تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الرئيس الأسد يعرّي بعض العرب ويتمسّك بخيار المقاومة

 

بقلم : شادي جواد... صحيفة البناء

محطة أخبار سورية

كشف الرئيس السوري بشار الأسد المستور، وبانت خيوط حياكة المؤامرة على سورية والمنطقة واضحة وضوح الشمس لأي مراقب لا يستخدم المنظار الأميركي والغربي، وفي مقابل ذلك، وضع الجميع في الداخل السوري وعلى مساحة العالم العربي أمام مسؤولياتهم، للتنبّه والتصدّي لحلم التقسيم الذي يراود الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها منذ عشرات السنين، بهدف السيطرة على القرار العربي، وعلى الثروات العربية، أكانت في باطن الأرض، أم في أعماق البحار، أو في المصارف الخارجية.

وقد أكد الرئيس الأسد في خطابه بالأمس، بما لا يدع مجالاً للشك بأن المشهد في سورية ذاهب إلى خارج الإطار المرسوم في المؤامرة، بمعنى أن الرياح في سورية ذاهبة بعكس ما تشتهي سفن واشنطن والدوحة وتركيا وما بينها ما يسمى بـ"المجلس الوطني".

لقد خالف الرئيس الأسد، من خلال ما أدلى به، كل رهانات العرب والغرب، وظهر في موقف القوي وليس بموقف الضعيف، بعد عشرة أشهر من بدء تنفيذ جدول أعمال المؤامرة، وهو شخّص هذه الأزمة بكل تفاصيلها، وبالتالي لم يتناولها بشعارات أو بإثارة الغبار حول حقيقة ما يجري، بل كان صريحاً مع ذاته ومع شعبه إلى الحد الأقصى، وعازماً إلى ما بعد الحد الأقصى.

وقد أكد الرئيس السوري أن التوجه الإصلاحي عملية مستمرة لديه منذ العام ألفين، وبالتالي فهو أعطى وعداً بدستور جديد يشارك فيه الشعب من خلال الاستفتاء، ولفت إلى أن الأزمة الراهنة في سورية ليست مسألة إصلاحية، بإشارته إلى أن الحرب على سورية هي حرب إخضاع، وكان صريحاً بقوله لو أن سورية تراجعت عن مواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه دعم خيار المقاومة والممانعة، والوقوف إلى جانب إيران، لما أكملت المؤامرة عملها.

والأهم من ذلك، هو أن الرئيس الأسد وضع شعاراً للنظام، الذي يساوي الكرامة، وهذا العنوان يحمل في طياته قراراً حاسماً بالقضاء على الإرهاب، بمعنى أن هناك قراراً نوعياً اتخذ أو سيتخذ في ما خص الإرهابيين الذين ينفذون أجندة خارجية هدفها تقويض النظام وترويع الناس وحمل سورية من ضفة المقاومة والممانعة، إلى ضفة الخيانة والاستسلام، والتفريط بالحقوق.

في ما خص العرب، يبدو أن الرئيس الاسد قد استقال من الضعف العربي، والخنوع العربي، والزحف العربي، واختار الكرامة العربية التي وضع في أولوياتها دعم خيار المقاومة.

أما في ما يتعلق بالغرب، فقد أعلن أن سورية تتعرّض الى هجوم من غرب مريض بأزماته الاقتصادية، وهو يقف على عتبة الانهيار، وفي موازاة ذلك، قرّر الرئيس السوري الذهاب باتجاه الشرق مؤكداً أن الغرب ليس هو كل المجتمع الدولي، وبالتالي فإن الضغوط التي ستمارس، من الممكن أن تؤذي الشعب السوري، غير أنها لن تستطيع إخضاعه وجعله يستسلم، وهو لم يقل إن المعركة في هذا الاتجاه سهلة، غير أنه أكد أخذه الخيار بخوض المعركة بكل تفاصيلها ومندرجاتها، حتى النهاية.

وإذ أبقى الرئيس السوري شعرة معاوية موجودة بينه وبين الجامعة العربية، فإنه ذكّر القيّمين عليها، بأن سورية هي قلب العروبة النابض، وهو سبقه في هذه المعادلة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقد قصد الرئيس الأسد من هذا التذكير، التأكيد بأن هذه الجامعة التي ارتمت في أحضان أميركا والغرب، وتجاوبت مع مزاجية البعض من العرب، تبقى فارغة ما لم تكن دمشق عنواناً أساسياً في عملها، وفي أي تحرك تقوم به، وأن أي ابتعاد عن هذا الخط يعني الوقوع في الفراغ القاتل. غير أن هذا الكلام الصريح والواضح للرئيس السوري فتح الآفاق واسعة أمام مرحلة جديدة على الساحة العربية، قد تفتح معها معارك دبلوماسية وإعلامية بين سورية وعدد من الدول العربية، وفي مقدمها قطر التي تحاول حجز موقع لها في الوقت الضائع.

وبعيداً من تشخيص الكلام التاريخي في الظرف الاستثنائي للرئيس الأسد، فإنه لا بد من التأكيد بأن الحل للأزمة في سورية، لا يكمن في تقرير للجنة مراقبين، ولا باستمرار الضغوط على تنوّعها، بل إنه يحصل بعدم تهريب السلاح، وبعدم تهريب المال إلى تلك "الثورة" التي تسير بالأجرة، هذه "الثورة" التي لا يمكن أن تكمل عملها إلا بالأجرة، وعندما ينقطع المال، فلن يكون لها أي وجود، وهي بالتأكيد ستقف عند أعتاب البنوك و"القجج" الفارغة، حتى من العملات الرخيصة كـ"الشيقل" "الإسرائيلي" على سبيل المثال.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.