تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صحيفة الخليج الاماراتية: مسمار "جحا" الأمريكي

 

محطة أخبار سورية

كان مأمولاً أن يندحر الاحتلال الأمريكي تماماً عن أرض الرافدين مع نهاية العام الحالي، ويتمكن العراقيون من أن يمسكوا بزمام أمورهم، وإدارة شؤونهم من دون ضغوط خارجية، ومتحررين من قيود الاحتلال الذي دمر البلاد والعباد .

كان مأمولاً، أن تكون بداية العام المقبل، عام استقلال وحرية وتحرر من كابوس احتلال غاشم جثم طويلاً على صدر العراقيين فشتت شملهم، وقتل ودمّر، وزرع كل بذور الفتنة والشرور والفساد، وعبث بمقدرات البلاد، فأحال العراق إلى كيانات طائفية ومذهبية وعرقية، وعبث بتراثه وتاريخه وسمم علاقاته بدول الجوار، وحاول نزعه من حضن أمته العربية وإقصاءه عن همومها وقضاياها .

لكن يبدو أن الاحتلال الأمريكي الذي استمرأ ممارسة لعبة الامبراطوريات، قرر أن يستبدل بالاحتلال المكشوف احتلالاً مقنعّاً، لأنه لم يرتو بعد من العراق وثروته وموقعه الاستراتيجي، ولم يحقق كل أهدافه التي من أجلها قام بعملية الغزو والاحتلال، وفي قلبها دور العراق العربي وموقعه في الصراع مع الكيان الصهيوني .

واضح من تصريحات المسؤولين الأمريكيين الملتبس منها والصريح، خصوصاً تصريح الرئيس باراك أوباما الذي أشار إلى ضرورة الحفاظ على مصالح أمريكا في مجالات النفط والاستثمار والتجارة، بأن الولايات المتحدة تعتزم الابقاء على سياسة نهب ثروات العراق، كما أنها مصممة على إبقاء ما يقارب 16 ألف جندي وخبير ومتعاقد في مرحلة ما بعد الانسحاب .

إن هذا العدد من العسكريين الأمريكيين الذين سيلحقون بالسفارة الأمريكية في بغداد، هو أحد أشكال الاحتلال، إذ لا يوجد هذا العدد من الموظفين الذين يعملون في أي سفارة في العالم، خصوصاً أن هؤلاء سيتمتعون بالحصانة الدبلوماسية، أي أنهم لن يخضعوا للقوانين العراقية، وستشملهم الحصانة إزاء أي جريمة يرتكبونها بحق العراقيين .

ينسحب الاحتلال الأمريكي رسمياً من العراق، لكنه يبقى بشكل رسمي من خلال "جيش بديل" تعداده 16 ألف جندي .

إنه مسمار جحا الأمريكي الذي سيبقى  تحت ذرائع وحجج شتى ومن بينها حماية العراق من جيرانه، وعدم قدرته على حماية حدوده أو وقوعه تحت تأثير وسطوة "الجيران" . . لكن له أهدافه الأخرى بالتأكيد .

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.