محطة أخبار سورية
في قصة للكاتب التركي عزيز نيسين عن مجانين يسيطرون على مدينة ويبدأ الناس بالهتاف «يعيش المجانين» و«ويحيا الجنون»...
ثم عندما يصدرون دستور المدينة تكون فيها مادة واحدة فقط مكررة مئة مرة فحوى المادة «المجانين يتعهدون بتخريب كل ما بناه العقلاء».. لست معنياً في سرد باقي القصة التي لا أحتاج إلى التذكير بأنها ساخرة لكنها على ما يتبدى لنا أننا نعيش في أجواء مشابهة حيث الجنون يطغى على كل شيء، والسوريون أصبحوا يتقاتلون حتى الموت ونحن الذين كنا نفاخر أننا لا نملك قاموساً طائفياً ولا مفردات شتائم طائفية أصبحت بعض شعاراتنا سباباً وعداء!! وها نحن نخرب إرثاً من الحكمة التي تجمعت في السوري منذ آلاف السنيين. إننا ببساطة تعهدنا بتخريب علاقات إنسانية معمرة بالتاريخ.
ما يحدث في سورية يشبه حفلة مجانين يلعبون مع عزرائيل!!! أليس من قمة العبث أن يتحول السوري إلى قاتل أو مقتول. أو سياسة أقتلك كي لا تقتلني بترجماتها المختلفة.
ثمة من يدعوك لتجهز كفنك فلماذا تساعده في حفر قبرك؟ يبدو المشهد كما لو أنها دعوة موت للسوريين والبعض يتلقاها شاكراً!!
هذه الأيام من أشد أيام الظلمات في حياة السوريين ولا أريد أن أبيع وهماً زائفاً بعد هذه المقدمة الملأى بالتشاؤم ونحن غارقون في أحزاننا، لكن من المؤكد أن اللحظات الأكثر ظلاماً هي تلك التي تسبق الفجر. وهي أمنيات أكثر مما هي توقعات فقد خابت معظم توقعاتنا من بداية الأزمة وحتى الآن. لكن هل يمكن أن يحفز كل هذا الموت الدعوة للعودة للتعقل؟
أسأل الآن من اللاعبون الرئيسون في الأزمة السورية؟ ويمكنكم أن تضعوا القوائم التي تعجبكم سواء كنتم من الموالاة أم المعارضة أم ممن هم من معظم الشعب السوري الذي يريد أن يتوقف الجميع عن اللعب بحياته. أقول.. كل يضع قائمته وسيجد أن المواطن السوري هو آخر من له دور فعال في هذه اللعبة القاتلة.
وأيضاً سنجد أن اللاعبين بالدم السوري كثيرون ومختلفون لكن الضحية ليست إلا ضحايا سوريين على حين العالم يتابع ويحلل ويندد ويحرض.
لنعترف وتأخرنا في الاعتراف أننا في حالة استعصاء سياسي وأمني وحتى اجتماعي وينبغي ألا ننتظر معجزة للخروج من أزمتنا الدموية بل يجب أن نخلق مبادرة تشبه الآن المعجزة... والكل يعرف أن الحل بأن يتحول حوار الرصاص إلى حوار سياسي... والغالب فيه ليس الأكثر دموية بل الأكثر إقناعاً إنسانياً وفكرياً. والمسألة فقط تبدأ من التوقف عن جنون الدم إلى حديقة الحكمة. دعوني آمل مجدداً أن الفجر عادة ما يأتي بعد اللحظات الأكثر ظلمة.
مجنون يحكي:
• العاقل يحاول أن يلائم حياته مع العالم، أما المجنون فيصمم على تغيير العالم ليلائم حياته.
جورج برنارد شو
• الجنون نادر في الأفراد، ولكن في الجماعات والفرق والعصور يكون الجنون هو القاعدة.
فريدريك نيتشه
• أفضل دليل على روعة الحكمة مجنون يتكلم. هنري روبنسون
• الفرق بين العبقرية والجنون هو أن العبقرية لها حدود.
• بوسع المرء أن يتظاهر بالشجاعة، أما الحكمة فلا. هيلفاكس
