تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الذي بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة

 

 

 

قامت الدنيا ولم تقعد على سورية.. أقول على سورية وليس على النظام السوري، لأن ما يجري في سورية عواقبه على الشعب وليس على النظام فقط ، لأنه لو كان مبادرة من الشعب السوري لقلنا من حق هذا الشعب التعبير عن رأيه والمطالبة بالاصلاح ، ولكن ما يجري في سورية حقيقة ليس له أية علاقة بالشعب السوري وقلة فقط من أبناء هذا الشعب قد ركبوا الموجة وساروا في مسار لم يعلموا أنه رسم لهم، وهدفه تدمير سورية الشعب والبلد قبل النظام.

لماذا سورية بالذات؟! وما سر هذا التكالب الكبير والرهيب عليها؟! ماذا يريدون؟! وما الذي يسعون الى تحقيقه؟!

دول عربية -  لتحقيق أهداف أسيادهم الصهاينة والأميركان - هم من قادوا الحملة الشعواء ضد سورية، ويا ليت الأمر اقتصر على هذه الدول، بل فان الجامعة العربية كانت المبادرة بقيادة أمير قطر وملك السعودية الى التدخل في الشأن السوري، بل والعمل من أجل اسقاط النظام ، بل ومعاقبة الشعب قبل النظام عند فرض ما سمي بالعقوبات على سورية، بل والعمل بكل الوسائل من أجل اثارة الشعب السوري ضد قيادته، والذي رفض الاستجابة لهم والانجرار وراء أهدافهم الخبيثة فخرج بالملايين يدين ما تقوم به الجامعة العربية ضد القيادة السورية.. ويا ليت الأمر بقي على هذا الحال، فقد سارعت الجامعة العربية  لحث الأمم المتحدة على اتخاذ قرارات عقابية بحق سورية، وحتى طالب البعض بتدخل القوات الأجنبية – طبعاً فشلت جميعها – أولاً بسبب الفيتو الروسي الصيني المزدوج، وثانياً وهو الأهم المظاهرات العارمة التي قام بها السوريون تأييداً لقيادتهم، واستنكاراً للتكالب الدولي والعربي على سورية بعد أن كشفوا المؤامرة، وصمدوا في وجهها، ووقفوا مع قيادتهم يداً بيد لدحرها، رغم كل ما حاولته وسائل الاعلام المسمومة المدسوسة في حملتها التي حاولت من خلالها اثارتهم واثارة العالم والشعوب على القيادة السورية، والتي فُضحت أكاذيبها وكُشفت أساليبها الحقيرة حتى من العاملين بها الذين رفضوا أن يشاركوا في المؤامرة الدنيئة، فنفضوا أيديهم مما تبثه من أكاذيب، وغادروها الى غير رجعة، وهم يقولون حسبي الله ونعم الوكيل.

أكاذيب مكشوفة وواضحة للعيان، رغم ان البعض لهم عيون ولا يرون، ولهم آذان ولا يسمعون، لأنهم صمّوا الآذان وأغلقوا العيون فهم لا يريدون أن يسمعوا ويروا حقيقة ما يجري في سورية، وما يحاك ضدها.. لا يريدون أن يروا الملايين من السوريين الذين خرجوا الى الشوارع وانما رأوا فقط صوراً لمظاهرات وهمية فبركتها وسائل الاعلام، رغم أن الفبركة كانت ظاهرة وواضحة وضوح الشمس.. وهنا نتساءل هل رأى أحدكم مظاهرة واحدة ضد النظام واضحة على شاشات أية قناة فضائية، أو على صفحات الفيسبوك والمواقع واليوتيوب وغيرها الا ما ندر ولبضع أشخاص فقط ليس الا..  اذن أين هم من يدعون أنهم ثوار على النظام الا أولئك الذين جلبوهم من الخارج لينشروا الارهاب والفتن في سورية بهدف تجزئتها وتدميرها؟! أين هي المعارضة التي حتى الآن لم تتحد ولم تتفق على مبدأ يسيرون عليه؟! أين هي قيادة الثورة.. 

جذبني جداً تحليل للاعلامي المعروف غسان بن جدو عن الربيع العربي، وفي رأيي فانه أفضل طرح قرأته عن هذا الربيع الذي بدأ بربيع ليتحول الى شتاء قارص وعواصف هوجاء واعصارات ستدمر وطننا العربي، قال " فقد غاب عنا في هذه الثورة العربية "المترامية الأطراف" من شمال افريقيا الى اليمن السعيد والى سوريا شيئان مهمان هما فلاسفة الثورة الكبار ومفكروها.. وكذلك غابت كليا فلسفة الثورة .. واللهيب الذي نراه اليوم لم يوقده فلاسفة ولا عمالقة ولا قامات ولا هامات ولا فكر.. هذه ثورات أوقدها النفط والجهل وحديث التعصب والتدين السياسي .. وليس القهر والحرمان والديكتاتوريات .. أما فلاسفتها الحقيقيون فلا يتكلمون العربية" !!...

نعم فأمير قطر وملك السعودية ومن يسير في ركبهما  كانوا الأكثر تصميماً على أن يكونوا الأداة التي تنفذ مخططات أميركية اسرائيلية استهدفت سورية، الدولة العربية الوحيدة القوية المستقلة التي وقفت ضد كل المحاولات لاخضاع العالم العربي بأجمعه تحت هيمنة اسرائيل وأميركا.. قالت لا لأميركا وحليفاتها ، وها هي تدفع غالياً ثمن هذه "اللا" الكبيرة .. هل كان الرئيس السوري على خطأ عندما رفض كل ما عرض عليه من اغراءات ليسير في الركب الاميركي الصهيوني ؟! هل كان على خطأ عندما احتضن المقاومة ووقف مع جميع الدول العربية من دون استثناء في محنها؟! هل كان على خطأ عندما أراد أن يصون كرامة العرب ويحافظ على استقلالية بلاده!! .

وهنا يحق لنا ان نتساءل : هل قطر والسعودية ودول الخليج، بل وجميع الدول العربية التي حملت لواء "الدفاع عن الشعب السوري مما سمي ظلم نظامه" والدفاع عما قيل انه حق الشعب السوري بالحرية والعيش في بلد ديمقراطي ، هل شعوب هذه الدول تعيش في ظل أنظمة ديمقراطية؟! وهل من حق هذه الشعوب اختيار قادتها؟! طبعاً لا ما دامت معظم هذه الأنظمة ملكية والملك أو الأمير أو الشيخ أو .. لم تختارهم شعوبهم بل فرضوا عليهم أباً عن جد و.. وكيف لشخص مثل أمير قطر، الذي خان والده وقام بانقلاب ضده أثناء غيابه عن قطر في رحلة علاجية، ومن قام بتنحية أبنائه الكبار من زوجاته الأوائل من مناصبهم، بل واتهم أحدهم بالجنون، وكل ذلك ارضاء لزوجته موزة ، كيف لمثل هذا الرجل الذي ليس له خير في والده وأبنائه أن يكون له خير في شعبه والشعوب التي حمل لواء الدفاع عنها.. وكيف لرجل ليس له أية صلة بالديمقراطية لا من قريب أو بعيد ، الحاكم الآمر والناهي لشعبه ولمؤسسات دولته، كيف يكون لمثل هذا الرجل الحق بالدفاع عن الديمقراطية ..  والحال ليس بمختلف أيضاً عن ملك السعودية التي ما زالت النساء فيها تمنع من ممارسة حقوقها حتى على مستوى قيادة السيارة.. وعن باقي دول الخليج حدث ولا حرج. فكيف لهؤلاء جميعاً أن يتحدثوا عن الديمقراطية التي يفتقرون الى أبسط مقوماتها.. وليس فقط يتحدثون، بل ويهاجمون ويرسلون السلاح للارهابيين الذين جمعوهم من هنا وهناك، أرادوا التخلص منهم فأرسلوهم لسورية ليعيثوا فساداً وخراباً فيها، ويقتلوا أبناءها ويدمروها، ويشعلوها فتنة طائفية وغير طائفية بحجة الدفاع عن شعب سورية وبحجة دعم الثورة . فأي ثورة هذه تقوم على دماء شعبها ودمار الوطن وتقسيمه وتخريبه لتنفيذ الأجندات التدميرية لأعداء أمتنا العربية؟!

والذي بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة، وكان الأولى بهم أن يطبقوا الديمقراطية والحرية و.. في بلادهم قبل أن ينادوا بها لغيرهم.. وربما لا يدرك هؤلاء بأن الدنيا دوارة، ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها.. فهل يظنون بأن الدور لن يأتي عليهم، وبأن ما زرعوه سيحصدوه في عقر دارهم..

وأتساءل هنا: هل من دولة في العالم، حتى أميركا التي تحمل لواء الديمقراطية ومحاربة الارهاب، ترضى لارهابي واحد أن يقيم فيها،  فكيف بعشرات الآلاف من الارهابيين الذين أرسلوا الى سورية ليدمروها..

وأخيراً وليس آخراً، فان سورية الحضارة والتاريخ.. سورية التي لم تفرط بكرامتها وبكرامة شعبها، بل ودافعت بكل قوة عنها وعن استقلاليتها، ووقفت بكل جرأة وصراحة وشجاعة مع كل بلد عربي  في وجه الطغيان الصهيوني الأميركي الدولي، بل وفتحت أبوابها مشرعة لكل مظلوم مقهور،سورية التي قام رئيسها بحملة اصلاحات واسعة حتى لدستورها استجابة لشعبه،  ان سورية تتعرض اليوم الى مؤامرات خبيثة شرسة ولا تجد من يقف معها الا أولئك الذين ما زال لديهم حس قومي!  اصحوا قبل فوات الأوان وقبل أن تدمر سورية كما دمر العراق وليبيا و... من قبلها فإلى متى ستظلون عميان خرس وطرش.

 

د. ندى الحايك خزمو

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.