تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عزف على أوتار الحزن

محطة أخبار سورية

 الحزن يسكن في النفوس، يعشش في الأجساد الموهنة، يتسرب إلى الأرواح، ويرسم صورة سوداوية على الوجوه المتعبة.


هل كُتب علينا أن نتلفع بالسواد، ويصير البكاء طقساً يومياً من طقوسنا؟ ومتى تبقى لدينا دموع نذرفها على الراحلين منّا: شهداء بعمر الورود، فالشهادة لم تعد ملزمة بالأعمار، فصارت تحصد الأطفال والنساء والرجال، كي يرضى الغول المتربص شراً بسورية وأهلها؟

هل كتب على هذا الشعب أن يصاحب الحزن، ويسكن في بيوت القهر ويتعايش مع الألم فينتقل من نكبة إلى نكسة فانكسار؟

لماذا يتحول الدم السوري إلى سلعة يتاجر فيها دعاة الحرية، ورافعو شعارات الديمقراطية، ومصدرو أسلحة الدمار والخراب والقتل؟ لماذا يصير الدم السوري وقوداً لإشعال الفتن، وذبح الوطن، واغتيال الأحلام؟

أشهر الحزن في وجوهنا كل أسلحته، فغيّر الربيع ألوانه، وارتدى ثياب الحداد، وغابت بهجة الصيف فصار بطعم النار، وأمسى الخريف بمذاق الموت والشتاء زمهريراً.

من يتحمل مسؤولية هذا الحزن المقيم في ذواتنا؟ ومن منحه سمة الدخول إلى عوالمنا كزائر ثقيل الظل، ما لبث أن احتل حياتنا، وتغلغل إلى تلافيف أدمغتنا؟

هل اعتدنا الحزن إلى الدرجة التي صار فيها أنيسنا ورفيقنا، وصرنا نتجرعه بصبر وتسليم، فنحمد الله: اليوم لم يسقط إلا خمسة شهداء فقط!! و.. نقدم واجب العزاء للأمهات الثكالى، والآباء المفجوعين، ونذهب إلى بيوتنا نتبادل أنخاب الخيبة والعجز ونغرق في الحزن من جديد؟!

 

جميعنا أخطأنا.. جميعنا مسؤولون، لا أستثني أحداً، مارسنا الأنانية كأسوأ ما تكون الممارسة امتهنا العقوق لأمنا التي احتضنتنا ورعتنا وقدمت خيراتها هبة بلا ثمن كي نكبر ويصلب عودنا، ولما اشتد ساعدنا رميناها بسهام الغدر والنكران.

كل واحد فينا أراد أن يحتكر أمنا، سورية، أراد أن يستأثر بثديها وحده، وأن يصادر حليبها وخبزها، ومن بعدنا الطوفان.

استسهل الأخ الغدر بأخيه، والجار أن يطعن جاره في الظهر، تحول الدم إلى ماء فصار رخيصاً بحيث صار سفكه أمراً عادياً روتينياً، ونسينا الحق والخير والعدالة، وأن الوطن ليس ملكاً لأحد، بل هو تلك الأم الرؤوم التي لا تفرّق بين أبنائها.

اليوم نبحث عن ضوء في نهاية النفق، أو نبحث عن أسباب الحزن الساكن فينا، ونضع الخطط للخروج من قمقم الحزن، إلى ساحات الفرح والحبور، وبساتين الألوان، نتمنى ألا نكون قد نسينا لغة الحب والتسامح والعدل والجمال، كي نعود إلى أمنا سورية، إلى الوطن الرائع الذي أهملناه طويلاً، واستغللناه كثيراً فتمرد بعضه علينا، واستقوى بعضه بالغريب على الأقارب والأهل، فظهرت الشروخ التي تسرّب منها الحزن والغدر والأحقاد، فسالت الدماء، وفتحت الجنة أبوابها أمام الشهداء وبقينا نحن مع حزننا وشقائنا وأمراضنا، نموت في اليوم ألف مرة بوابات الأمل ما زالت مواربة، نستطيع أن نفتحها، أو نستطيع أيضاً أن نغلقها ليحل الظلام الأبدي علينا جميعاً ويصبح الحزن مجرد فرحة بالمقارنة مع الآتي من الأيام الصعبة.

نملك مفاتيح تلك البوابات ولا تنقصنا الإرادة أو التصميم، وما علينا إلا الخروج قليلاً من عالم أحزاننا، وندخل عالم الأمل والفرح والغد.. ولنا وحدنا الخيار.

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.