تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

النفاق السياسي العالمي بأبشع صوره

 

جاك خزمو

الناشر ورئيس تحرير مجلة البيادر المقدسية

 

بعد 11 عاماً على أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 بانهيار البرجين في نيويورك اثر عملية "ارهابية" لتنظيم القاعدة تبين أن المخابرات المركزية الاميركية (السي.آي.ايه) كانت على علم مسبق بالحادث "الارهابي" حتى أن صوراً لما قد يحدث كانت في أروقة المقر الرئيسي لهذه الوكالة الاستخبارية قبل أشهر من وقوعه، أي أن هذا الحدث الارهابي كان معداً له حتى يبرر احتلال أفغانستان عسكرياً.

وتبين بعد فترة قصيرة جداً أن قضية امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل كانت مخترعة ومعدة أيضاً من أجل تبرير احتلال العراق في عام 2003. وهذا ما كشف عنه وزير الخارجية الاميركي في تلك الفترة كولن باول الذي اعتذر عن الادلاء بمعلومات كاذبة.

تدعي الادارة الاميركية أنها ضد الارهاب، وانها تحاربه وتكافحه وأرسلت قواتها إلى أفغانستان للقضاء عليه، وذكرت أنها تحارب منظمة "مجهولة" العنوان والاقامة اسمها تنظيم القاعدة.. انها منظمة وهمية بامتياز، وتم صناعتها لتحقيق أغراض وأهداف اميركية بحتة.

تصوّروا أن اميركا تحارب القاعدة في اليمن، وتساعد القوات اليمنية على التصدي لعناصر القاعدة.. وهناك معارك شرسة ضد هذا التنظيم.

لم يأت تنظيم القاعدة الى العراق إلا بعد احتلاله من قبل القوات الاميركية، مما يعني أن اميركا سمحت لهذه العناصر بدخول أراضي العراقي لتعيث فيه دماراً وقتلاً، ولتنشر الفتنة الطائفية في العراق.

لننظر إلى ما يجري في سورية، فإن الادارة الاميركية بالتعاون مع آل سعود وآل خليفة يجندون المرتزقة ويدربونهم ويمولونهم ويزودونهم بالسلاح القاتل، ويدخلونهم الى الاراضي السورية حتى يعيثوا في سورية الدمار الكامل تحت شعار "ثورة"، وهو شعار مزيف لأن ما يحدث هو مؤامرة وليست ثورة.. وتنظيم القاعدة دخل الى سورية، ويقوم بالقتل والتخريب والتدمير وهتك الاعراض، والعالم يدعمه لأنهم يريدون اسقاط سورية، ولانهم يريدون سورية ضعيفة، ومقسمة الى عدة كيانات طائفية. من يدعون أنهم يحاربون الارهاب في اليمن وافغانستان، يدعمونه في سورية.. وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على ان الارهاب هو صناعة اميركية صرفة يستخدم في الوقت والمكان المناسبين، لتمرير مؤامرات أو املاءات أو شروط على المنطقة وأبنائها..

لننظر إلى أمر آخر وهو وقوف العالم كله ضد نظام طالبان في افغانستان لانه قرر القضاء على التماثيل البوذية، وهددوا طالبان باجراءات حاسمة لان هذه التماثيل الحجرية هي تراث وحضارة يجب ألا تمس بتاتاً.

ولكن ماذا فعل العالم عند احتلال القوات الاميركية للعراق وتعرض المتحف الوطني في بغداد للسرقة، وكان الهدف ضرب حضارة آلاف السنوات، والعمل على "محي" و"شطب" تاريخ طويل من هذه الحضارة.

واليوم تتعرض سورية الى هجمة بربرية تستهدف الحضارة والتراث، فهاهم المسلحون المرتزقة يحتلون قلعة حلب ويمسون ببنائها، ويحتلون جامع حلب الكبير القديم ويدمرون أجزاء منه، لكن قوات الجيش العربي السوري حررت هذين المعقلين الحضاريين الغاليين من رجس المسلحين الارهابيين مع أنهما تعرضا للخدش والتدمير الجزئي.

التماثيل البوذية في أفغانستان أكثر أهمية من متحف بغداد، أو الصروح الحضارية القديمة في سورية.. هذه هي سياسة الغرب المبنية على النفاق الكبير.

لنعود الى القدس، هناك اعتداءات على الحرم القدسي الشريف الذي يضم بين أسواره المسجد الأقصى المبارك..، وهناك خطة للسيطرة عليه تدريجياً، وهناك مس أيضاً بأديرة مسيحية تعود الى مئات السنوات.. ماذا فعل العالم لادانة مثل هذه الاعمال البشعة والقذرة، لم يفعل شيئاً، فهو يتفرج.. والغريب أن قادة العالم الاسلامي والعربي نسوا المسجد الاقصى، أو أنهم لا يعرفون أهميته، لذلك فهم يهملونه ولا يدافعون عنه... فالرئيس عباس دعا الى قمة استثنائية لبحث الاعتداءات الاسرائيلية على هذا المعلم الاسلامي البارز، فلم يتجاوب هؤلاء القادة، ولو كانت الدعوة لبحث الوضع في سورية واتخاذ قرارات ضد الحكومة هناك لاسرعوا في حضور القمة لأن ذلك يفرح الادارة الاميركية، أما موضوع القدس فهو خط أحمر، ليس مسموحاً للقادة العرب والمسلمين القيام بأي عمل قد يستفز مشاعر "اسرائيل".

من كل ما طُرح وذكر سابقاً ألا يوافق القارىء معي أن هناك نفاقاً سياسياً عالمياً بامتياز، وهذا النفاق مرده أن الاخلاق انعدمت من قادة العالم، والمبادىء أصبحت في خبر كان، الفعل الماضي الناقص، وأصبحت لغة المصالح فوق كل لغة في هذا العالم.

ولكن رغم هذا النفاق السياسي الذي أبقى قضيتنا عالقة لأكثر من 65 عاماً، والذي أثار الفرقة والانقسام على مجمل عالمنا العربي، فإننا نقولها وبأعلى صوت أننا سنقف سداً منيعاً في وجه هذا النفاق، وسنسقط كل المؤامرات التي حيكت أو تحاك ضد عالمنا العربي، ونؤكد لهؤلاء المنافقين أن "حبل الكذب قصير"، ولا بدّ من اندلاع ثورة ضد هذا النفاق العالمي الذي يُعرّض الأمن والاستقرار والطمأنينة في العالم للخطر.

اننا لواثقون بأن هذا النفاق سيسقط بسقوط أركانه ودعائمه.. لأن من يحاول أن يضحك على الشعوب أكثر من مرة، فإن الشعوب هي التي ستضحك عليه، وتلقي به في مزابل الخزي والعار.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.