تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل يخسر الكرد بعدم تعلم العربية؟


 

محطة أخبار سورية

تعرض الأكراد، كما تعرضت مكونات عرقية وثقافية أخرى سكنت في دول المنطقة المحكومة بأنظمة استبدادية أو غير مكتملة الديمقراطية، إلى سياسات تمييزية وإقصائية وصلت في بعض الأحيان حد محاولات التطهير العرقي والثقافي، بل وربما الإبادة الجماعية.

 

وسعى الاستبداد على مدى عقود لتحقيق نوع من الاستيعاب المفروض من أعلى، يفرض من خلاله ثقافة ذات لون واحد على مجتمع متعدد الألوان، ضاربا عرض الحائط بالهوية اللغوية والتراث الثقافي والمنتج الفني والأدبي الصادر بلغة غير لغة البلاد الرسمية، والتي لم يعتمد غيرها لغة رسمية كوسيلة استبدادية لطمس هويات الأقليات العرقية التي تتحدث لغات أخرى.

 

وقاوم الأكراد في دول المربع المحيط بمنطقة كردستان، والمؤلف من سورية والعراق وتركيا وإيران، هذه السياسات بطرق متعددة بحثوا من خلالها عن تحقيق نوع من التضامن والاحتفاظ بالثقافة والتمسك بالهوية خشية من ذوبانها وامحائها، إلا أن رد الفعل المقاوم هذا بلغ في بعض الأحيان مبالغ شوفينية، جعلت عدداً من أولياء الأمور لا يكتفي بتعليم أبنائه الكردية وفرض الحديث بها، بل أصبح بعضهم يمنع عنهم تعلم اللغة العربية في رد فعلٍ معاكس لتصرفات الأنظمة القومجية العروبية.

 

وإذا كان من البديهي القول إن على الدول أن لا تتعامل بشكل محايد مع اللغات الحية في البلاد فتعتمدها لغاتٍ رسمية وتحجز لها حصتها في مؤسسات الإعلام والثقافة الرسمية والإدارة والخدمات، فإن تقصير الدولة بهذا الخصوص لا يجب أن يؤدي إلى رد فعل شوفيني معاكس يدفع عدد من الشباب الكردي ثمنه في كثير من الأحيان.

 

لا تقتصر خسارة الأكراد القاطنين في دول عربية، من غير المجيدين للغة البلاد الرسمية، على الجانب الإنساني والثقافي، بل تتركز أساسا في الجانب الاقتصادي، إذ تصبح قدرة الشاب الكردي غير المتقن للعربية على المنافسة في سوق العمل أقل من نظيرتها لدى الشاب الكردي المتقن لهذه اللغة وبالتأكيد لدى الشاب العربي، أي أن شاباً كردياً يحمل مؤهلاً علمياً ما ولا يتقن العربية لن يكون لديه الفرصة للحصول على فرصة عمل ما مقارنة بشاب آخر بالمستوى والتأهيل العلمي نفسه ولكنه يتقن اللغة العربية، وذلك بالتأكيد في مجتمع تكون فيه لغة التجارة والخدمات والاقتصاد والإدارة العامة وغيرها هي اللغة العربية.

 

ومن نافل القول الإشارة إلى أن إقامة دولةٍ كردية مستقبلاً، سيفرض على أقلية عربية تعيش فيها، أو على أقليات أخرى تنطق بغير الكردية، تعلم لغة البلاد الأولى إذا كانت تريد لأبناءها فرصاً متساوية في سوق العمل، وسيفرض على الدولة اعتماد اللغات الأخرى كلغات رسمية إذا أرادت ألا تستجر تجارب استبدادية أحدثت شرخاً بين شعوب المنطقة.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.