تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مارك توين (1835 – 1910)

lمحطة أخبار سورية

 

صدرت مؤخراً مذكرات الروائي والكاتب الساخر الأمريكي الشهير مارك توين بعد مائة عام على وفاته بناء على وصيته الذي طلب فيها ألا تنشر إلا بعد مرور قرن كامل وذلك لضمان «أن يتوفى جميع الأشخاص الوارد ذكرهم فيها، إضافة إلى أقربائهم وأصدقائهم وكل من هم في موقف يسمح لهم بالشكوى» ليعود ويحتل هذا الكاتب الفذ مرة جديدة قائمة أكثر الكتب مبيعاً عالمياً بعد وفاته كما احتلها مراراً في حياته. ولد صمويل لانغهورن كليمنس (وهو الاسم الحقيقي لمارك توين) في قرية فلوريدا بولاية ميسوري في الجنوب الأمريكي في 30 تشرين الثاني / نوفمبر عام 1835 لأب تاجر من ولاية تينيسي يدعى جون مارشال كليمنس وجين لامبتون كليمنس، وكان ترتيبه السادس من بين سبعة إخوة مات ثلاثة منهم في مرحلة الطفولة، وعندما كان توين في الرابعة من عمره، انتقلت أسرته إلى هانيبال بولاية ميسوري وهي مدينة صغيرة وميناء نهري على المسيسيبي، أصبحت تلك المدينة نموذجاً لمدينة سانت بطرسبورغ الخيالية التي دارت فيها أحداث معظم رواياته وقصصه. عندما كان توين في الثانية عشرة من عمره توفي والده بالالتهاب الرئوي، مما اضطره للعمل من أجل تحصيل رزقه، وبدأ بالعمل أولاً في مجال الطباعة حيث كان يقوم بصف الحروف، كما بدأت في تلك الفترة أولى محاولاته في الكتابة ونشر مقالات وتعليقات ساخرة لجريدة هانيبال التي كان يملكها شقيقه الأكبر، ولما بلغ الثامنة عشرة من عمره، غادر مدينته الأم وتنقل شمالاً وشرقاً في الولايات المتحدة حيث زار المدن الكبرى نيويورك وفيلادلفيا وسانت لويس وسينسيناتي وعمل فيها في مجال الطباعة أيضاً، كما قام بمحاولة التعلم والتثقيف الذاتي حيث كان يقضي أمسياته في القراءة في المكتبات العامة في تلك المدن، واستمرت رحلة توين في العمل والتعلم والاستكشاف عبر الولايات المتحدة لأربعة أعوام قبل أن يعود إلى موطنه الأم. غرام توين بنهر المسيسيبي دفعه إلى تعلم مهنة جديدة وهي مهنة ربان سفينة بخارية والتي كانت وسيلة النقل الأساسية على طول النهر الذي كان يربط شرق الولايات المتحدة بغربها، ونظراً لأن هذه المهنة كانت تتطلب معرفة وافية بكل تفاصيل النهر التي تتغير باستمرار، فقد استغرق توين عامين في دراسة (3200 كيلومترا) من نهر المسيسيبي بتعمق قبل أن يحصل على ترخيص بالعمل كقائد سفينة بخارية سنة 1859. لكن مهنة توين الجديدة لم تعمر طويلاً بل توقفت إثر نشوب الحرب الأهلية الأمريكية وتوقف الملاحة في النهر نتيجة لذلك. الحرب دفعت بتوين إلى الاتجاه غرباً حيث سافر إلى ولاية نيفادا وجرب حظه بحثاً عن الثروة في مدينة «فرجينيا – غرب» حيث حاول العمل والاستثمار في مناجم الفضة الغنية في تلك المنطقة، لكن محاولاته تلك بائت في الفشل، وتعويضاًَ عن ذلك عاد إلى الصحافة حيث وجد عملاً في جريدة محلية تدعى « تيريتوريال إنتربرايز»، وفي عام 1863 استخدم صمويل كليمنس الاسم الأدبي الذي أصبح لصيقاً به طوال حياته «مارك توين» في مقال نشره في تلك الصحيفة في 3 شباط/فبراير 1863. انتقل توين إلى سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا على الساحل الغربي للولايات المتحدة عام 1864 حيث استمر في ممارسة العمل الصحفي، لكن أول نجاحاته الأدبية جاءت من الشرق عندما نشرت قصته الطويلة «الضفدعة النطاطة المحتفى بها القادمة من مقاطعة كالافيراس» في جريدة «نيويورك ساترداي برس» في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1865. في العام التالي بدأ توين نشاطاً جديداً وهو مراسل متجول للصحف الأمريكية، حيث بدأ بزيارة جزر هاواي في المحيط الهادئ، وبعدها قام برحلة مطولة إلى الشرق عام 1967 حيث زار بلاد الشام ووصف رحلته هذه في كتابه الشهير «الأبرياء في الخارج» الذي صدر عام 1869. انتهت حالة الطواف التي كان يعيشها توين عام 1870 بزواجه من «أوليفيا لانغدون» التي كانت تنتمي إلى أسرة ثرية وليبرالية وسكن الزوجان أولاً في مدينة بوفالو بولاية نيويورك لينتقل في العالم التالي إلى مدينة هارتفورد بولاية كونتيكت حيث قضى بقية حياته هناك، وأنجب الزوجان أربعة أطفال هم لانغدون الذي توفي وهو ما زال طفلاً دون الثانية من العمر وثلاثة بنات هم سوزي وكلارا وجين، وفي تلك الفترة تعرف توين على مجموعة من كبار المثقفين الأمريكيين وأقام صداقات معهم من أمثال «هارييت بيتشر ستاو» (مؤلفة كتاب كوخ العم توم) و«فريدريك دوغلاس» (داعية إلغاء العبودية والدفاع عن حقوق الأمريكيين من أصل أفريقي)، والكاتب ومنظر الاشتراكية اليوتوبية «وليام دين هاولز». في هارتفورد كتب توين أهم أعماله الروائية وهي: «مغامرات توم سوير» (1876)، و«الأمير والفقير» (1881)، و«الحياة على المسيسيبي» (1883)، ومغامرات «هكلبيري فين» (1884) و«يانكي من كونيكتيكت في بلاط الملك آرثر» (1889)، كما أصدر كتاباً آخر ضمن أدب الرحلات هو «صلعوك في الخارج» (1880) عن زيارة قام بها لأوروبا، وفي عام عام 1906 بدأ بنشر قصة حياته مسلسلة ضمن صحيفة «نورث أمريكان ريفيو»، ورغم أنه لم يحظ بأي تعليم أكاديمي في حياته فقد منحته جامعة أكسفورد الإنكليزية العربية درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب. وهناك جانب آخر من حياة توين بالإضافة إلى الكتابة وهو ولعه بالبحث العلمي حيث اعتاد أن يقضي ساعات طويلة في مخابر كل من «نيكولاس تلسا» و«توماس أديسون» أهم مخترعي ذلك الزمان يراقب أعمالهم وأبحاثهم، وتوجد هناك ثلاث براءات اختراع مسجلة في أمريكا باسمه، وقد كانت إحدى أولى الأفلام السينمائية التي صورها أديسون هي فيلم عن مارك توين. وقد ذُكر أن توين قال عام 1909: «لقد جئت إلى هذا العالم مع مذنب هالي سنة 1835، وها هو قادم ثانيةً العام القادم، وأنا أتوقع أن أذهب معه..» ولقد صدقت نبوءته؛ إذ توفي توين بأزمة قلبية في ريدنغ بولاية كونيكتيكت في الثاني من نيسان /أبريل 1910، بعد يوم واحد فقط من اقتراب المذنب من الأرض، ودفن في مقابر أسرة زوجته في وودلون بمدينة إلميرا في نيويورك، فيما حول بيته في هارتفورد إلى متحف دائم يخلد حياته. مختتمين بكلمات قالها مارك توين في كتابه «الأبرياء في الخارج»: («دمشق» لن تموت أبداً، السنوات هنا ليست إلا لحظات، عشرات السنوات هي فتات غير ملموسة للزمن، هي نموذج للخلود).     

 

*************************************************************************************

 

                                                                       باسمه تعالى

 

حضرة ابن العم المكرّم الدكتور مازن صبَّاغ المحترم:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تحية مباركة وبعد:

كل الشكر والامتنان للصديق القريب والأخ العزيز الدكتور مازن على تلطفه وتكرمه بإهدائي المؤلفات القيمة التي توثق حركة تاريخ الأمة المجيدة منذ نهضتها الماجدة. وسروري بالغ بقراءة تلك المؤلفات التوثيقية الرائعة التي لبّت بعض تطلعاتي إلى وجود وثائق لتدحض التزوير والتشويه لحركة الأمة والمجتمع. وكانت هذه المؤلفات كبيرة في الشكل والإنجاز وقيّمة في المحتوى والمضمون وبتأمل يسير في بعض العناوين أوحى لي أن أقرأ كتاباً آخر قيماً لا أبالغ إن وصفته بأنه أروع كتاب أخرجته المطابع العربية طبعته الأولى 1963 وحاز على جائزة الدولة وطبعة ثانية 1972 وهو كتاب دراسات فنية في الأدب العربي. فبين هذا الكتاب وكتب الدكتور مازن يوسف الصبَّاغ الأخيرة تطابق في نبل الهدف وشرف المقصد كلا الإنتاجين يرسلان بوارق الأمل في نفوس أبناء الأمة الذين يخشى عليهم أن ينأوا عن أصالة ثقافتهم وتاريخ أمتهم ونضالهم المشرّف من أجل صون هويتهم ويفهموا أن التقدم والتطور لا يعني إلغاء التراث بل يعني الحفاظ عليه في سيرورتنا التقدمية. فالدكتور اليافي قصد من مؤلفه؛ تنبيه الشباب على اليقظة والوعي لمخزون ثقافتهم العربية الأصيلة وبعث روح البحث العلمي والاستفادة من مناهج البحث دون نسيان الرابط القومي والعاطفي والروحي الذي يجمعنا. والدكتور مازن الذي أعرفه عن كثب فهو الذي كان من مؤسسي المنظمات الشبابية التربوية والثقافية في الجزيرة في أوائل سبعينيات القرن الماضي. ويوم رشح لمجلس الشعب؛ لازلت أتذكر حينها قول المرحوم المرجع الروحي للسادة الحسينيين السيد الشيخ إبراهيم الحسيني القادري (مازن مرشحنا لمجلس الشعب). لأنه يمثل الأصالة والوحدة الوطنية ولأنه ينتمي إلى جذور راسخة في العمل الوطني والإنساني. فلا عجب أن تكون جهود الدكتور مازن في التأليف مساهمة جليلة لسد حاجات الشباب والمؤسسات الثقافية والإعلامية لأدق التفاصيل وأوثق الوقائع للحراك السياسي والاجتماعي في بلدنا الحبيب سورية. وبالتالي أيضاً من حيث الروح التي تنبض بها تلك المؤلفات لا عجب أن توحي إليَّ بالرجوع إلى ما يشابهها في الهدف والغاية فأعيد قراءة ذلك الكتاب القيم (دراسات فنية في الأدب العربي) لأنه يعرض القيم الجمالية وملامح أطوار الشعر العربي، والشعر العربي وفكرة الزمان، والتطور الاجتماعي.. أكرر شكري من الأعماق لكم ابن العم الغالي الدكتور مازن يوسف الصبَّاغ وأتمنى أن ينهج المخلصون أمثالك نفس المنهج في بناء الوطن وبناء الإنسان معاً.

 

                                                          المخلص:محمد محمود القادري نجل السيّد الشيخ إبراهيم الحسيني القادري

                                                                                   الحسكة     2/ 12 / 2011

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.