تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل من تبدّل في أولويات السياسة الخارجية السورية!؟

خاص/ محطة أخبار سورية

 

سمّت سورية السفير عماد مصطفى سفيراً لها لدى الصين الشعبية. بالطبع، من المهم أن نذكر أن مصطفى كان سفيراً لسورية لدى الولايات المتحدة الأمريكية وقد تم استدعاؤه في تشرين الثاني الماضي بعد استدعاء واشنطن لسفيرها في سورية روبرت فورد. ومن المهم أيضاً أن نذكر أن السيد مصطفى يتمتع بمناقبية عالية وهو دبلوماسي من طراز رفيع ومشهود له.

وقبل تسمية السيد مصطفى ليكون سفيراً في الصين، كانت سورية قد سمّت اللواء رياض حداد سفيرا لها لدى جمهورية روسيا الاتحادية، وقد شغل حداد ومنذ سنوات مناصب قيادية عليا في الجيش العربي السوري وكان آخرها مديراً للإدارة السياسية، وهذه الأخرى مواصفات خاصة لسفير مهم في دولة تتمتع بأهمية خاصة. ولكن ماذا يعني ذلك؟؟

ربما يعني تعيين السفيرين أشياء كثيرة؛ منها أن سورية قامت بإعادة تقييم شامل لوضع دبلوماسيتها وارتأت أن تجري تعديلات وتبدلات فيها، بما يعكس التوجهات والاهتمامات السورية الجديدة. ويعني أن سورية التي قال وزير خارجيتها السيد وليد المعلم قبل فترة أنها ستنسى وجود أوروبا على الخارطة، هي ربما بدأت بالنسيان فعلاً بعدما اتجهت شرقاً. ويعني أيضاً أن الولايات المتحدة التي أعادت سفيرها إلى دمشق وحمّلته رسائل ودّ وتراجع عن مواقفها كما أفادت العديد من المصادر ووسائل الإعلام، لم تعد في صدر الاهتمامات السورية لأسباب عديدة سورية وأمريكية.

فالجميع في العالم بات يدرك أن الولايات المتحدة لا تتقدم على المسرح العالمي، وأن جلّ ما تقوم به هو محاولة الحفاظ على دورها ومكانتها المتراجعة وتأمين ما تستطيع من مصادر الطاقة والثروات في العالم. وهي لم تثبت يوماً أي نية حسنة أو رغبة في تفهّم المواقف والحقوق السورية. فلماذا تحظى بالاهتمام السوري إذن وهي فشلت في كل الامتحانات التي خضعت لها ولاسيما تراجعها المخجل عن دورها والتزاماتها في عملية السلام وهذا باعتراف المفاوض الإسرائيلي نفسه.

ولماذا لا تتجه سورية شرقاً وقد كان هذا الشرق على الدوام منبت الحكمة والتعقل، فيما يقوم الغرب على الاستعمار والسلب والاحتلال!!  فالدولة الروسية وريثة الاتحاد السوفييتي ورثت صداقة سورية التي كانت قائمة منذ عقود وقد أثبت الطرفان وفاءهما واحترامهما لبعضهما ولصداقتهما ومراعاتهما لمصالحهما. أما الصين فكانت على الدوام على علاقات جيدة مع سورية ودون أي خلافات أو مشاكل، وهي الآن ـ مع روسيا في قيادة العالم الجديد ـ أو هما ترسيان التوازن الجديد في العلاقات الدولية القائم على التعددية والمصالح وليس على الأحادية القطبية التي فرضتها الولايات المتحدة في العقدين الماضيين، وشارفت الآن على نهايتها بكل خيباتها وأضرارها وحروبها ومآسيها.

وربما يشي تعيين السفيرين حداد ومصطفى بطبيعة الدور الإضافي لكلّ منهما، إلى جانب مهمته الدبلوماسية الأولى. فالعلاقات العسكرية السورية ـ الروسية كانت على الدوام حاضرة وقوية ومهمة وما أُعلن عنه في الأسابيع الأخيرة في هذا الشأن يؤكد نمو وتطور هذه العلاقات بما يخدم مصالح الطرفين الإستراتيجية في وجه الخصوم. يضاف هذا بالطبع إلى العلاقات الأخرى المتشعبة والغنية والتي على الطرفين العمل معاً لإثرائها وتحقيق أكبر استفادة منها. أمّا العلاقات السورية الصينية فهي غنية ومتنوعة أيضاً ويمكن أن يساهم دور السفير النشط عماد مصطفى في تعزيزها بما يخدم مصالح البلدين المختلفة. وإلى جانب السياسة، يمكن أن تلعب الصين دوراً كبيراً في تطوير عدد من القطاعات الاقتصادية والتنموية في سورية. ويمكن القول بالمجمل إن سورية باختيار السيدين حداد ومصطفى إنما أعطت إشارة واضحة إلى أين تتجه رياح الدبلوماسية السورية مستقبلاً.

وفي هذا السياق، نجد من الضروري الـتأكيد على قيام الدبلوماسية السورية بنسج أرضية قوية وصلبة من العلاقات مع دول الشرق المتعاون وإفريقيا حيث التغلغل الإسرائيلي يحاول السيطرة، ومع أمريكيا الجنوبية التي أثبتت وفاءً ومصداقية في الأزمة الأخيرة التي مرت سورية فيها، يفوق ما أبداه معظم الأشقاء العرب، تمهيداً لتطورات المرحلة القادمة، تضاف للبعدين الروسي والصيني رغم أهميتهما الركائزية على المدى البعيد. فمن المؤكد أن التجربة المتكررة علمتنا أنه لايمكن الوثوق بالغرب، وأنه لن يقدّم شيئاً يسهم في تطوير هذا البلد وتعزيز مكانته، بل هو يقف خلف إسرائيل التي تحتل الأرض وتغتصب الحقوق وتخرّب المصالح السورية والعربية.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.