تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عندما تحاصر تركيا نفسها!!

خاص/ محطة أخبار سورية

 

قبل أكثر من عقد من الآن، وتحديداً يوم وفاة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، قام الرئيس التركي آنذاك بزيارة دمشق وقدّم واجب التعزية، رغم العلاقات التي لم تكن في أحسن حالاتها. وفـُهمت الزيارة التركية يومها بأنها فتح نافذة لمرحلة جديدة بين البلدين سرعان ما التقطتها القيادة السورية. وبدأت مرحلة جديدة من العلاقات السوريةـ التركية وصفها الكثيرون، وحتى طرفيها، بأنها غدت علاقات إستراتيجية.

وجرى في هذا السياق توقيع أكثر من خمسين اتفاقية بين البلدين وتم إلغاء سمات الدخول وأصبح التماهي كبيراً. وتزامن ذلك مع توجّه تركي جديد نحو دول الجوار التركي تحت شعار تصفير المشاكل. ومرّت عشر سنوات من الاستقرار والانتعاش الاقتصادي في المنطقة واستفاد منها الأتراك إلى أبعد الحدود، بعدما فتحت سورية لهم بوابتها التي دخلوا منها إلى الشرق والمشرق. ولكن الأهم في تلك المرحلة، أنها أنعشت الآمال بحقبة جديدة وبمزيد من التقدم والرفاه والاستقرار بين دول الإقليم وشعوبه.

ولكن الأمور لم تستمر كما تم التخطيط لها وعادت حكومة تركيا إلى طبيعتها الأطلسية وتبيّن أنه لا يمكن ترويض الذئب أبداً؛ ففي العامين الأخيرين، اتخذت تركيا ومارست مواقفَ وسياسات، مع دول الجوار ومنها سورية، تبيّن أنها لا تنسجم مع شعار تصفير المشاكل، بل هي تسعير المشاكل. عادت العلاقات التركية مع كل الدول المجاورة لها إلى الصفر وإلى مرحلة عدم الثقة وتبادل الشكوك والاتهامات؛ مع قبرص والعراق ومع إيران وأرمينيا واليونان والأهم مع سورية. ولا يعقل، بالطبع أن تكون كل تلك الدول مخطئة. بدت تركيا في سياستها في العام الحالي كمن يسير إلى الانتحار. وبدأ التذمر والرفض لهذه السياسة من جميع الأطراف، بمن فيهم الداخل التركي الرسمي والشعبي الذي يستغرب هذا التحول غير المبرر.

بالطبع نجمت أكبر خسارة لأنقرة عن تراجع علاقاتها مع دمشق بسبب مواقفها من الأحداث في سورية وتحولها إلى طرف مباشر في تسعير الأزمة السورية واللعب على الوضع الداخلي ودعم حركات التمرد والتخريب ومساندة كل المحاولات الرامية لضرب استقرار سورية. بالتأكيد خسرت تركيا وستخسر الكثير في العديد من المجالات ولاسيما في المجال الاقتصادي وما يعني ذلك من تراجع لدورة الانتعاش التي شهدها الاقتصاد التركي في الفترة الماضية والتي ساهمت في استقرار الوضع الداخلي التركي.

ليس وحدهم السوريون الذين لم يفهموا أو يتقبلوا هذا التحول التركي. فالشعب التركي نفسه، وحتى المؤيد منه لحكومة حزب العدالة، لم يفهم لماذا تمارس حكومته سياسة الانتحار ولاسيما مع سورية والشام المقدّسة التي يقول عنها"شام شريف". وظهرت التفسيرات من الداخل التركي نفسه أيضاً، بأن الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان تنفـّذ سياسة غربية وتحديداً أمريكية، وربما بنت أحلاماً وتلقت وعوداً لم تكن أبداً واقعية. وهذا التفسير منطقي، لأن السياسة الأمريكية لم تحلّ في مكان إلا وخرّبته، ولكنه لا يبرر لأردوغان هذا التحول في العلاقات مع سورية ودول الجوار الأخرى.

الحكومة التركية في مأزق والغرب غير قادر على إنقاذها، ولا نتوقع أنه يريد ذلك، حتى لو استطاع. فأوروبا ترفض أصلاً دخول تركيا في النادي الأوروبي ـ وربما بعد عدة أشهر لن تكون تركيا بحاجة لدخول هذا النادي بسبب انهياره المتوقع. أما الولايات المتحدة فلديها ما يكفي من المشاكل والأزمات والخيبات الداخلية والخارجية وتريد "سلّتها بلا عنب".

أجل، قطعت تركيا خطّ الرجعة وأحرقت سفن العودة، ولم تبق على شعرة معاوية، ولماذا على الآخرين تحمّل حماقات حكومتها!! لماذا لا تتحمّل هذه الحكومة مسؤوليتها وتعلن إفلاسها وترحل! أم أنها تنتظر الشعب التركي ليضربها بالعصا على قفاها!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.