تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل تعتذر لجنة جوائز نوبل عن الخطأ الذي ارتكبته.. اوباما لا يستحق جائزة نوبل للسلام

 

                                                                                                                                                     رئيس تحرير مجلة البيادر المقدسية: جاك خزمو

 

 

 

 

تفاءل كثيرون عندما تولى باراك اوباما منصب الرئاسة في الولايات المتحدة، وظنوا أن عهد الهيمنة الاميركية على العالم قد ولى، وان سياسة العدوان والظلم ضد الشعوب ستتوقف، وان الاحتلال الاميركي للعديد من الدول سينتهي، وان معتقل غوانتنامو سيغلق، وخطة احداث الفوضى "البناءة" في منطقة الشرق الأوسط قد انتهت وقد وضعت في الجارور أو على الرف.

 

وتفاءل أيضاً أعضاء لجنة "نوبل" فقرروا منح الرئيس اوباما جائزة نوبل للسلام للعام 2009، وهو لم يحقق شيئاً لصالح السلام، وكانت الجائزة قد منحت اعتماداً على فرضيات وظنون وتوقعات بأن الرئيس اوباما هو رجل السلام في العالم كله، وسيحقق الكثير في فترة ولايته الرئاسية.

 

لننظر ماذا حقق اوباما خلال فترة حكمه حتى الآن، أي لمدة ثلاث سنوات ونصف من ولايته الاولى التي تنتهي مع نهاية العام الحالي. هل حقق "السلام" للعالم أم أنه زاد "الطين بلة" واضطراباً وتوتراً وفوضى.

 

ما زال الجيش الاميركي متواجداً في أفغانستان، يقتل بصورة وحشية وشرسة المدنيين، ويغير على مناطق في الباكستان أيضاً.. وانسحب الجيش الاميركي من العراق مضطراً ومجبراً ليس لأن الرئيس اوباما أراد ذلك، بل أن الاتفاق الذي وقعه الرئيس السابق جورج بوش الابن مع القادة العراقيين حدد الانسحاب أواخر عام 2011، واوباما طبق هذا الاتفاق مع انه سعى قدر ما يمكن لبقاء الجيش على الاراضي العراقية، لكن العراقيين لم يتجاوبوا مع هذا السعي، وهذه الرغبة.

 

أما في الشرق الأوسط، فقد قام الرئيس اوباما بتنفيذ خطة احداث "فوضى خلاقة" في الشرق الاوسط علماً أن الرئيس السابق بوش تراجع عنها، وادرك خطورة نتائجها. وتخلى اوباما عن حلفاء اميركا من "الزعماء" العرب، تخلى عن زين العابدين بن علي، وعن حسني مبارك، وعن علي عبد الله صالح، وعن معمر القذافي الذي سلم كل ما لديه من سلاح وقدرات وامكانيات للولايات المتحدة، و"بَصم" لها "بالعشرة"، وتحول إلى صديق مخلص لها.

 

هذا التخلي عن الحلفاء يعني أن اوباما أو الادارة الاميركية ليست وفية لاصدقائها، بل "تلفظهم" وتُلقي بهم في مزابل التاريخ عندما تتطلب مصالحها ذلك. وهذا التخلي أدى الى عدم استقرار هذه الدول تونس ومصر واليمن وليبيا.

 

اوباما أغمض عينيه، لا بل دعم، القصف الجوي الأطلسي على ليبيا تحت يافطة الدفاع عن الشعب الليبي أمام جبروت الطاغية القذافي الذي كان بالامس القريب صديقاً وفياً لقادة ايطاليا وفرنسا والعديد من دول العالم. وكانت النتيجة مقتل واصابة أكثر من 300 ألف ليبي، وولى الاستقرار في ليبيا التي تعاني اليوم من اقتتال داخلي مرير جداً.. وأصبحت ليبيا مصدراً لتصدير "الارهابيين" الى سورية، ولربما في المستقبل الى دول "اوروبية".

 

في خطابه في جامعة القاهرة وفي شهر حزيران 2009، مدّ اوباما يده للدول الاسلامية لفتح صفحة جديدة من العلاقات، وبالفعل اقام علاقات ليس مع الدول الاسلامية بل مع قادة حركات سياسية اسلامية من أجل تنفيذ مخططاته حتى تصبح دول العالم الاسلامي ضعيفة وتحت هيمنته. واستخدم قادة تركيا وقطر للقيام بهذه المهمة، وفي "جذب" هؤلاء باتجاهه. وها هو عبر هاتين الدولتين يشن "حرباً" عالمية كبيرة ضد سورية لاحداث فوضى فيها تخدم مصالحه ومصالح اسرائيل، وارسل الارهابيين الى الداخل السوري. وها هي سورية تواجه ارهاباً منظماً مدعوماً من المجتمع الدولي الفاسق الممالق المخادع، ومن خلال وكلائه تركيا وقطر والسعودية. ويظن اوباما واتباعه أن سورية سهلة، ولكنه وجد أنها صلبة قوية قادرة على مواجهة هذا المخطط الخطير لضرب سلوكها، أي دعمها للمقاومة، ولممانعتها لسياسة الهيمنة الاميركية في منطقة الشرق الأوسط. وان اليافطات التي رفعت للمطالبة بالحرية والديمقراطية والاصلاح ومحاربة الفساد، هي يافطات كاذبة ودجالة وخداعة، إذ أن هذه المطالب قد حققت في سورية، وما زال الارهابيون يعيثون في الأرض السورية تدميراً وتخريباً وفوضى. ولكن ما هي إلا شهور حتى يتم القضاء عليهم ويسقط هذا المخطط الخطير.

 

لقد سلم اوباما الحكم في تونس وليبيا ومصر واليمن الى قادة "الاسلام السياسي". والذين ركبوا موجة المطالبة بالتغيير، وحققوا بدعم اميركي أهدافهم بالوصول إلى سدة الحكم، أي أن اوباما يتحمل مسؤولية الفوضى في سورية، وما يعانيه عالمنا العربي اليوم، من خلال دعمه لما تقوم به عناصر ارهابية مجرمة في سورية والعراق.

 

اوباما يتدخل في شؤون العديد من الدول إذ يطالب بتنحي هذا الزعيم أو ذاك، وكأنه سيد العالم.. ولكنه في سياسته هذه خسر كثيراً وارتكب أخطاء استراتيجية كبيرة جداً.. ومن خلال نشر منصات للدرع الصاروخي في تركيا، ودعمه للفوضى في العالم العربي، وللارهاب في سورية فإن قطباً منافساً قد ظهر على الساحة يضع حداً للهيمنة الاميركية على العالم، وهو القطب الروسي الصيني الموحد الذي يقف بالمرصاد للسياسة الاميركية الظالمة في العالم.

 

في عهد اوباما لم يتحقق أي سلام لا في منطقة الشرق الاوسط، ولا في أي منطقة من العالم، بل واجه العالم المزيد من المشاكل والفوضى والاضطراب.. وعد بحل عادل للقضية الفلسطينية، طالب بوقف الاستيطان، ولكنه تراجع عن هذا المطلب، وبدأ يمالق السياسة الاسرائيلية.

 

انطلاقاً من كل ما ذكر، فإن على لجنة نوبل أن تعتذر للعالم وتقول أنها أخطأت بمنحها جائزة نوبل للسلام للرئيس الاميركي، وان توقعاتها كانت بعيدة عن الواقع وعليها سحب هذه الجائزة منه.

 

وإذا كان الرئيس اوباما شجاعاً، ونشك في ذلك، فعليه أن يعيد الجائزة إلى أصحابها ويعترف أنه لا يستحقها، عندها فقط ليثبت انه رئيس غير قادر على تنفيذ وتطبيق ولو جزء قليل من وعوده.. وانه رئيس مسيّر وليس مخيَّراً. وانه رئيس فاشل لان منصب الرئاسة هو الذي يُملي عليه ما يجب عمله، وانه لا يستطيع تطبيق ما يؤمن به!

 

هل يقوم اوباما بهذه الخطوة؟! وهل تقوم لجنة نوبل بالاعتذار عن الخطأ الذي ارتكبته؟ نشك في ذلك.. وشكنا له أسبابه وهو يقين.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.