تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سنتجاوز فترة الجمود والانتظار والتآمر

بقلم رئيس تحريرمجلة البيادر السياسي المقدسية: جاك خزمو

 

 

 

 

الإدارة الأميركية الحالية بقيادة باراك اوباما منهمكة حالياً بملف واحد، وهو الإنتخابات الرئاسية، إذ يسعى اوباما الحصول على ولاية رئاسية ثانية. ومن المقرر أن تجري أوائل شهر تشرين الثاني القادم، أي بعد ستة شهور.

وانهماك الإدارة الاميركية بالشؤون الداخلية يعني جمود في فعالياتها ودورها في العالم كله، ولهذا فإن دولاً عديدة تنتظر نتائج الإنتخابات الأميركية، ولذلك فهي تعلّق أنشطتها وتجمدها إلى حين انتخاب رئيس اميركي جديد.

فترة الإنتخابات هي فترة الهروب من المسؤولية، وفترة محاولة تحقيق انجاز ما قد يستخدم في هذه الانتخابات لخدمة هذا المرشح أو ذاك، فالرئيس الاميركي اوباما معني بأن يحقق إنجازاً ليقدمه لناخبيه حتى يحظى بولاية رئاسية ثانية، ويفكر بالطبع بتحقيق انجاز يدفع ثمنه الآخرون وليس الشعب الاميركي. والملفات أمام اوباما للتداول فيها ومحاولة استثمار أو استغلال أي منها عديدة مع أنها جميعاً معقدة، ومن أهمها الملف النووي الايراني والأحداث في سورية، وما يسمى بـ "الربيع العربي".

في الملف النووي الايراني يحاول اوباما فتح قناة اتصال مع ايران، ويحاول التوصل إلى إتفاق معها حول الملف النووي يتم من خلاله تعهد ايران بعدم استخدام الطاقة النووية لأغراض عسكرية، وأن تقتصر فقط على الأغراض السلمية. وإذا تم ذلك، فإنه سيقول لناخبيه أنه حقق أهداف اميركا الأساسية، وأهمها منع ايران من امتلاك سلاح نووي.

وقد يستخدم اوباما نجاح خطة الإدارة الأميركية في البدء بتنفيذ حلم اميركا وهو مشروع الشرق الأوسط الجديد، هذا المشروع الذي يصطدم بالصخرة السورية العنيدة جداً والصلبة غير القابلة للانكسار، ويريد أن يقول لناخبيه: "لقد استطعت تغيير منطقة الشرق الأوسط حسب ما نريد"، ولكن على اوباما أن يفعل أكثر لنجاح خطته في تفتيت العالم العربي، وخاصة مع سورية، ولذلك فإن الادارة الاميركية ستصعد من عدوانها على سورية سواء عبر الضغوطات الدولية وفرض المزيد من العقوبات على الشعب السوري، أو عبر دعم الارهابيين لعل وعسى استطاعوا نقل سورية الى مرحلة حرب أهلية.

ويجب ألا ننسى أن اوباما من أصحاب نظريات دعم "الاسلام السياسي" أي الاخوان المسلمين، ليسيطروا على أنظمة الحكم في العديد من الدول العربية، وخطابه في جامعة القاهرة في شهر حزيران 2009 هدف إلى اقامة علاقات مع "الإسلام السياسي"، وها هو ينجح إلى حد معين أو محدود، وليس في كل الدول العربية بالطبع، فسورية شوكة كبيرة في حلق نظريته ومشروعه. ودعم "الاسلام السياسي"، يعني دعم التيارات الدينية الاسلامية المعتدلة، وحزب "الاخوان المسلمون" هو مصنف أميركياً على أنه حزب "معتدل" و"ليبرالي"؟

اوباما ذكي جداً، فإنه لا يورط نفسه حتى إذا ما فشل يدفع الثمن، ولذلك فهو يورط دولاً موالية لاميركا من خلال توكيلها في تنفيذ الرغبة الأميركية أو مشروع تقسيم وتفتيت العالم العربي، وقد فوّض السعودية وقطر وتركيا على القيام بهذه المهمة، وهذه الدول تدعم الارهاب في سورية، ومساعيها الأساسية اسقاط سورية قيادة وشعباً.. ولولا الضوء الأخضر الاميركي، ولولا الأوامر الصادرة من البيت الأبيض لما تحرك قادة هذه الدول ضد سورية، ولما تجرأوا على دعم "الارهاب" و"عصابات الاجرام" علناً، ومن دون أي "حياء"، وأعلنوا جهارة أنهم يسعون إلى اسقاط "الرئيس الأسد"، وكأن هناك ثأراً شخصياً معه، رغم انه احترمهم، واستقبلهم واستضافهم وساندهم، فهم نكروا الجميل، وهم يبحثون عن مصالح سيدهم الأميركي قبل البحث عن مصلحة الأوطان، وهم موالون له (ولا نقول هم أذيال له احتراماً لشعوبهم فقط). وإذا فشل هؤلاء في تحقيق المهمة، فإن اوباما يحمل مسؤولية الفشل لهؤلاء "الزعماء" أو "القادة"، ولا يستطيع أحد أن يقول له في حملته الانتخابية أنك فشلت في سورية، كما فشلت في العراق، وفاشل في أفغانستان.

حتى أن رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو يتخذ من انهماك الإدارة الأميركية في الانتخابات الرئاسية عذراً للتهرب من أي تحرك سياسي، وها هو يدرس امكانية استغلال فترة الانتظار لمدة ستة شهور بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وقد يستغل هذه الإنتخابات الاميركية لابتزاز الرئيس اوباما للحصول على مزيد من الدعم المالي والعسكري.

إنها مرحلة جمود وانتظار وتآمر، ومن يدفع ثمن ذلك هو شعبنا الفلسطيني إذ أن اسرائيل ستواصل اجراءاتها القمعية والتعسفية، وستكون حالة الجمود السياسي مهيمنة على الوضع العام.. وكذلك تدفع شعوبنا العربية الثمن لأن اميركا معنية بتفتيت واضعاف عالمنا العربي، وبالتالي ستواصل دعم الارهاب وادخال أقطاره في حروب أهلية.. فالسودان على وشك الإنهماك في حرب مع جنوبه، وليبيا ما زالت تعاني من الاقتتال، ولم يستقر بعد الوضع في مصر، وها هي عصابات الإرهاب في سورية تلقى الدعم الدولي، السياسي والمالي، بعد أن ألبسوها ثوب "المعارضة" أو "الجيش الحر".

هذه المرحلة ستمر وسيتجاوزها عالمنا العربي، وخاصة سورية، التي ستنتصر على المشروع الاميركي المعادي، وستؤكد مجدداً على أن جميع المؤامرات التي تحاك ضد الشرق أو العرب تتحطم دائماً وأبداً على الأرض السورية. وسيتحول ما يسمى بـ "الربيع العربي" إلى شتاءً قارص على كل المتآمرين والمتخاذلين المتذيلين والموالين لسياسة ومخططات الأميركيين والغربيين

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.