تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أعرب ويرى مراقبون.." ويقول مراقبون"

محطة أخبار سورية

 

لا يخلو تقرير تلفزيوني أو مقال في صحيفة من الإشارة إلى آراء ومواقف المراقبين. تجدهم حاضرين عند زاوية كل شارع وبين تفاصيل كل حدث .. يؤكدون حينا ويستبعدون حينا آخر ويحللون المعطيات في أحيان كثيرة.

 

وحدهم المراقبون يملكون الحق في الحكم على الأخبار وتمحيصها ووضع النقاط على الحروف. ووحدهم يمنحون الصحفي فرصة القفز من الخبر إلى التعليق دون السقوط في فخ توجيه الأحداث والحكم عليها من زاوية نظر شخصية.. أو هكذا يبدو الأمر على الأقل.

 

إنه اختراع مثير.. اكتشاف عجيب. مصطلح بسيط يمنحك حرية التصرف في الأحداث ومناقشتها دون خوف من مقص الرقيب أو تحفظات رئيس التحرير.

 

الخلطة بسيطة جدا: عندما ينتابك شعور بالحاجة إلى التعليق على خبر أو تجتاحك رغبة في الإدلاء برأيك الغالي، يكفي أن تكتب ما تريد وتضيف في بداية الجملة هذا المصطلح السحري: " ويقول مراقبون".

 

لقد بحثت لسنوات طويلة عن هؤلاء المراقبين الذين أقرأ عنهم وأسمع تعلقياتهم على الأخبار، فلم أعثر لهم على أثر.

 

تصورتهم في البداية مجموعة من الخبراء المهنيين، بربطات عنق ثمينة ونظارات سوداء.. يلتقون مساء كل يوم في اجتماع مغلق لإلقاء نظرة ثاقبة على الأحداث ثم إصدار فتاواهم التي يتلقفها الصحفيون وينقلونها طازجة إلى جمهور القراء والمشاهدين .. لكنني لم أعثر على أثر لعناوينهم وأرقام هواتفهم..

 

ثم بحثت في كليات الإعلام عن متخرجين جدد بشهادات ماجستير أو دكتورة في علم مراقبة الأخبار، لكنني لم أعثر على أثر لسجلات أكاديمية تتحدث عنهم أو عن شهاداتهم العليا.

 

وأخيرا سألت صديقا على الفيسبوك: "هل لك أن ترشدني إلى عالم المراقبين الغامض؟"، فقال مازحا: " المراقبون برأيي هم في الأصل شهود عيان حصلوا على ترقية ..لاحظ معي أنك عندما تتحدث عن الأزمة في سوريا تنسب أخبارك إلى شهود عيان لأيام، ثم تتطور الأحداث فيتحول هؤلاء إلى مراقبين للوضع السوري.. وربما كانوا مجتهدين بما فيه الكفاية ليصبحوا في وقت لاحق "محللين سياسيين".

 

العيب طبعا ليس في استخدام المصطلح.. فالصحافة العربية ليس هي من تملك براءة اختراع "المراقبين".. إنه تعبير يلجأ إليه الصحفيون لنقل الرأي الغالب لدى نظرائهم من المختصين، أو لاختصار موقف شائع لدى معنيين بقضية أو توجه عام لدى الخبراء في شأن بعينه.

 

أما أن تعرض رأيك تحت غطاء المراقبين أوتنهي جدلا بسيف موقفك مختبئا وراء المراقبين أو أن تقوّل المراقبين ما لم يقله أحد غيرك، فذلك هو العيب.. مرة قرأت لصحفي قوله: "ويرى مراقبون أن حركة حماس هي صاحب الشرعية الوحيد في قطاع غزة".

 

إذا لم يكن هذا موقفا ورأيا شخصيا وتدخلا في الخبر: فماذا يكون؟ . من هؤلاء الذين يمنحون ويزيحون الشرعيات عن الحكومات والأحزاب والتيارات السياسية؟

 

لك أن تستدعي المراقبين إذن للشهادة أمام المحاكم عندما ستطالك تهمة القذف أو الإساءة للآخرين.. أما أنا فأعدك بوجبة عشاء في أفخم فنادق المدينة، شرط أن تكون مرفوقا ولو بمراقب واحد من هؤلاء الذين تتحفنا بآرائهم صباح مساء.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.