تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عندما تراهق الشعوب؟!

 

لتعش في زمن مهم.. هو دعاء لك.. أم دعوة عليك؟! ثمة من يرى أن الحياة في زمن مهم هي تجربة حياة حقيقية مملوءة بالإثارة.

 

 

هؤلاء يعتبرون أن تقاطع حياتهم مع الأحداث المهمة هو بمنزلة هبة إلهية تمنحهم فرصة ثمينة للاقتراب من صناعة التاريخ أو للوقوف أثناء مروره أمامهم بتأمل أو بدهشة أو بمتعة أو بكل ذلك معاً.

 آخرون.. يعتبرون أن أمنية مثل «لتعش في زمن مهم» ليس أكثر من لعنة تصيبك.. فالأحداث المهمة في حياة البشر ليست نزهة في حديقة.. وحده سوء الطالع هو الذي يجعل عمرك يصادف الأيام المهمة.. ووحده حسن الطالع يجعلك تخرج سالماً منها!!

 الآن في هذه الأزمة التي لا شك أنها حدث مهم.. بل إنها من أكثر الأحداث أهمية وإثارة وخطورة التي عاشها ويعيشها جيلنا.. وكل أولئك الذين تصادف عمرهم مع مرورها!! يطل سؤال.. هل هذه هبة إلهية.. أم لعنة ربانية؟!!

 ثمة جيل- أنا منهم- يحدث التغيير في حياتهم بأسرع من قدرتهم على استيعابه..

 نحن الذين شهدنا في مراهقتنا الأولى ولادة «التلفزيون» في ديارنا ونحن الذين شهدنا في مراهقتنا «الثانية» ولادة التلفزيون في كفنا!!

 تصادف مرورنا مع حروب باردة وساخنة.. مع هزائم وبعض الانتصارات تابعنا سقوط إيدلوجيات.. وإمبراطوريات.. وما كنا نعتبره تاريخاً رأيناه يعاد أمامنا كما لو أنه مسلسل قديم!!

 أولئك الذين ينظرون إلى الأحداث المهمة على أنها تجربة مملوءة بالإثارة عليهم أن يعيدوا النظر بحدود الإثارة التي تمتعهم.. لأن إثارة هذه الأزمة مرعبة ومقلقة وإن كانت تثير شيئاً.. فإنها تثير الأحزان والأحقاد!!

 إنه زمن نفتقد فيه الإحساس بالمتعة.. فكيف يمكن أن يفرح الناس أو يستمتعوا بكل تلك الأشياء الجميلة والصغيرة التي كانت تزين حياتهم وانفجارات الحزن ورصاصات الدم تملأ لحظاتهم ترقباً وقلقاً!!

 كيف يمكن أن تشعر باللذائذ الصغيرة وتلك الأرواح التي تغادرنا تمد أيديها إلينا صارخة مستنجدة ولا أحد منا قادراً على مساعدتها!!.. بل لا أحد منا قادراً على مساعدة نفسه!!

 تلك التفاصيل التي كنا نمر بها بغير ذي بال.. وبلا أدنى اهتمام أصبحت تشكل متعاً خاصة نفتقدها ولا نحصل عليها!! أدناها السفر بلا هوية!! وأعلاها ولكن ليس آخرها الإحساس بالأمان!!

 بل أصبحنا بشوق لرتابة الأخبار.. ولثرثرات حول إشاعة تغيير «محافظ» مثلاً.. أو معلقات الدردري في فوائد رفع المازوت!!

 نحن الآن في زمن «مراهق» ومرهق.. ربما يكون على مستوى الشعوب تجربة مهمة لا بد من المرور بها حتى الوصول إلى مرحلة النضج.. هكذا يتحدث علماء النفس عن فترة المراهقة.. فهل هي مراهقة شعوب ومجتمعات تعبت من طفولتها؟

 قد تكون مراهقة مجتمع يدق أبواب المستقبل بأحاسيس غير مستقرة.. وبمزاج متقلب..

 لكن الذي لا «قدَّ» فيه أن هذا الزمن وما فيه «مهم» و«مغم» معاً..

 فلا تعش في زمن مهم!!

 

كلام...

السرج الذهبي لا يجعل من الحمار حصاناً.

إن سلمت من الأسد فلا تطمع في صيده.

من أطاع عصاك فقد عصاك.

إن أولى الناس بالعفو... أقدرهم على العقوبة.

قزم واقف خير من عملاق راكع.

لا سعادة فوق حطام إنسان آخر.

 

 

                                                                                                                                                                                                                                                                                                              عبد الفتاح العوض   

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.