تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

إمارة المال والاعلام .. قطر «العظمى».. إلى أين؟

محطة أخبار سورية  

في لقاء مع أحد أبرز رموز المعارضة السورية ممن كانوا جاؤوا للتو من العاصمة القطرية قال المعارض رداً على سؤال لنا عن فهمه للدور القطري في الأزمة السورية، إن الانطباع تولد لديه خلال الزيارة ولقاء بعض المسؤولين القطريين كما المحللون المحيطون بدائرتهم الضيقة، أن أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني يريد أن يسقط النظام في سورية ولو اضطر لإنفاق 100 مليار دولار أميركي على هذه الرغبة!

وعلى الرغم من أن هذه المعلومة نقلت لنا منذ أشهر، وبعد ندوة هامة أقامها مركز الدراسات الإستراتيجية في الدوحة الذي يديره المفكر عزمي بشارة، إلا أن خلفيتها لم تكن ظاهرة. وقد طلب مني المعارض الشهير حينها التحفظ على مقولته، وبالطبع على اسمه، إلا أن جملة من التطورات في الأسبوعين الأخيرين تشير لما لهذا الكلام من أهمية، خصوصاً أن القيادة السورية، ظلت غير واثقة تمام الثقة من المرمى القطري في أحداث سورية. وعلى الرغم من السياسة الحادة والمنحازة لمحطة «الجزيرة» المملوكة قطرياً تجاه دمشق، ظلت الاتصالات قائمة بين الطرفين، كما استمر أمير قطر بإرسال رسائل «دافئة» للجانب السوري، مبدياً «عجزه» تجاه «الجزيرة المستقلة مهنياً» عن حكم الأمير وفق ما تنقله مصادر سورية واسعة الاطلاع لـ«الوطن»، بل إن عاملاً واحداً لم يتوقف عن التوجه

إلى عمله صباح كل يوم للاستمرار في بناء مقر إقامة «سياحي» لأمير قطر على سفوح إحدى الهضاب المحيطة بدمشق والمطلة على يعفور وضواحي العاصمة.

وبالنظر إلى تطورات الأسابيع الأخيرة، ثمة ما يشير إلى انكشاف الدور الهائل الذي تلعبه الخزائن القطرية في العالم العربي وفي محيط السعودية، التي شكلت منذ زمن طويل عقدة نفسية لدى إخوانها في الإمارة الصغيرة.

فبدءاً بإعلان نائب كويتي عن قيام قطر بمحاولة شراء ذمم في مجلس النواب الكويتي بمبالغ قاربت 200 مليون ريال قطري، إلى إعلان نائب وزير الإعلام اليمني عبده الجندي أن قطر «تدعم العنف» عبر «الإعلام والمال» و«تريد دمار اليمن» داعياً القطريين إلى «مراجعة أميرهم فيما يفعل»، ليأتي لاحقاً اتهام الملياردير نجيب ساويروس لقطر عبر برنامج (القاهرة اليوم) بدفع 100 مليون جنيه للحركات الإسلامية قبيل الانتخابات المصرية. وقد سبق ذلك اتهامات ليبية لقطر بالتدخل في الشأن الداخلي بعد أن ساهمت بالمال والسلاح بإزاحة العقيد معمر القذافي، كما يبدو لافتاً قيام أمير قطر عشية الانتخابات المغربية بالإعلان عن ضخ استثمارات بما يعادل مليار دولار مع الإعلان عن توقع فوز ساحق للإسلاميين وهو ما جرى. وتتزامن هذه الأحداث مع الإعلان عن تقليص التمثيل الدبلوماسي لروسيا في قطر إثر اعتداء غامض على السفير الروسي وطاقمه في مطار الدوحة ومحاولة الكشف عن مضمون الحقيبة الدبلوماسية الروسية.

وفي سياق ما ذكر من الصعب تجاهل ما سبق أن ورد في آخر اجتماع لوزراء الخارجية العرب، والذي انتهى إلى تهديد سورية بتعليق عضويتها حين أسكت رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم وزير خارجية الجزائر مراد مدلسي بالقول إن «الدور عليكم» وقد نفت وزارة الخارجية الجزائرية هذه الحادثة، إلا أن ثمة معلومات لدى «الوطن» تشير إلى أن الجزائر قد عبرت عن «شعورها بأن ثمة ما يحاك ضدها في الكواليس القطرية» لمسؤولين عرب آخرين، ولاسيما فيما يتعلق بحصص الإخوان المسلمين في الحكم الجزائري ومستقبلهم.

إن النظر إلى جغرافية هذه الأحداث، يشير إلى طموح قطر الذي يمتد من المغرب فالجزائر فليبيا فتونس مروراً بمصر، ناهيك عن السودان، ومن ثم في اليمن ونهاية طموح ربما هو الأكبر في سورية.

وقد سبق لدبلوماسي من دولة عظمى صديقة لسورية أن قال لـ«الوطن» منذ أشهر إن «دبلوماسية الحقائب التي تمارسها قطر لن تنفع مع دمشق» مشيراً إلى اعتبارات من بينها أن دور قطر بني أساساً على التعاون مع قوى إقليمية ودولية من بينها سورية في السابق، وأن نجاح هذا الدور في دمشق يقوم على التعاون مع تركيا والسير ساقاً إلى ساق مع الولايات المتحدة وفرنسا.

مشيراً إلى ما يعوق هذا التحرك من تحرك إقليمي ودولي مضاد لا يقل شراسة ولا قوة متمثلا بالدعم الروسي لدمشق والتحالف الإيراني والعراقي معها.

إلا أن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة هو أين يتوقف الطموح القطري لا مراده، وهو واضح من اعتلاء رموز دينية لنجاحاته؟ وهذا السؤال معقد لأسباب مرتبطة بعوامل ضعف هذه الإمارة (الكادر البشري، وصغر المساحة والانكفاء تحت المظلة السعودية) كما هو لعاملي قوتها وهما المال والإعلام، ونسبياً القاعدة الأميركية فيها. وربما قصة هذه القاعدة توضح شيئاً من نمط التفكير القطري، ومقاصده. إذ يروي الكاتب العربي طلال سلمان قصة شخصية له مع أمير قطر، حين شرح كيف استطاعت الإمارة القطرية حيازة أرض نزاع بينها وبين السعودية، إذ لجأت للأميركيين للمساعدة، فطلب هؤلاء تطبيعا مع إسرائيل، قبل به القطريون على الفور ونفذ عمليا، بينما أعلنت الولايات المتحدة عزمها إنشاء قاعدة أميركية في الأرض (القطرية) ذات الخلاف، مما دفع المملكة السعودية لابتلاع غيظها والابتعاد.

هذه العقلية مع التوقف ملياً عند النزاع العائلي الذي قاد لتوليها الحكم، توضح إلى أي حد يمكن أن يذهب الأداء السياسي والمالي والإعلامي لأمير الدولة الصغيرة، وبالتالي هي تدعو للتفكير كيف يمكن إيقافه عند حدود حجمه الحقيقي لا المأمول..

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.