تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المؤامرة.. والمصالح !!

خاص/محطة أخبار سورية

 

يكثرُ الحديث في العالم العربي عن المؤامرات الغربية على بلداننا أو المؤامرات الاستعمارية، أو المؤامرات الإسرائيلية...الخ. وأياً تكن دقة تلك التوصيفات التي تطلق عادة على التصرفات أو السياسات الغربية أو الإسرائيلية تجاه منطقتنا، فإنه من المنطق أحياناً الحديث عن المؤامرات ولكن ليس دائماً.

المؤامرة هي خطة تحاك بالسّر لتغيير واقع معين أو لفرض واقع آخر، أو لتحقيق غايات وأهداف معينة معينة بطريقة ملتوية. وهذا يحصل عندما تـُظهـِر دولة معينة أنها تنهج سياسة علنية مكشوفة مثلاً، تجاه دولة أخرى، ولكنها في واقع الأمر تكون تنفذ أو تتبع سياسات أخرى في السّر لتقويض تلك الدولة والتأثير على مصالحها واستقرارها. أما عندما تعلن الدول سياساتها التي تقودها وتتبعها وتنفذها فعلاً، فلا يمكن الحديث عندئذ عن مؤامرة. والمؤامرة قد تكون خارجية وقد تكون داخلية، وربما تكون خارجية ولكنها تنفذ بمساعدة أطراف في الداخل.

وإذا أخذنا الولايات المتحدة مثلاً، فإنها كانت تنفذ مؤامرة كبيرة عندما أتت وأعلنت أنها استهدفت العراق أو ليبيا أو الصومال لتطبيق الديمقراطية ونشر الحريات وغير ذلك من الشعارات البراقة التي ثبت أنها لم تكن الأهداف الحقيقية للاحتلال الأمريكي الذي خلّف الويلات في هذه البلدان. والدليل أيضاً على النفاق الأمريكي، أن أغلب حلفاء أمريكا من المماليك العربية ولاسيما في الخليج غير ديمقراطيين وليست عندهم أي قواعد للحريات مثل حرية المرأة والانتخاب وتشكيل المجالس الشعبية، ومع ذلك فالولايات المتحدة لا تتحدث عن الديمقراطية في هذه البلدان ولا عن الحرية إلا فيما ندر، وبشكل خجول جداً.

أما عندما تتحدث الولايات المتحدة عن حقوق إسرائيل وعن حماية إسرائيل وعن أنّ  أمن إسرائيل من أمنها، فهي لا تستخدم المؤامرة، لأنها تعلن مواقفها وسياساتها التي تكررها وتنفذها جهاراً ومنذ عشرات السنين، ولكن المشكلة أن بعض العرب ولاسيما بعض الفلسطينيين لا يريدون أن يقرأوا أو يعلموا أو يروا تلك المواقف والسياسات. وما تقوم به الولايات المتحدة في هذه الحالة هو ملاحقة مصالحها وحمايتها. ولا نتحدث هنا عن مشروعية هذه المصالح أو عن عدالة مواقف واشنطن، فهذا موضوع وشأن آخريَن، لأن الولايات المتحدة لا تفكر في "العدالة" و"المشروعية" إلا عندما تخدم مصالحها.

وما قامت به كل من قطر وتركيا من خلال السياسات التي اتبعتها الدولتان تجاه سورية خلال الأعوام الأخيرة، يصنّف بوضوح في خانة المؤامرة. والسبب أن الدولتان أعلنتا التعاون مع سورية والتخطيط والبناء للمستقبل المشترك، وتم الحديث عن الشراكة وربط البحار الخمسة وتطوير الاقتصاد، وكل أشكال التعاون...الخ، ولكن تبيّن أن الدولتين كانتا تتبعان سياسة أخرى هدفها تقويض الدولة السورية والحكم في سورية وضب المجتمع السوري وهذا مؤامرة خطيرة وخبيثة وقذرة. والأسوأ أن ما قامت به الدولتان، لا يخدم مصالحهما أو الشعبين القطري والتركي. بل على العكس فقد أكد الكثير من القطريين والأتراك الخجل من سياسات بلديهما تجاه سورية في الأشهر الأخيرة. وعبّروا عن الشعور بالخزي والسخط وهاجموا تلك السياسات. وفي هذا السياق، يمكن اتهام الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ودول عربية أخرى بالاشتراك بالمؤامرة، لأنها أيّدت ودعمت وربما ساهمت في التخطيط لما قامت به كل من قطر وتركيا، وإن يكن من خلف حجاب.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.