خاص/ محطة أخبار سورية
منذ أن أتينا إلى هذه الحياة وهذا الكون ونحن نسمع عن التبذير الخليجي والإسراف الخليجي في تبديد أموال الأمة العربية على الملاهي وبنات الهوى وحدائق الحيوانات في بريطانيا...الخ. وكنّا نسكت لأن "الأشقاء" يعتبرون أن أموال النفط هي أموالهم الخاصة وليست أموال الأمة قاطبة، والتي من المفترض استخدامها في الدفاع عن هذه الأمة وبناءها وتطويرها وتقدمها، وكنا ـ كعرب غير خليجيين ـ لا نريد إزعاجهم أبداً.
تحملت سورية، مثلا، المشاق الكثيرة في سبيل الأمة العربية ومنها الخليج، ولم تطلب ثمناً أو مقابلاً، والسوريون بغنى عن هؤلاء وعن أموالهم. ولكن أن يتحول المال الخليجي بشكل عام والقطري بشكل خاص لقتل السوريين وتدمير مستقبلهم فهذا ما لا يجب السكوت عنه.
فمنذ بداية الأحداث في سورية قبل قرابة تسعة أشهر، كان واضحاً حجم التدخل الخليجي ولاسيما القطري في إذكاء نار هذه الأزمة في سورية المقاومة، سواء عبر تقديم المال والسلاح أو عبر التغطية الإعلامية القذرة والمنافقة والمنحازة التي اعتمدت الكذب والنفاق وتضخيم الأحداث والتحريض على العنف والقتل والتخريب وقلب الحقائق وتشويه الواقع. وهو ما حولّ قطر خصماً وطرفاً في الأحداث والجرائم التي وقعت وما زالت تقع على الأراضي السورية. وأكملت قطر مسيرتها التخريبية بالضغط على الجامعة العربية لاستصدار قرارات ضد سورية وشعبها. وليست قطر وحدها، بل سايرتها معظم الدول الخليجية.
ما قامت وتقوم به قطر سبّب إهانة وأذى للشعب العربي السوري بكامله. وسبّب أيضاً أضراراً كبيرة للعديد من السوريين بشكل مباشر؛ مادية وجسدية وفقد العديد منهم أصدقاء وأقارب وأحباء بسبب التمويل والسلاح والإعلام القطري والخليجي. أكثر من ذلك، فإن تبعات ما يجري في هذا البلد الصامد من تخريب وتهديم وتأثيره المستقبلي على تأخير مشاريع التنمية والتطوير في سورية، هو مسؤولية قطرية وخليجية مباشرة. ويكفي أن نذكر حالات كثيرة نسبت فيها القنوات التلفزيونية القطرية والخليجية ووسائل إعلام هذه البلدان تصريحات لمواطنين سوريين أو أذاعت أنهم قتلوا ولم يكن الأمر كذلك أبداً، ناهيك عن عمليات القتل الممولة قطرياً .
ومع ذلك، فعلى السوريين ألا يتخلوا عن العروبة، لأن سورية هي قلب العروبة النابض؛ كانت وما زالت وستبقى. ولكن على السوريين أن يعلّموا هؤلاء الطارئين على العروبة والعمل العربي، معنى العروبة الحقّة ومعنى الوطنية الحقّة ومعنى القومية أيضاً. وعلى كلّ حال، فهُم بدأوا بذلك عندما رفضوا جميعاً قرارات الجامعة العربية وما تمثله ومن تمثلهم ومن يقف خلفهم.
لكن المطلوب أيضاً، وهذا هو الأهم، محاسبة قطر والدول التي تورطت في قتل السوريين وموتهم وإهدار دمائهم. مطلوب أن يدفع هؤلاء ثمن كلّ ضرر تسببوا فيه للسوريين مالياً ونفسياً ومعنوياً واجتماعياً وحياتياً وجسدياً، ليتعلموا ألا يكرروا ذلك في المستقبل. مطلوب من كلّ من أساء إلى سورية وسمعة سورية قيادة وشعباً وجيشاً أن يدفع الثمن، وعلى السوريين سلوك كل الطرق للمطالبة بحقوقهم وتحصيلها. يجب أن يعلم الجميع أن السوريين يهادنون ويقبلون ما قد يصدر عن الإخوة، ولكن ليس ما يهين كرامتهم ويتسبب في قتل أفراد منهم أو إيذائهم. وعندما نطالب بالحساب، فهذا ليس انتقاماً ولكن دم السوريين وأموالهم وحياتهم مقدّسة ولها حرمة ممنوع على الآخرين انتهاكها.
