تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أسرار الربيع العربي ..لماذا أصبحت تركيا وقطر رأس الحربة في الحرب على سورية (1)

 

 

هذا المقال يحوي الإجابات المنطقية على كل التساؤولات المطروحة, لماذا انقلب التركي و القطري على سورية؟ ما هو سر الشرق الأوسط الجديد؟ ما هو سر إنقلاب أمير قطر على أبيه و أردوغان على معلمه نجم الدين أربكان؟ ما سبب الأحداث في سورية؟ الى أين تتجه الأحداث و ما هو مستقبل سوريا؟ ما هو سر وثائق ويكيليكس؟

 

[1]  الحرب على سورية

 

يسأل مواطن قائلاً إن نسبة من تظاهر في لبنان الى عدد سكان لبنان (مليون من أصل أربع ملايين لبناني) أكبر من نسبة من تظاهر في مصر نسبة الى عدد سكان مصر (مليونيين من اصل ثمانين مليون) و في لبنان الجيش و المقاومة لم يكونا تحت سلطة رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، فكيف يمكن لمظاهرة إسقاط نظام؟

ففي لبنان أقام السينورة حفل زفاف إبنه في السراي الحكومي نكاية بالمتظاهرين، بينما في مصر سقط النظام، فما هي أسرار الربيع العربي، و لماذا تركيا و قطر فقط هم رأس الحربة ضد سوريا؟

في هذا المقال سأقدم الإجابات عن كل الأسئلة المطروحة: قصة الربيع العربي، و الثورات المزعومة، و لماذا تريد واشنطن تقسيم المقسم و هل مشروع الشرق الأوسط الجديد حقيقة.

بدأت القصة منذ العام 1992 حيث تم إقرار إتفاقية كيوتو للحد من إنبعاث الغازات الى الجو و لمنع تفاقم الإحتباس الحراري، و في العام 1994 ألزم الإتحاد الآوروبي نفسه بهذه الإتفاقية و أصبح الغاز أهم من النفط، و الغاز موجود في إيران و روسيا، فهل ستسمح واشنطن بزيادة النفوذ الروسي في آوروبا و خصوصا بعد زوال حلف وارسو و بالتالي زوال سبب وجود الناتو.

في العام 1995 عقدت صفقة في قطر أدت الى إنقلاب الإبن على أبيه، و جرى ترسيم الحدود مع إيران و بدأ إستخراج الغاز لتلبية الطلب الآوروبي، فكان البدء بتسييل الغاز القطري كونه لا يمكن مدد أنابيب من قطر الى آوروبا. وفيما البحرين وسلطنة عمان تشتريان غازا بعيدا خصص الغاز القطري للسوق الآوروبية لمنافسة الغاز الروسي، و جاء هذا بعد أن قامت واشنطن بإشعال الشيشان و يوغسلافيا بوساطة الأفغان العرب.

في العام 1996 كان بوتين قد بدأ الامساك بزمام الإمور جراء الوضع في الشيشان و تأسست شركة غازبروم التي ستصبح هي الحاكم الفعلي لروسيا على غرار الشركات الأمريكية التي تحكم الولايات المتحدة.

مشروع الشرق الأوسط الجديد:

واشنطن تدرك خريطة الغاز في المنطقة و هي في تركمانستان و أذربيجان و إيران ومصر، و الغاز الذي كانت تعلم بوجوده واشنطن فقط يقع في ساحل البحر الأبيض المتوسط ما بين فلسطين و لبنان وقبرص. أدركت واشنطن إن السيطرة على هذه المنابع تعني بقاء واشنطن قطبا أوحدا يدير العالم، فهي قادرة على منافسة الغاز الروسي، و كون الوصول إلى غاز أذربيجان و تركمانستان صعب كونهم في منطقة نفوذ روسي فإن الوصول لهم سهل في حال سيطرت واشنطن على غاز المتوسط و زودت آوروبا بالغاز و أصبحت موسكو عاجزة عن شراء الغاز من آسيا الوسطى، التي سترغم على الدخول في النفق الأمريكي. و لكن الحصول على الغاز في المتوسط يحتاج الى سلام في المنطقة، و السلام في المنطقة وفق الشرعية الدولية سيكون بداية نهاية إسرائيل. هنا قررت واشنطن تقسيم الشرق الأوسط الى دول طائفية تديرها إسرائيل، بحيث تتمكن من تصفية القضية الفلسطينية، و لكن قبل طرح مشروع الشرق الأوسط الجديد كانت هناك طريقة أسهل في نظر واشنطن وهي القضاء على المقاومة في لبنان فيمكن الوصول الى الغاز دون حل القضية الفلسطينية، التي أصبحت عائقا أمام مستقبل واشنطن. فكيف بدأت واشنطن بالعمل للسيطرة على هذه المنطقة، علماً بأن الحل في وجهة نظر واشنطن هو إما تصفية القضية الفلسطينية أو القضاء على المقاومة في لبنان.

جاءت الحرب على لبنان في العام 1996 تحت إسم عناقيد الغضب للقضاء على حزب الله و المقاومة، لفرض سلام مع لبنان يؤمن إمدادات الغاز، و لكن فشل العدوان .. بل وأصبحت المقاومة مشروعة و ألزمت إسرائيل لأول مرة بتاريخها الإلتزام بتفاهم نيسان. ثم جاء العام 2000 و هو عام النكسة الأمريكية، حيث تحرر الجنوب اللبناني و بنفس العام وصل بوتين خصم الغرب الى السلطة في روسيا، على إثر وفاة يلتسن.

 

البدء بتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد:

- أدركت واشنطن أن الغاز القطري أصبح عاجزا عن المنافسة في السوق الآوروبية و أن النفوذ الروسي يزيد في آوروبا مع إزدياد الطلب، و ليس ذلك فحسب بل بدأت موسكو تستعيد عافيتها بالإنتعاش الإقتصادي، فقررت واشنطن التحرك و كان الهجوم بالطائرات على مبنى التجارة العالمي في أمريكا هو مقدمة الهجوم الأمريكي كرد على هزيمة إسرائيل في لبنان ووصول بوتين الى السلطة وبدأ التقارب الصيني الروسي بعد توتر دام عقودا أبان الحرب الباردة و سقوط بعض معاقل واشنطن في أمريكيا الجنوبية. و كانت البداية من إحتلال أفغانستان، و طبعا الهدف هو قطع طرق الترانزيت عن الصين و محاصرتها و محاصرة روسيا و محاصرة إيران من جهة ثانية.

في العام 2002، عقدت واشنطن صفقة مع رجب طيب أردوغان وعبد الله غل اللذين إنقلبا على معلمهم أربكان، و أسسا حزب العدالة و التنمية ليصبح عبد الله غل أول رئيس حكومة إسلامي في تركيا، و كما كان الإنقلاب في قطر سببه الغاز كان الإنقلاب في تركيا سببه الغاز. فمع ظهور حزب العدالة و التنمية أعلنت واشنطن عن خط غاز نابوكو، (و عند الأمريكيين حتى الإسم له معنى , فنابوكو إسم عمل موسيقي لفيردي يتكلم عن ما سمي سبي نبوخذ نصر لليهود في العراق) و بعدها بعام تم إحتلال العراق فعلاً.

 

لماذا نابوكو؟ طبعا تدرك واشنطن أن الغاز في آسيا الوسطى محال أن يصلها، و في إيران الحرب شبه مستحيلة، و لكن روسيا لم تكن تدرك أن البحر المتوسط يحوي الغاز الذي تريده واشنطن. فحين أعلنت واشنطن عن خط نابوكو كانت موسكو تعتقد أن هذا الخط ولد ميتا، و لكن واشنطن كانت تخطط أولاً للحصول على الغاز من مصر وساحل المتوسط فلسطين ولبنان وقبرص، و مع تقسيم و تدمير سوريا ستحصل حكما بلا حرب على الغاز الإيراني، و بالتالي حكما لن تستطيع بعدها موسكو شراء الغاز الأذري، فبذلك تفقد موسكو نفوذها في المتوسط و آوروبا و وسط آسيا دفعة واحدة، و تكون واشنطن سيطرت على العالم للأبد.

 

نابوكو حلم أردوغان:

- نابوكو يجمع غاز المنطقة في تركيا، ليصدر الى آوروبا دون المرور في اليونان، فتتحول تركيا الى دولة ثرية بالترانزيت الذي يفترض أن يبدأ بـ 31 مليار متر مكعب و يصل الى 40مليار متر مكعب، و لهذا فإن أردوغان الذي يدرك أن الوصول في البداية الى غاز وسط آسيا مستحيل أشرف بنفسه على زيارة القاهرة لدعوتها للتوقيع على اتفاق نابوكو، و لم يدرك وقتها حسني مبارك أنه يوقع على وثيقة إقالته من السلطة.

 

الصفقة مع أردوغان عبد الله غل و أمريكا:

- يقوم اردوغان وغل بتأسيس حزب إسلامي و تساعده واشنطن على الإمساك بزمام السلطة.

- يقبل هذا الحزب بتقسيم مصر الى ثلاث دول , و العراق الى ثلاث دول و سوريا الى أربع دول.

- تتعهد واشنطن بجعل النفوذ على الدول السنية من الدويلات الجديدة لتركيا, و تقبل تركيا بأن يكون النفوذ على باقي الدول لإسرائيل.

- تتعهد واشنطن بأن لا يمر إنبوب الغاز في اليونان كي تضمن تركيا الحصول على كامل قبرص و الدخول في الإتحاد الآوروبي على حساب اليونان.

- مقابل أن تحول الولايات المتحدة تركيا الى عقدة غاز عالمية يقبل أردوغان أن يكون النفوذ على هذه العقدة لواشنطن.

- تساعد تركيا الولايات المتحدة في أفغانستان خصوصا والعراق.

 

الدول التي كانت واشنطن بصدد إنشائها:

-

مصر:- دولة قبطية و دولة سنية متشددة و دولة للنوبيين, و دليل ذلك أعقب الثورة عنف طائفي مدروس حيث كانت تظن واشنطن أن سقوط سوريا لن يستغرق أكثر من شهر, و لأول مرة بعد الثورة... الإعلام يتناول النوبيين في مصر, و سر الفراغ السياسي في مصر هو إنتظار تطور الأحداث في سوريا, و ما تفجير خطوط الغاز في سيناء الا رسائل على أن المشروع حتى لو نجح لن يصل الغاز الى آوروبا, و ما توقف العنف الطائفي في مصر الا لأن سوريا لم تسقط.

سوريا:- المفروض تقسيمها الى أربع دول و سبب بداية الأحداث من درعا ان المشروع كان يقضي بترحيل كل أهالي درعا من الجنوب السوري بشكل نهائي, و من يتابع تسلسل بداية الأحداث يمكنه وضع تصور عن التقسيمات التي كانت تخطط لها واشنطن.

و طبعا التقسيم سيشمل باكستان و الخليج والعراق وحتى تركيا,نفسها و يعتقد أن أردوغان وافق على تقسيم تركيا حيث إن دولة صغيرة غنية و لها نفوذ، أفضل من دولة كبيرة بلا نفوذ.

 

الولايات المتحدة تشن هجومها الثاني:

 

- رغم وصول أردوغان الى السلطة, لكن كان على الولايات المتحدة إقناع حلفائها في الدخول في خط الغاز, فكان الجزء الثاني من الهجوم يبدأ بالثورة البرتقالية في أوكرانيا حيث إمدادات الغاز الروسي , وبدء التحرش بروسيا البيضاء, كذلك حيث إمدادات الغاز الروسي , و ثم تم إغتيال رفيق الحريري لبدء الضغط على دمشق, فكانت الحرب على لبنان و لكن عوضا عن تهجير أهالي الجنوب بشكل عام و الشيعه بشكل خاص الى العراق خسرت إسرائيل الحرب خسارة زلزت واشنطن نفسها, و كسرت هيبتها.

لجأت واشنطن الى حلفائها الجدد في أوكرانيا للضغط على الغاز الروسي لكي تضمن الولايات المتحدة الدعم الآوروبي لمشروعها القادم, حيث لازال بجعبتها خطط بديلة, و فعلا قطعت موسكو الغاز عن آوروبا إسبوعين , واشنطن أرسلت رسالة بضرورة عدم الإعتماد على الغاز الروسي, وروسيا أرسلت رسالة بأن دول عبور الغاز هامة و بالتالي حتى لو جاء الغاز من مكان ثان فإن ضربه سهل, و نتج من هذه الحرب خروج البرتقاليين من السلطة برضى آوروبا.

الغضب الروسي:

- سارعت موسكو بالرد, و كان رد موسكو عنيفا, بعد الإعلان عن خط نابوكو, حيث أعلنت غاز بروم بأنها ستسثمر في مشاريع غاز من أمريكا اللاتينية و إفريقيا و آسيا و حتى واشنطن ستجد نفسها تشتري الغاز من روسيا, وأعلنت روسيا عن أربع خطوط غاز و بدأت فعليا بالعمل وهي:

1-السيل الشمالي يوصل الغاز من شمال روسيا الى ألمانيا عبر البحر دون المرور ببيلاروسيا و بدأ تنفيذ هذا المشروع فعلياً و بالتالي خف الضغط الأمريكي على روسيا البيضاء لان اسقاط بيلاروس لن يفيد بعد الآن بوقف إمداد الغاز.

2-السيل الجنوبي عبر البحر الأسود الى بلغاريا و منها يتوزع خط عبر رومانيا هنغاريا النمسا, و جنوبا عبر اليونان إيطاليا, و قد تم إنجاز معظم الإتفاقيات لمد هذا الخط.

3-السيل الأزرق عبر تركيا فسوريا الأردن لمد الأردن و إسرائيل بالغاز, هذا يثبت أن موسكو لم تكن تعلم بوجود الغاز في المتوسط و قد تم إلغاء هذا الخط فعلياً, بعد أن علمت روسيا بإحتياطات الغاز في المتوسط.

4-مد خط من نيجيريا الى النيجر فالجزائر لتسييل الغاز ونقله الى آوروبا و لاحقا مد إنبوب الى آوروبا.

 

                                                                                            د. غادة اليافي

                                                                    ابنة عبد الله اليافي رئيس وزراء لبنان الاسبق

5-قامت أيضا غاز بروم بالإستحواذ على نصف حصة شركة ايني الإيطالية في ليبيا, و بدأت بالإستثمار في السودان و زار بوتين مصر على أمل الإستثمار في مصر. و رداً على الخطوات الروسية سيبدأ الربيع العربي , تمهيدا لتقسيم المنطقة وعزل روسيا والصين عن المتوسط, و الإستحواذ على غاز مصر والمتوسط , و ثم قطع الطريق في شمال آسيا على اية مشاريع روسية, من خلال إسقاط شمال إفريقيا, و هذا ما سنتكلم عنه في الجزء الثاني

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.