تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

دلالات ومعاني وأهداف التفجيرين الأخيرين في دمشق

بقلم جاك خزمو

رئيس تحرير مجلة البيادر المقدسية

 

هز العاصمة السورية صباح يوم الخميس 10/5/2012 تفجيران ارهابيان أديا إلى مقتل 55 مواطناً سورياً وجرح أكثر من 370 آخرين، مع 15 حقيبة لأشلاء جثث متناثرة في موقع الانفجارين. وقد قام بعمليتي التفجيرين منتحران قادا سيارتين، وقد تم تفجيرهما في نفس المكان أو الموقع وهو منطقة القزاز، وهي منطقة تعج بالمواطنين، وهي منطقة حيوية. وقد شعر بالانفجارين أو بالأحرى التفجيرين سكان العاصمة وعلى بعد أكثر من كيلومتر، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على كمية المواد المتفجرة التي تعدّت الطن كما أكدت مصادر سورية رسمية.

 

بماذا يختلف هذا العمل الارهابي

عن الأعمال الأخرى

يختلف هذا العمل الارهابي عن الأعمال التفجيرية الأخرى بعدة أمور ومن أهمها:-

1.     كمية المواد التفجيرية المستخدمة إذ أنها كمية مدمرة جداً إذ تم تدمير حوالي 400 منزل بصورة كبيرة، وتدمير وحرق واصابة أكثر من مائتي سيارة.

2.     الإنتحاريان اختارا نفس المكان، إذ في التفجيرات الأخرى كان الانتحاريون يتوزعون كل واحد يرتكب جريمته وفعلته اللاإنسانية والارهابية في منطقة.

3.     المواد المستخدمة لتفخيخ السيارتين هي مواد قوية الانفجار، وقد تم تهريبها من الخارج.

4.     في هذين التفجيرين تم اختيار الوقت الذي تتواجد فيه أعداد كبيرة من المواطنين، ويوم عمل ويوم دراسة إذ أن التفجيرات السابقة وقعت أيام الجمعة والسبت.

5.     تمت هاتان العمليتان الارهابيتان بوجود المراقبين الدوليين، في حين أن التفجيرات السابقة، أو بالأحرى بدات في اليوم الأول لوجود بعثة المراقبين العرب بقيادة مصطفى الدابي، في 23 كانون الأول 2011.

6.     هذان الانفجاران أوقعا أكبر الخسائر المادية والبشرية مقارنة بالعمليات الارهابية السابقة.

7.     هذان التفجيران استهدفا مدنيين ولم يستهدفا موقعاً أمنياً كما هو الحال في الأعمال الارهابية الأخرى.

8.     لأول مرة يلقى هذان التفجيران الارهابيان ردود فعل قوية مدينة لهما من قبل اميركا ودول اوروبية إضافة إلى بيانات الادانة والشجب من دول وجهات صديقة لسورية.

 

التوقيت

عندما يقع حادث تفجير ارهابي لابدّ من التساؤل حول التوقيت؟ ولربما أن التوقيت ليس مهماً، ولكنه في بعض الأحيان يقدم دلالات واشارات وتفسيرات لأهداف مثل هذه العمليات الارهابية.

فالتوقيت لهذين الانفجارين هو مرور ثلاثة أيام فقط على اجراء انتخابات مجلس الشعب السوري إذ جرت يوم 7 أيار 2012 باقبال كبير ومشاركة جماهيرية واسعة، وأكثر من 25 حزباً اضافة الى قوائم المستقلين المتنوعة. وتمت العمليتان أو التفجيران أثناء فرز أصوات الناخبين. ويبدو أن المحاولة لتعكير أجواء الانتخابات فشلت نتيجة الإجراءات الأمنية المشددة، وان دعوات المقاطعة للانتخابات فشلت أيضاً مما حدا بالجهة التي تقف وراء هذه العملية التفجيرية الارهابية المزدوجة أن تغضب وتعاقب المواطنين الذين يقومون بواجبهم الانتخابي، ويدافعون عن وطنهم، ويمارسون حقوقهم على أكمل وجه دون الاهتمام بالدعوات المشبوهة التي تستهدف وقف مسيرة الاصلاح أو عرقلتها أو تعطيلها، لذلك تم استهداف المدنيين كعقاب لتأدية واجبهم، ولذلك أيضاً فإن التفجيرين استهدفا المدنيين مباشرة وليس أية جهة أمنية.

 

الأهداف الخطيرة

هناك أهداف كثيرة من وراء القيام بمثل هذه العمليات الارهابية البشعة والفظيعة، ويمكن حصرها بالآتي:-

·        بث حالة من القلق والرعب بين المواطنين، وبالتالي هز أحوال الاقتصاد والتجارة والمال. والمس بالحياة اليومية للمواطن.

·        محاولة ضرب الاستقرار من خلال الايهام بوجود فلتان أمني، وعدم استطاعة أجهزة الأمن من السيطرة على هذه المجموعات الارهابية التي تسللت إلى سورية للقيام بهذه الأعمال الوحشية البشعة.

·        محاولة ضرب الوحدة الوطنية، والايقاع بين ما بين مؤيد ومعارض، وخلق فتنة طائفية.

·        محاولة اظهار أن المعارضة لسورية سواء في الداخل والخارج قوية ولها أذرعها واستطاعت هز العاصمة دمشق.

 

ولكن، ردود الفعل على هذه العملية التفجيرية أو تلك تؤكد فشل هؤلاء الارهابيين في تحقيق أهدافهم، وتؤكد أن من يقوم بمثل هذه الأعمال ليسوا بشراً، وهم أدوات فقط، ومن يقتل المدنيين هو مجرم، ولا يريد إلا تدمير الوطن.

ولذلك، من المؤكد أن جميع الأهداف "المأمولة" للجهات الارهابية قد فشلت، وردود الفعل، والتصريحات والاقوال العديدة للمواطنين بعد وقوع هذين التفجيرين يعطيان دلالة واضحة على أن الشعب السوري واع وموحد لا تنطلي عليه أهداف هذه العمليات، ولن يسمح بمرور أي منها، وسيواصل مشوار الحفاظ على وطنه، والدفاع عن سيادته هو وحده، وسيزيل هذه "الشوكة" من الجسد السوري لوحده وقريباً. وهذه العمليات تؤكد على أمور ودلالات عديدة.

 

دلالات غضب وفشل

الجهة التي تقف وراء مثل هذه العمليات فقدت أعصابها وغاضبة لأن ما تدعو اليه لتدمير سورية لم يتجاوب معه أبناء سورية، ولأن ما تقوله عن الوضع في سورية يتعرى، والادعاء بوجود معارضة قوية تنكشف أكاذيبه العديدة، ومحاولات عرقلة مسيرة الاصلاح وتحقيق الديمقراطية تسير الى الأمام ولو بخطوات بطيئة، ولكنها هي خطوات ثابتة ومدروسة.

هذه العمليات تؤكد فشل الجهات المعادية لسورية من الحصول على أي انجاز على أرض الواقع، وفشلت فشلاً ذريعاً، ولذلك لجأت الى الاسلوب القذر وغير الحضاري، واللاإنساني بوضع عبوات ناسفة، والقيام بعمليات انتحارية وحشية تستهدف سورية كلها ومن دون أي استثناء.

وتؤكد هذه العمليات أن سورية تتعرض لارهاب عالمي واسع، وان جهات عديدة تدعي أنها ضد الارهاب، هي في الواقع الممولة والداعمة له، وعداؤها لسورية ناجم عن أسباب عديدة ومن أهمها أنها دولة ذات سيادة ومستقلة في القرار، وصلبة وثابتة في المواقف، ولا تهاب أحداً، ولا تمالق جهة، ولا تساوم من أجل الحصول على مكاسب، ولا تأبه للاغراءات من أجل انحرافها عن مبادئها، فهي دولة لها وزنها وثقلها ودورها ووجودها في المنطقة، ولربما في العالم أيضاً، لذلك فإن هؤلاء الأعداء يودون ويأملون ويسعون إلى اضعاف سورية قدر الامكان، واستنزاف قدراتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية حتى تصبح دولة ضعيفة، لكن هذه المساعي ستفشل بفضل التحام الجيش والشعب والقيادة، وبفضل صمود الشعب السوري الواعي الذي عرّى المؤامرة وكشفها بكل سهولة.

ولا بدّ من القول أن مثل هذه العمليات الاجرامية تؤكد من جديد أن هناك سلاحاً يُهرّب إلى سورية، وان جهات عدة تقف وراء هذا التهريب، وأن أموالاً ضخمة تضخ للارهابيين للقيام بهذه العمليات. ويعني كل ذلك أن سورية تواجه تدخلاً خارجياً، وليس أزمة داخلية كما يدعي كثيرون، وان معركتها هي مع الخارج، مع أعداء المقاومة المشروعة، ومع أعداء العروبة، ومع أعداء الاستقرار، وان هذه المعركة قد تطول لأن الجهة الداعمة للارهاب والمعادية لسورية هي ليست جهة واحدة بل جهات وتحالف ضلالي وظلامي يظن أن سورية سهلة، ويمكن السيطرة عليها، ولكنها أثبتت للجميع أنها عصية، ولن تمر المخططات والأهداف.

لذا لا يستبعد أحد تواصل مسلسل التفجيرات البشعة، ولربما محاولات اللجوء للاغتيالات لقيادات سياسية واجتماعية وتربوية وتجارية، وهذا كله دليل فشل ذريع، ودليل هزيمة الأعداء، الذين يتسخدمون آخر أوراقهم القذرة والوسخة والتي لن تنفعهم، ولن تحقق لهم أي شيء، بل تعريهم أمام العالم كله.

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.