تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الصراع ليس في سورية.. بل على ما تمثّل!!

خاص/ محطة أخبار سورية

 

لم يعد سراً أن الصراع في المنطقة انتقل إلى مرحلة جديدة وإن بالتدرج. ولم يعد سرّا ً أن الأزمة في سورية ليست أزمة مطلبية وحرية وديمقراطية، كما جرى تصويرها حتى الآن. فقد تكشفت الحقائق والمواقف والأدوار بعد عدة أشهر من بدء هذه الأزمة. ربما بدأت القصة بالمطالب الشعبية التي عبّرت القيادة السورية عن أحقيتها ورغبتها في تنفيذها، وهي بدأت بذلك بالفعل وخطت خطوات متقدمة لا يريد الآخرون رؤيتها أو الاعتراف بها. لكنّ تكشّف هذه الكميات من الأسلحة المخبأة في الداخل السوري والأدوار الخارجية التي أصبحت أكثر وضوحاً، نقل الأزمة إلى مكان وجهة وموقع آخر مختلف كلياً.

وإذا ما استعرض المرء تبدّل المواقف الإقليمية والعربية والدولية أدرك ببساطة أن القيادة السورية لم تكن لترضي أحداً من هؤلاء حتى "لو أشعلت العشرة" كما يقال؛ فالمطلوب الذي يرضي هؤلاء هو تخلي القيادة السورية عن مواقفها ودورها وإسقاط الدور السوري والقبول بالمطالب الأميركية الواردة مباشرة أو عبر الوسيط التركي أو العربي. ومن هنا، وعلى هذه القاعدة يمكن التمييز بوضوح أين ومتى بدأت وإلى أين ستصل الأزمة السورية وكيف يمكن أن تكون نهايتها.

باختصار ستستمر الضغوط على سورية حتى لو قامت بكلّ إصلاحات العالم وأصبحت ديمقراطية أكثر من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.. وحتى لو تحولت سورية إلى جمهورية أفلاطون، لن يرضَ الغرب وأدواته عنها وعن دورها، وستبقى مجرمة ومدانة بنظره، ما لم تخضع لشروطه وإملاءاته، وهذا ما لم ولن يحصل في سورية قيادة وشعباً. ولذلك، فعندما اختارت سورية عدم الرضوخ، فهي اختارت، بكلام آخر، المواجهة والتحدي وإثبات الذات والثبات على المبادئ والأهداف حتى ولو كره الآخرون مع كلّ ما يقتضيه ذلك من تبعات وتحديات. وهذا يعني أن عليها أن تحشد كلّ طاقاتها لمواجهة الحملة المستمرة عليها، والتي بدأ يتضح أنها ليست وحيدة في المواجهة فيها أبداً.

سورية بلد التاريخ القديم والعريق، وبلد الجغرافيا السياسية، وبلد التجارب والخبرات، لم ولن تقدم على مغامرة غير محسوبة أبداً لو لم تكن متأكدة من قوتها الذاتية وقوة أصدقاءها وحلفاءها، ولما كانت تقف في وجه العاصفة الدولية بكل شجاعة وقوة وثقة. بالطبع تعرف سورية أن المرحلة الحالية والمقبلة ليست سهلة ولكنها أعدّت العدّة لكلّ الاحتمالات وللمواجهة التي ستفاجأ فيها خصومها وستلقّنهم درساً ربما لن ينسوه.

وإذا كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد ذهب في مؤتمراته الصحفية الأخيرة إلى أبعد الحدود في استخدام الدبلوماسية الهادئة وفتح النوافذ لإعطاء فرص إضافية للحل ولتجنب أكلاف أخرى أكثر قسوة ـ رغم أنّ ما أعلنه العرب والغرب، ونسيانهم الحديث عن الإصلاح في سورية والانتقال إلى المطلوب من سورية تنفيذه، يبيّن غاية هؤلاء وأهدافهم بوضوح ـ إلا أن الموقف السوري لا يعني أنه ليس لسورية قدرة أو حيلة تجاه هؤلاء، ولردّ كيدهم وضغوطهم المتكالبة على هذا الوطن العريق، ولكنّ العاقل يضع الأمور في مواضعها وتوقيتها.

من يتابع التفاصيل اليومية للإعلام العربي والغربي المعادي لسورية، والفبركات التي يقوم بها والتهويل والتضخيم الذي يمارسه، يدرك أن سورية قوية وقوية جداً، وإلا لما اضطر لمثل هذه السخافات وهذا الكذب والنفاق. ولعل المتابع بدأ يدرك أن ما أسقط النظام في تونس أو مصر أو ليبيا لا يمكن تكراره في أمة تشكل دولة متماسكة قوية وراسخة؛ سورية.

لقد اتضح تماماً الآن وبعد عدة أشهر من الأزمة المفتعلة في هذا البلد أن الجميع يبحث عن مصالحه من المعارضة إلى الدول الإقليمية والعربية والغربية الاستعمارية، وعلى حساب هذا الوطن وضده. ولكن اتضح أيضا أن الشعب السوري ومعه جيشه وقيادته يعرف أين أكثر أين هي مصالحه وهو يبحث ويدافع عنها بكل طاقاته، وبكل عزيمة وإصرار وثبات. ومن المؤكد أنه بعد هذا الوضوح الشديد في الرؤية، أصبح من السهل أكثر حماية مصالح الشعب السوري وتعزيزها وتقويتها والدفاع عنها.

نحن لا نستسهل قوة الأعداء ولا خبثهم ومكرهم وغدرهم، ولكننا لا نقلل أيضاً من قدرة شعبنا وقوته، وقد استعدّ لهذه المواجهة المريرة منذ تعليمات كولن باول بعد غزو العراق 2003، فيما كانت بروفة المواجهة وأبعادها وما سوف يليها ويترتب عليها عام 2006 أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان بدعم وتواطؤ عربي ودولي خبيث. سورية بدأت مرحلة الهجوم المعاكس وهي ترى النور بوضوح في آخر النفق، بل وترى الشمس ساطعة في كبد السماء.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.