تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل أسقط الربيع العربى .. فلسطين من حساباته ؟!

 

بقلم/ د. رفعت سيد أحمد

من بين أطلال 531 مدينة وقرية ومن بين 600 ضيعة وقرية صغيرة، خرج ولم يعد أكثر من ستة ملايين فلسطيني منذ حرب العام 1948 وحتى اليوم (2012)، ومن هؤلاء تشكل ما أضحى يعرف بظاهرة اللاجئين الفلسطينيين الموزعين على كافة أرجاء المعمورة وبخاصة المعمورة العربية التي كانت تسمى سلفاً بـ(الوطن العربي ) وباسم هؤلاء وبسبب مأساتهم تشكل ما بات يسمى بحق العودة، ذلك الحق الذى يعد أهم محاور القضية ، أو هو أصلها إن شئنا الدقة ، وهو القرار الذي أنبنى عليه، وصدر بشأنه عشرات القرارات والتوصيات الدولية، وعقدت بشأنه آلاف المؤتمرات والندوات، وللأسف ذهبت كلها أدراج الرياح بسبب ممالأة الغرب وتآمره مع (إسرائيل) لانتزاع وطن من أهله، ومصادرته مدى الحياة : في أبشع جريمة ضد الإنسانية، جريمة وفقاً للقوانين الوضعية - قبل السماوية - لا تسقط بالتقادم.

* إن العودة ليست حلماً، بل حق أقرته المواثيق الدولية، عودة إلى البيت الذي طرد منه الفلسطيني وليس إلى أي مكان آخر داخل فلسطين كما تحاول أن تفرضه محاولات التسوية الجديدة منذ أوسلو وحتى ربيع الثورات العربية الذى تحاول أمريكا تحويله إلى شتاء قارص يلعنه الجميع وفى مقدمته الشعب الفلسطينى ، لأنه ببساطة ربيع أسقط حق العودة ، مقابل قيام حكم الإخوان والسلفيين فى البلاد العربية ، وكأننا نستبدل نظام مبارك العسكرى بنظام مبارك بلحية !! الشكل تغير ولكن القلب لايزال أمريكى إسرائيلى خاصة فى القضية الفلسطينية .

* على أية حال إن أبرز وأقدم قرار صدر عن الأمم المتحدة بشأن حق العودة هو القرار رقم 194 الصادر يوم 11 ديسمبر 1948 يقضي بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض (وليس: أو التعويض) وأصر المجتمع الدولي على تأكيد قرار 194 منذ عام 1948 أكثر من 135 مرة ولم يعارضه إلا الكيان الصهيوني وأمريكا.

- وحق العودة أيضاً تابع من حرمة الملكية الخاصة التي لا تزول بالاحتلال أو بتغيير السيادة على البلاد.

* * * * * *

- وبالرغم من عدم تطبيق القرار 194، إلا أن ذلك لا يدل علي سقوطه، حيث أنه ينظم حقا لا يسقط بالتقادم، مهما طالت المدة التي حرم فيها الفلسطينيون من العودة إلى ديارهم، لأنه حق غير قابل للتصرف. وهذا يعني أنه من الحقوق الثابتة الراسخة، مثل باقي حقوق الإنسان لا تنقضي بمرور الزمن، ولا تخضع للمفاوضة أو التنازل، ولا تسقط أو تعدل أو يتغيّر مفهومها في أي معاهدة أو اتفاق سياسي من أي نوع، حتى لو وقعت على ذلك جهات تمثل الفلسطينيين أو تدعى أنها تمثلهم.أي أنه لا يسقط بتوقيع ممثلي الشعب على إسقاطه، إلا إذا وقع كل شخص بنفسه وبملء إرادته على إسقاط هذا الحق عن نفسه فقط، وهذا بالطبع جريمة وطنية لم تحدث بعد !! .

- ومن جهة أخري فباجتماع الحقوق الشخصية الفردية، وبالاعتماد على حق تقرير المصير الذي أكدته الأمم المتحدة لكل الشعوب عام 1946، وخصت به الفلسطينيين عام 1969، وجعلته حقاً غير قابل للتصرف للفلسطينيين في قرار 3236 عام 1974. يصبح بذلك حق العودة حقا جماعيا أيضاً.وعليه فكل اتفاق على إسقاط، حق غير قابل للتصرف، باطل قانوناً، كما أنه ساقط أخلاقياً في الضمير الفلسطيني والعالمي، و تنص المادة الثانية من معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 على أن أي اتفاق بين القوة المحتلة والشعب المحتل أو ممثليه باطلة قانوناً، إذا أسقطت حقوقه.. ترى هل فهم القادة الجدد لثورات الربيع العربى من تونس إلى ليبيا ومصر هذه الحقيقة ؟ وهل يعملون على إعادة هذا الحق لأصحابه ؟ .

إن الحقائق تقول للأسف أن هؤلاء الحكام الجدد يسيرون على نفس نهج الحكام القدامى ليس بشأن حق العودة فقط بل بشأن القضية الفلسطينية كلها ، لقد وافقوا على كامب ديفيد ورحبوا بالعلاقات مع تل أبيب وواشنطن ، وكأننا أمام حسنى مبارك آخر ، وكأنك يابوزيد ما غزيت ، ولا عزاء لفلسطين !! .

********

إن (الثورة) التى تسقط حق شعب مثل الشعب الفلسطينى فى العودة الكاملة لأرضه بعد تحريرها من دنس الاحتلال ليست ثورة ، ولا تقول جديداً عندما تؤكد أن من يسقط هذا الحق تحت أى مسمى إنما يسير على النهج الصهيونى بالضبط ولنتأمل هنا الدراسة الوثائقية والتأسيسية والخطيرة التي قدمها مركز جافي للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب عام 1994 وكانت تحمل عنوان "مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، قضايا الحل الدائم : إسرائيل - الفلسطينيون" بقلم شلومو غازيت، أحد كبار رجال الموساد.

عمدت هذه الدراسة إلى "نسف" الأساس الذي أرسته الشرعية الدولية بشان اللاجئين الفلسطينيين في القرار الدولي الشهير رقم 194 الذي ينص على حقهم في التعويض والعودة. التعويض عما خسروه من ممتلكاتهم والعودة إلى بيوتهم في وطنهم فلسطين. فأعلنت الدراسة ان هذا القرار "بات متقادما وغير قابل للتطبيق في صيغته القائمة". ثم لجأت إلى "تفريغ" مصطلح اللاجئ من مضمونه بتقديم تعريف خاص له، تستطيع من خلاله تقليص عدد اللاجئين الذين تعامل معهم وكالة الغوث إلى حوالي النصف. فاللاجئ وفقاً لهذه الدراسة هو "شخص كان يقيم فيما أسمته الدراسة زوراً بـ(أرض إسرائيل) خلال فترة لا تقل عن عامين قبل عام 1948، ولجأ إلى إحدى الدول التي فيها جهاز تابع لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين يقدم معونة، فتم تسجيله. ويجب فضلا عن كونه مسجلا في سجلات الوكالة ان يقيم في المنطقة التي تعمل فيها ويجب ان يكون في ضائقة".

* * * * * *

إن هذه الدراسة المخابراتية سرعان ما تأسس عليها لاحقاً كافة الرؤى والمخططات التي قدمها حزبا العمل والليكود، لقضية فلسيطيني الشتات للسلطة الفلسطينية أو للقوى

الإقليمية والدولية التي دخلت على خط التسوية وربما يكون هذا الطرح الصهيوني ليس جديداً وهو يتسق مع طبيعة هذا الكيان العدواني الغاصب ولكن الجديد والمؤلم هو أن

تتبنى منظمة التحرير عبر (السلطة الفلسطينية) هذا الطرح أو على الأقل تتعامل معه في الخفاء وكأنه هو قمة المراد وأقصى المستطاع الأمر الذي دفع أطرافاً أخرى إلى العمل

على إنهاء قضية اللاجئين عبر سيناريو التوطين، أعلنوا ذلك بوقاحة لا يحسدون عليها، والمؤلم أن يكون من بينهم بعض قادة ثورات ما يسمى بالربيع العربى ، خاصة فى تونس

ومصر ، إن هؤلاء عليهم أن يثقفوا أنفسهم ويقرأوا فقط القرارات التى صدرت عن الأمم المتحدة بشأن حق العودة ، وأن يفكروا فقط كبشر وليس كعرب ثوار فى حق العودة

للفلسطينيين المشردين .

إن الأمم المتحدة تبنت كما سبق وأشرنا عدد كبير من القرارات (حوالي 49 قراراً) بصيغ متشابهة من أجل التأكيد على صحة القرار رقم 194 المتعلق بحق العودة للفلسطينيين ولقد أصدرت عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في ثلاثة مجلدات مجمل قرارات الامم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية عموما واللاجئين خصوصا والصراع العربي - الاسرائيلي، وهذه القرارات هي:

في الاربعينات: قرارات 194، 212، 302، 393.

في الخمسينات: قرارات 394،512،513، 614،720، 818،916، 1018،1315، 1456.

في الستينات:1604،1725، 1856، 1912، 2002،2052،2145،2252،2341، 2535.

في السبعينات: 2656، 2672، 2728، 2791، 2792، 2963، 3089، 3331، 3419، 31/15أ، 20/90أ، 33/112أ، 34/52أ، وهناك القرار رقم 3236 الذي يربط حق العودة بحق تقرير المصير.

في الثمانينات: 36/146، 37.ك120، 38، 83، 39/99أ، 40/165أ، 42/57أ، 44/47أ.

في التسعينات: 45/73أ، 46/46، 47/69أ، 48/40أ، 49/35أ، لعام 1994م.

* أنها قرارات دامغة وكافية لإسكات تلك الأصوات المتآمرة دولياً وعربياً لإسقاط أنبل وأهم مبادئ النضال الوطني الفلسطيني والقومى العربى . باختصار شديد إن من يسقط

(حق العودة) للفلسطينيين ، ليسوا ثواراً وليسوا عرباً !! مهما تشدقوا بكلمات الثورة أو ارتدوا أثوابها فهى منهم براء ، والله أعلم .

E – mail : yafafr@hotmail.com

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.