منذ اندلاع ثورات الربيع العربي كما اطلق عليها وقتها وحتي الأن ....دائما ما كان يظهر في الأفق اسم دولة قطر كدولة تقوم بتقديم الدعم المادي اللا محدود بالأضافة الى الدعم السياسي لبعض المنظمات والقيادات الشبابية وبالتأكيد لبعض الأحزاب ومرشحي كرسي الرئاسة ولا ننس بالتأكيد دعمها الأعلامي من خلال قناة الجزيرة......قطر بالفعل كان لها دور بارز لعبتة في كل من تونس ومصر وليبيا والان في سوريا واليمن....وبالطبع علينا الأن ان نسأل ماذا تريد دولة قطر وماهي مصلحتها ؟ ولماذا تسعى لأيصال الحركات الإسلامية المتصدرة لحركة الشارع الثائر في تلك البلدان إلى سدة الحكم وبأي ثمن كان في إطار أجندة لم تعد مخفية بل ومعلنة للقوى الكبرى المهيمنة وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى في وصول الإسلاميين إلى الحكم على حساب المد القومي أو الليبرالي تجربة جديدة تستجيب لمصالح تلك القوى. فوفقاً للتصور الذي قدمه الكاتب والمفكر العربي الكبير محمد حسنين هيكل فإن الوضع القائم المعلن يطلق علية اسم الربيع العربي ولكن جوهره إعادة توزيع الهيمنة وتقسيم المصالح.
والحقيقة ان قطر تم اختيارها بعناية لتلعب دور العرّاب ودور الشريك السياسي في بناء الديمقراطية في كل ذلك باعتبارها إحدى دول المنطقة ولديها الإمكانات المادية والإعلامية اللازمة.... وكانت أكبر مغامرة لقطر حتى الوقت الراهن هي ما فعلته في ليبيا، حيث أسهمت بالمال والسلاح، وقدمت طائرات مقاتلة، ومستشارين عسكريين، والأهم من كل ذلك أنها أعطت غطاءً عربيا لمهمة حلف الشمال الأطلسي من أجل حماية المدنيين.
ولكن الشارع العربي كان متيقظا لكل ما تقوم به ...والدليل رفض ليبيا رسم أي واقع جديد لقطر من بعد رحيل القذافي....ولاقت قطر ايضا قدرا كبيرا من الغضب في الشارع المصري الذي لاحظ دعم قطر لتيار معين علي حساب الثورة ...كما لاقت سخطا كبيرا في كل من سوريا واليمن لدعمها لكل المنشقين عن الحكم في سورية او اليمن.. ومساندتها ايضا للتيارات الاسلامية في كل تلك البلدان.
واليوم تعانى تونس بعد الثورة من حالة صراع سياسى ما بين ما يمكن تسميته بالنخب القديمة والنخب الجديدة او ما بين القوى السياسية المحسوبة على نظام بن على وبين القوى الجديدة التى أفرزتها الثورة وبالتحديد القوى الأسلاميه. فالثورة قد جلبت لتونس الخوف أكثر مما منحتها الحرية، هكذا وصف الكاتب والمحلل البريطانى روبرت فيسك ...والذي يري ان تونس انتقلت من سراديب ديكتاتورية زين العابدين بن على إلى أجواء الحرية التى سرعان ما تحوَّلت فى ظل حكم حزب النهضة الي معركة ما بين الحريات والاخلاق..
وبقراءة مبسطة في حصاد تونس بعد ثورة الياسمين وتمكن التيار الديني منها سنجد الأتي: على الرغم من ارتفاع حدة العنف السلفى فى الشارع التونسي الا إن الحكومة بقيادة حزب النهضة منحت حزب الإصلاح السلفى التأشيرة اللازمة لممارسة النشاط السياسى فى البلاد، ليصبح أول حزب سلفى مرخص له فى تونس.كما انشغل حزب النهضة بتأديب الناس وتعليمهم الاخلاق بدلا من توفير حياة كريمة لهم و قام السلفيون بتحويل بعض المباني الحكومية الي سجون لتعذيب المواطنين الذين يشربون الخمر بالأضافة الي حرق محلات بيع الخمور ومحلات بيع شرائط الكاسيت...مع تجاهل كامل للمشاكل الاقتصادية وتفرغ تام لقمع الحريات بحجة تقويم الإخلاق. هذا بالأضافة الي مغادرة 80% من الشركات الدولية للبلاد وانضمام 800 ألف شاب لطابور العاطلين."
ورفع السلفيون سقف مطالبهم ويطالبون بدولة الخلافة مع جعل الشريعة الأسلامية المصدر الأساسي للتشريع في الدستور التونسي الجديد مع فصل 82 قاضياً دون تحقيق بحجة تطهير القضاء و لجوء الصحفيين والأعلاميين للقضاء الدولي لحمايتهم من الديكتاتورية الجديدة . وهكذا تحولت تونس من مرحلة التكفير الى مرحلة التفجير نتيجة لمرجعية الماضي لا المستقبل...مرجعية حكم الخلافة الأسلامية .. مع أن الحقيقة ان طوال 11 قرن من الخلافة ساد الجهل والصراعات الدموية ولم يتحقق أي شيء من العدالة والمساواة...فعن أي خلافة يتحدثون... ثلاثة خلفاء راشدين من أربعة مجموع حكمهم 29 سنة قتلوا يا سادة يا كرام... والشريعة لم تكن حلا لمجتمع الخلافة الاسلامية ، فقد غرق ذاك المجتمع في خضم مشكلاته وأزماته ، ولم تفلح نظم الشريعة وقوانينها وحتى قيمها في حلها وأزالتها. .
واليوم خطة قطر تشمل تبني وإحتواء وتمويل بعض التنظيمات المتأسلمة بمساعدة الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين لتحقيق حلمها في ما تعتقد أنه الإسلام الوسطي أوالتقليدي وإيصاله إلى الحكم في العالم العربي. والسوءال هو ماذا تريد قطر؟ ...ماذا تريد تلك الدولة التي تضم اكبر قاعدة عسكرية امريكية والتي أنفقت ما يزيد عن أربعمائة مليون دولار لتحديث تلك القواعد.....لماذا تلعب قطر بالنار وتريد ان تكون رأس الحربة في وجة الأنظمة العربية....هل تريد ان تقوم بلعب دور محوري لصالح بعض الدول الكبري مقابل الحماية العسكرية؟؟...هل لها اجندة نجهلها جميعا؟؟...لماذا نصفق الأن لقناة الجزيرة ونصرخ بأعلي صوتنا انها منبر للمصداقية رغم انها لم تصور كيف وصل أمير قطر إلي سدة الحكم بالانقلاب على والده...قـناة الجزيره لم تصـور حالات التسمم في قطر من الأدوية والامصال المستورده من اسرائيل... قـناة الجزيره لم تصـور المظاهرات في قطر ضد القاعدة الامريكيه.... قـناة الجزيره لم تصـور حـفل افتتاح مدرسه عـبريه في قطر.... قـناة الجزيره لم تصـور حـفل العشاء التي اقامته الشيخة موزه لوزيرة خارجية اسرائيل...قناة الجزيرة لا تغطي الوقفات الأحتجاجية امام النصب التذكاري بمدينة نصر.
علينا ان نفيق جميعا لدور قطر والا نتغافل عنة بل ونتصدي لة بكل ما اوتينا من قوة....علينا ان نتذكر جيدا ان قطر كانت من اول الدول المصوتة على عدم إعطاء فرصة للحل العربي إبان غزو الكويت في مؤتمر القاهرة...وان قطر هي عبارة عن اكبر قاعدة أمريكية خارج أمريكا...فمن الواضح ان قطر لها مشروع يتوافق مع مشاريع امريكية صهيونية في المنطقة العربية .
واختتم مقالي بالمثل القائل "ما أمسى في جارك أصبح في دارك" ...
رانيا حفنى
