكثر ذلك، ان موسكو منزعجة ايضاً وبقوة من الدرع الصاروخي التركي.

 

وربما «حزب الله» يشعر هو الآخر بانه مضطر للحرب لو ساءت أمور المنطقة الى حد يهدد مصيره ومقاومته وحلفاءه.

 

هي مجرد نذر حتى الآن، والجميع يقول إن الحرب مستبعدة، لكن بعد رفع الغطاء العربي عن سورية بحضور تركي في القاهرة، باتت المواجهة بين المشروعين في المنطقة في ذروة تأزمها، وكل الاحتمالات واردة بما فيها الانفجار الكبير ولبنان سيكون حتماً إحدى ساحات الانفجار، لو وقع.

سامي كليب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.