تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العقوبات على سورية.. نقمة أم فرصة!!

خاص/ محطة أخبار سورية

 

تبدو العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية والعربية على سورية، ظاهرياً، كبيرة التأثير والأثر على الوضع السوري. وربما أُريد من إطلاقها زعزعة الاستقرار في سورية وضرب أحد مرتكزات النظام السوري القوية. فهل حقاً أن هذه العقوبات سيئة إلى هذا الحد أم أنه ـ إذا ما أحسن استغلال الظروف الراهنة ـ يمكن تحويلها إلى فرصة نادرة لتطوير سورية وإعادة النظر بالواقع الحالي وسبل تطويره!؟؟

من المؤكد أن العقوبات الاقتصادية، بالمبدأ، ستمسّ سورية وسيكون لها بعض التأثيرات والأضرار على الاقتصاد السوري والواقع السوري، وهذا بديهي وطبيعي، سواء على القطاع العام أو القطاع الخاص. ولكن الشيء المهم أولاً أن الشعب السوري فهم الرسالة خلف هذه العقوبات واستوعبها جيداً وتعامل معها بواقعية كبيرة، وردّ عليها بالرفض وحافظ على استقراره، وأكد أنه لن يندفع إلى حيث تريد؛ فرغم وجود بعض الأزمات المفتعلة في معظمها، سواء في موضوع الغاز أو المازوت أو بعض انقطاعات الكهرباء، فإن المواطن السوري تقبّل الوضع وبدأ البحث عن البدائل ولم يتذمر، كما في الظروف الأخرى، لأنه يدرك خطورة المرحلة وأنّ هناك شيء أهم يشغل باله، وأن هذه الأشياء الخدمية رغم أهميتها تهون أمام كرامة الوطن وعزته وأمنه واستقراره.

يرى الباحث الأمريكي "ستيفن كوفي" أن هناك أنواعا عدة للتفكير، ومنها التفكير الإيجابي؛ أي النظر إلى الأشياء بأن هناك فائدة أو جانب إيجابي فيها أو في جانب منها، بغض النظر عن السوداوية التي تبدو عليها في البداية. وهذا يعود سببه إلى نظرتنا إلى تلك الأشياء، والتي تحكم ردّة فعلنا في المرحلة التالية. وإذا عدنا إلى الحصار الذي فـُرض على سورية في فترة الثمانينات من القرن الماضي، نجد أن الظروف كانت أصعب والضغوط كانت أكبر والأزمة كانت أشدّ، ومع ذلك خرج السوريون منها بأقل الخسائر، وقد تعلموا دروساً كثيرة، يمكن أن نشير إلى بعضها، وإلى أخرى يجب تعلمها؛

أولاً، الاعتماد على الذات والعودة إلى استخراج واستخدام الطاقات الكامنة والمنتجة بدل الاعتماد على الخارج. وفي هذا السياق يمكن الإشارة، مثلاً، إلى أن سورية وبعد ذلك الحصار عادت إلى تطوير القطاع الزراعي بشكل واسع، فتنوعت المنتجات الزراعية وزادت كميتها وتحسنت جودتها. ووصلت الأمور إلى حدّ الاكتفاء الذاتي الغذائي، لاسيما في المواد الإستراتيجية، مثل القمح وزيت الزيتون والقطن. بل، تخطى الإنتاج الوطني من هذه المواد الهامة الحاجة الوطنية مما سمح بتصدير كميات كبيرة منه، وتخزين كميات أخرى لاستخدامها في ظروفٍ طارئة كالتي نمرّ بها. وهنا يبرز التأكيد على أهمية دعم وتطوير المنتج الوطني للاستغناء كلياً عن الاستيراد من الخارج لكلّ ما يمكن للبلاد إنتاجه!! لماذا نستورد الألبسة التركية ولدينا أفضل أنواع القطن والصوف والحرير !! وما ينطبق على الزراعة ينطبق على الصناعة أيضاً وعلى القطاعات المنتجة الأخرى.

ثانياً، إن مسألة الاعتماد على الذات تقتضي محاربة الفساد ومحاولة القضاء عليه في مؤسسات الدولة وكل مفاصلها، ولاسيما في الفترة الراهنة حيث ينشط عدد من الطفيليين والانتهازيين لاستغلال الأزمة الحالية لزيادة أرباحهم على حساب الآخرين وحاجاتهم الأساسية، مهما كانت الكلفة والنتائج. ومن المهم التأكيد هنا،على أن تقوم وزارة الاقتصاد وكل الجهات المعنية بالعمل الجاد على مراقبة الأسعار ومنع احتكار المواد والسلع لحماية استقرار الموطن وتأمين متطلباته اليومية والحياتية ومنع التلاعب به وبها. ولعل هذا يقتضي الوصول إلى إحداث هيئة لمكافحة الفساد للقضاء عليه تماماً وبتره.

ثالثاً، إيقاف الهدر. ولعل أبرز جوانب الفساد غير المباشر هو الهدر؛ هدر الأموال العامة في مشاريع غير ذي فائدة، والهدر في استخدام المنشآت والأماكن والمؤسسات التابعة للدولة، والهدر في استخدام الكهرباء والماء والوقود، وهدر الوقت وهدر الطاقات الموجودة والكفاءات البشرية وعدم الاستفادة منها...الخ، وهذا غيض من فيض.

باختصار، يجب أن تكون العقوبات المفروضة على سورية، رغم قسوتها، فرصة لإعادة النظر بالواقع السوري بكامله وإعادة النظر بالسياسات الاقتصادية والانكباب على الداخل السوري لتطويره وتقويته وتخليصه من الخلل الذي يعاني منه، للانطلاق نحو واقع جديد في جميع مناحي الاقتصاد؛ في السياحة والصناعة والزراعة والتجارة ليتم تجنّب النكسات في المستقبل، ولبناء سورية التي تعتمد على ذاتها، القوية القادرة على السير بخطى واثقة نحو الغد القادم المشرق.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.