محطة أخبار سورية
يستطيع أردوغان أن يُلقي المحاضرات في وجه السلطة في سورية، يُمكنه ذلك بحالةٍ واحدة هي أن يتقبّل المحاضرات من القاتل الفرنسي، وأن يتواضَع قليلًا ، ولا يجنّ جنونه، حين يُذكّره أحدهم بأنّ دولته العليَّة قامت بمجازر وإبادة واضحة ضد الأرمن، وأنه حان الوقت بعد مئة عام أن يتمّ الاعتراف بهذه الجريمة، علَّ آلاف القتلى يستريحون في قبورهم و علّ أحفادهم يجدون بعض العزاء، يمكن لأردوغان أن يبكي ( وليس لدى هذا الرجل سوى دموع التماسيح ) على الضحايا الأبرياء في سورية، ضحايا السلطة و ضحايا مَنْ يعِدون أنفسهم و يَعِدهم أردوغان بسلطةٍ قادمةٍ في سورية، هؤلاء كلّهم ضحايانا نحن شهداؤنا نحن، الذين نبكي عليهم دمًا لا دموعًا و آخرهم مَن غسلوا وجه دمشق العظيمة العزيزة بدمائهم صباح البارحة - الجمعة - ضحايا الإرهاب و النفط و الغاز و دِين النفط و الغاز .
يمكن لأردوغان أن يُعطي النصائح و المحاضرات ،لكنْ، بعد أنْ يكفّ عن قتل الأكراد و حصدهم (كما فعلت كل الحكومات التركية المتعاقبة ) و كأنهم مُجرّد "عشب ضارّ" يستطيع اقتلاعه متى شاء دون أن يسأله أحد ما الذي تفعله ؟ ودون أن يسمع فتوى واحدة، تُحرّم هذا القتل وهذا السفك للدماء . ليس الكرديّ
"ثائرًا" في سورية ، و "إرهابيًّا" في تركيا هو إمّا ثائر هنا و هناك و لديه مشكلة ومعاناة خرج لردّها عنه أو "إرهابيّ" خرج لمجرّد الإرهاب و القتل و يعرف أردوغان كما نعرف نحن أنّ الكرديّ لم يخرج للإرهاب و القتل ولم يمتهن الثورة كمهنة، لا هنا ولاهناك.
يمكن لأردوغان أن يبكي و ينصح و يُحاضر، بعد أن يخرج ليُعزّي دمشق الجريحة، دمشق بَوَّابَة التاريخ، وأوّل الزمان، دمشق التي لا تكفيها كل الدموع اليوم ولا يُلملم دموعها، الحزن كلّه، دمشق ليست نظامًا و لا سلطةً و لا حكومةً، دمشق أمّنا التي طُعنَت في الظَّهر بخنجر غدرٍ لا يأتي سوى من عدوّ قبيح و قذر، دمشق التي لا يمكن إسقاطها أو إضعافها، و فيها أهلها الكرام الذين يحملون على أكتافهم آلاف السنين من التاريخ ،الذي أوصلهم إلى الأندلس و يفرشون أمامهم مستقبلًا يليق بأمّةٍ عظيمة. لا عزاء اليوم يا دمشق، سوى أن تكوني، كما دائمًا، واقفةً كالطودِ لا تهزّك ريح، و لايكسر ظَهرك حاقد .
لا تستطيع مزارع النفط أن تعطي النصائح لأحد، لا يستطيع "براميل "النفط أن يفتحوا أفواههم و يتوجّهوا لنا، أو لأيّ أحد في هذا العالم بكلمة واحدة.. حتى لو اشتروا الفضاء كلّه ليبثّوا سمومهم من خلاله آنَ الأوانكي يُقال لهم: كفى .
