تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قرار "عربي" مجحف بحق الاعلام السوري..

                                                             بقلم جاك خزمو رئيس تحرير مجلة البيادر المقدسية

 

 

اجتمع مجلس وزراء الخارجية العرب في الدوحة، وبناءً على اقتراح سعودي قطري، قرر الوزراء وقف بث الفضائيات العربية السورية الثلاث الفضائية السورية، والاخبارية السورية، والدنيا من خلال القمرين الصناعيين العربيين اربسات ونيلسات. وجاء هذا القرار، حسب الادعاء القطري السعودي، رداً على مجزرة "الحولة" في ريف حمص. وهذا القرار يهدف إلى منع الصوت الوطني السوري من الوصول إلى كافة أنحاء العالم العالمي.

أسباب القرار

دوافع القرار معروفة ومن أهمها هو اسكات الصوت السوري لعدة أسباب ومن أهمها:-

· القنوات السورية نجحت في كشف الحقيقة، وتعرية الفضائيات التي تشارك في الحرب على سورية من خلال بث الاكاذيب، والمساهمة إلى حد كبير جداً في تضليل الرأي العام العربي، وكذلك العالم كله.

· هذه القنوات السورية رغم امكانياتها المادية المحدودة التي لا تقارن بامكانيات دول الخليج الثرية بالنفط والتمويل الكبير لها، استطاعت أن تكسب المشاهد العربي من خلال برامج واقعية صادقة متزنة، ومن خلال استضافة العديد من الباحثين والمفكرين والاكاديميين، ومن خلال هامش الحرية الواسع التي تتمتع به هذه القنوات مقارنة بالفضائيات التي تدعي انها مع الرأي والرأي الآخر.

· ما زالت هذه الفضائيات السورية تحمل روح الوطنية والقومية، وتدافع عن القضايا العربية الوطنية والقومية، وتقف دائماً الى جانب المناضلين والوطنيين الشرفاء،وتدعم خط ونهج المقاومة المشروعة الشريفة، وهي ضد الاستسلام والخنوع والركوع الذي يظهر على خط الفضائيات الممولة خليجياً، والتي تعطي الاسرائيلي حق الهجوم والتهجم والشتيمة ضد العرب، وتعطيه الفرصة ليعبّر عن رأيه المضلل الخادع، في حين ما زالت هذه الفضائيات السورية تدافع عن القضية الفلسطينية خير دفاع، وتهتم في اخبارها ما يجري في فلسطين من اعتداءات واجراءات اسرائيلية قمعية بحق شعبنا الفلسطيني.

· الفضائيات السورية مستمرة في اجراء مقابلات مع ارهابيين معتقلين أوضحوا وكشفوا للعالم المؤامرة التي تتعرض لها سورية. ومستمرة في بث تقارير خاصة متواصلة عن التضليل الاعلامي، والرد على الاخبار الملفقة الكاذبة التي تبثها مئات الفضائيات الممولة خليجياً واستعمارياً.

· بدأت شعبية القنوات الخليجية و"العربية" التابعة لقادة دول الخليج تقل، وتخسر هذه القنوات المتآمرة العديد من المشاهدين بسبب كذبها، وبسبب استقالة عدد من العاملين البارزين فيها الذين لم يتحملوا أن يواصلوا العمل في قنوات معادية للعرب، وتستهدف العروبة، وتسعى الى تدمير الوطن العربي.

انطلاقاً من الأسباب المذكورة سابقاً، ولأن قادة هذه الدول لا يريدون اعلاماً وطنياً ممانعاً مقاوماً مناضلاً صادقاً محبوباً، ومتابعاً، ومشاهداً، فقد قرروا مواصلة اتخاذ اجراءات ضد سورية، وضد اعلامها بعد أن استنفذوا كل العقوبات السياسية والاقتصادية بحقها تحت شعار مناصرة الشعب السوري، وهو بالفعل شعار غير صحيح لأن هذه الاجراءات ليست مناصرة للشعب السوري، بل معاقبة له على وطنيته، وتمسكه بوحدته، ورفضه لهذه المؤامرة، ولوقوفه الى جانب وطنه والدفاع عن سيادته، ورفضه لأي تدخل "أجنبي" أو خارجي.

نتائج هذا القرار

لقد كانت ردود الفعل قوية جداً على هذا القرار السياسي البشع والمعادي جملة وتفصيلا لحرية الانسان، وحقوقه في الحصول على كل المعلومات الصادقة الصحيحة.

ردود الفعل كانت بحد ذاتها نتائج سلبية لهذا القرار، وعلى أصحابه، إذ أنها أثارت مواضيع الحريات و"الديمقراطية" و"الاصلاحات" في الدول الخليجية، واكدت ردود الفعل شجبها لمثل هذا القرار، واستنكارها العام لمثل هذه الاجراءات والتصرفات الرعناء.

ردود الفعل على الساحة السورية كانت لصالح سورية إذ أن قرار وزراء مجلس الجامعة العربية هو شهادة، من حيث لم يدر هؤلاء الوزراء، على أن الاعلام السوري ناجح ومتطور، ومنافس قوي لفضائيات هؤلاء القوم الاعراب، وعلى أنه يُعاقب لصدقه ومصداقيته ولقوله الحقيقة ولبرامجه التي تؤثر على الاعلام المضلل الخادع المشارك في المؤامرة على سورية. وشهادة بأن هذا الاعلام السوري هو وطني بامتياز، والوطنية تستفز المرتمين بأحضان الاستعمار. واكدت ردود الفعل ان هذه الدول "العربية" تنفذ اوامر ورغبات السيد الغربي الجالس في البيت الابيض عبر وكلائه السفراء الاميركان المعتمدين في عواصم هذه الدول. واكدت ردود الفعل استهزاء العرب الوطنيين والشرفاء وكل السوريين بهذا القرار الذي يعبّر عن "غباء" كبير، وجهل لا يوصف لاصحاب القرار وخاصة الذين طرحوه وفرضوه على الوزراء العرب بالترغيب والترهيب، وهذا ما ستكشفه الايام والاسابيع ولربما الشهور والسنوات القادمة.  

قرار سياسي واضح

المواضيع التي تتعلق بالبث الفضائي ليست من صلاحيات وزراء الخارجية، بل وزراء الاتصالات العرب، وكذلك وزراء الاعلام العرب، ولكن وزراء الخارجية العرب هم الذين اتخذوا هذا القرار، بمعنى أنه قرار سياسي ضد سورية، وليس قراراً اعلامياً أو مهنياً، وهذا يعكس حالة التخبط التي يعيشها هؤلاء الوزراء لان كل ما بذلوه من اجل المس بسورية فشل فشلاً ذريعاً، وبالعكس فان سورية تزداد يوما بعد يوم صلابة ومناعة. وهذا القرار السياسي يعكس عدة أمور:-

· حالة من القلق التي يعيشها هؤلاء الوزراء لفشلهم في تأدية مهامهم وواجبهم نحو سيدهم في الغرب؟ وخوفهم من أن هذا الفشل قد يؤدي الى معاقبتهم من خلال التخلي عنهم، وبالتالي سيلقون مصيراً مدمراً لهم.

· أن سورية قوية، ولم يكن لأي من قرارات العرب والدول الغربية بفرض عقوبات متعددة ومتنوعة ضد الشعب السوري، أي مفعول على أرض الواقع.

· إن "المعارضة" التي يدعمونها هؤلاء الوزراء (أو بعضهم الخليجيون) بالسلاح بشتى أنواعه، والمال الوفير، لم يحرز أي انجاز على ارض الواقع، بل ان هذه "المعارضة" ليست معارضة بل "ارهاباً" خطيراً لا بدّ أن ينعكس سلباً على هذه الدول قريباً بإذن الله. وبدأ العالم كله، وخاصة الرأي العام يكتشف الحقيقة أكثر وأكثر، ويعرف ويعلم أن هذه الدول تدعم الارهابيين لانها لا تريد ديمقراطية ولا اصلاحات، ولا دولة مدنية حضارية، يريدون أن ينهمك العالم العربي في خلافات ونزاعات واقتتال حتى لا يلتفت العالم ولا تلفت شعوبهم إلى أنظمتهم الفاسدة، والأكثر ديكتاتورية من أنظمة مبارك والقذافي وزين العابدين بن علي، وحتى يبقى هؤلاء جالسين على عروش من الكرتون التي قريباً ستتساقط.

نكران الجميل

نسي هؤلاء الوزراء ما قدمته سورية عبر العقود الماضية من دعم ومؤازرة، وما تحملته من أعباء دفاعاً عن القضايا العربية جميعاً. فعندما احتلت الكويت، صدرت العديد من الصحف والوسائل الاعلامية العديدة (الكويتية) من دمشق. وفي العدوان الثلاثي على مصر، كانت سورية الدولة التي وقفت الى جانب مصر إعلامياً وعسكرياً، ويجب ألا ننسى دور البطل الوطني السوري جول جمال الذي أوقع خسائر باهظة وكبيرة في عمليته الاستشهدية ضد مدمرة وحاملة جنود فرنسية كبيرة عام 1956. ويجب ألا ننسى أن سورية احتضنت النازحين العرب من الكويت والعراق ولبنان.. ولم تقل "اف" في يوم من الايام، ولم تُقم مخيمات، ولم تستغل أو تستثمر قضايا العرب العديدة للحصول على مال أو الابتزاز السياسي أو المالي، لان سورية لا تؤمن بالعروبة فقط، بل تمارسها بأحسن وافضل اشكالها، وتدفع ثمناً كبيراً للدفاع عن العروبة الحقيقية التي تحاول جهات عديدة تشويه صورتها والمس بها.

الدول الخليجية ليست وفية، وهذا ما أثبتته الاحداث في سورية، وما كشفته المؤامرة على الشعب السوري. احتضنت سورية قادة السعودية وقطر وجميع دول الخليج، واقامت علاقات طيبة وجيدة معهم ولكن قادة هذه الدول ردوا على "الجميل" و"العرفان" السوري بالنكران، وبالتآمر والعداء. وهذا يؤكد أن هؤلاء ليسوا "قادة" بل وكلاء، ولربما أدوات في يد الاستعمار.. أي أنهم بالعربي الفصيح خدام وليسوا أحراراً.. وهذا ما أثبتته الأزمة السورية، وهذا ما أكده قرارهم المعادي للديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الانسان.

المس بالقضية الفلسطينية

من يتخذ قراراً مناهضاً ومعادياً لوسائل اعلامية تتبنى القضية الفلسطينية وتناصر الشعب الفلسطيني في معاناته، فهو يقف ضد هذه القضية لانه بهذا القرار يخدم اسرائيل أولاً وأخيراً، التي تريد اسكات كل الاصوات التي تناصر وتؤيد وتدعم شعبنا الفلسطيني. ومن هنا يمكن القول ان دول الخليج العربي تقف ضد القضية الفلسطينية عملياً ولو أنها تناصرها شكلاً فقط. لان من اتخذ القرار ولو درس جيداً تبعاته العديدة، وكان حكيماً وصاحب ضمير حي، وكان وطنياً وعروبياً لما اقدم عليه.. ولكن، ولأنهم لا تهمهم نتائج مثل هذا القرار، فإنهم مضوا به، وتبنوه. وبالفعل فإن مردوده سيكون سلبياً عليهم عاجلاً أم آجلاً.

ماذا عن الفضائيات الاباحية والمحتالة

بدلاً من الوقوف ضد اعلام وطني شريف مقاوم ملتزم متزن صادق كان من الاجدر على الوزراء العرب أن يتخذوا قراراً شجاعاً مسانداً وداعماً للاخلاق العروبية الاصيلة، ومدافعاً عن القيم الانسانية، وعن التعاليم السماوية، وهو قرار بايقاف بث جميع الفضائيات الاباحية التي تعمل على تشجيع الاخلاق الخسيسة المخالفة للدين، وبايقاف الفضائيات التي تحتال على جيب المواطن من خلال "الفوازير" و"الأحجيات" العديدة التي تنهب المال من جيب المواطن العربي الساذج باجراء اتصالات هاتفية كلها مفبركة وكاذبة.. وبايقاف الفضائيات التي تتبنى الفتنة لضرب الدين الاسلامي وللايقاع بين أبناء الامة الاسلامية، وادخالهم في اتون نار طائفية بشعة وقذرة ومهلكة مستخدمة الدين لمآرب تخدم الأعداء، ولا تخدم أبناء الامة العربية بشيء.

من الظاهر أن بعض هؤلاء الوزراء مرتاحون من وجود مثل هذه الفضائيات، أو أنهم لا يستطيعون ايقافها لأسباب "تجارية" لأنها تحقق مكاسب لهم بشتى الطرق الملتوية، أو أنهم لا يستطيعون ايقافها أو التعرض لها حتى لا "يمسوا" حرية التعبير والديمقراطية التي يدعون دعمهم لها.

لم يبق لهم شيء سوى التراجع

حاول وزراء الخارجية العرب بقيادة قطر والسعودية اتخاذ شتى أنواع القرارات والعقوبات ضد الشعب السوري، وفشلوا فشلاً ذريعاً.. وليس لديهم سوى التراجع عنها قبل فوات الأوان، مع أن "الأوان" قد فات عليهم جداً.

هذه القرارات المناهضة والمعادية للشعب السوري لم تؤد الى النتائج التي سعى اليها أعداء الشعب السوري.. وبالعكس فإن هذه الرزمة من القرارات زادت الشعب السوري تلاحماً وتعاضداً وتماسكاً ووحدة. ولهذا فإن المتوقع بعد فترة أن يعمل هؤلاء على "التراجع"، ولكن تراجعهم سيكون مذلاً.. وهذا ما ستثبته الوقائع على الأرض، وما تشهده الساحة الدولية من تحركات سياسية، وهذا ما سيؤكده وسيثبته أيضاً صمود الشعب العربي السوري الشجاع الرائع.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.