تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لولا قرارات التغيير والإصلاح لما عقد مؤتمران للمعارضة في دمشق وبحماية الدولة

 

 

 

                                                                                                                بقلم جاك خزمو

رئيس تحرير مجلة البيادر المقدسية

تحت شعار "مؤتمر المعارضة الوطنية لانقاذ سورية" عقدت المعارضة الداخلية السورية (هيئة التنسيق المحلية) مؤتمرها الأول يوم الأحد الموافق 23/9/2012 في أحد فنادق العاصمة السورية، تحت حماية الدولة السورية، وبمشاركة حوالي 20 حزباً سياسياً معارضاً. وقد حضر هذا المؤتمر سفراء كل من روسيا والصين وايران، مما أعطى رسالة واضحة على دعم هذه الدول لعقد مؤتمرات معارضة في قلب العاصمة دمشق، لأن هذه المؤتمرات ستؤدي في نهاية المطاف إلى عقد حوار سوري صرف يتناول مستقبل الوطن ويحميه من الأطماع الخارجية، ويضع حداً للتدخلات الخارجية التي تريد سفك مزيد من الدم السوري الطاهر.

 

مواضيع وقرارات

كانت على طاولة البحث والمناقشة عدة مواضيع وأهمها كيفية وقف العنف، والإصلاح والتغيير حتى أن بعضهم طرح موضوع "اسقاط النظام". كانت المناقشة جيدة وقد تبنى المؤتمر عدة قرارات مهمة وأهمها:-

·       وقف العنف في أسرع وقت

·       لا للتدخل العسكري الأجنبي في سورية

·       تبني خطة عنان، ودعم مهمة المبعوث الدولي والعربي الحالي الأخضر الابراهيمي.

·       دعوة الابراهيمي إلى عقد مؤتمر دولي في دمشق من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية.

 

لم تشارك كل المعارضة الوطنية في الداخل

عدة أحزاب معارضة وطنية تعمل في الداخل السوري لم تشارك في المؤتمر هذا لاحتجاجها على المنظمين للمؤتمر الذين بالغوا في طروحاتهم وطلباتهم غير الموضوعية، وغير الواقعية. ولأن المؤتمر هو بمثابة مؤتمر اعلامي أكثر من مؤتمر يتخذ قرارات شجاعة لصالح الوطن، وينقذ سورية من الهجمة الشرسة التي يتعرض لها.

 

المعارضون في الخارج ضد المؤتمر

المعارضون في الخارج الذين يحتمون بالمجتمع الدولي، ويتلقون الدعم المالي والعسكري من أعداء سورية، والذين يريدون تدمير سورية من ما يسمّى المجلس الوطني السوري أو الجيش الحر أو غيره.. هاجمت المؤتمر والمؤتمرين لأنهم ضد التدخل الخارجي العسكري ضد شعبهم، ولأنهم – حسب هذه المعارضة غير الوطنية هم مؤيدون للنظام، وأن مجرد عقد المؤتمر في دمشق هو دعم للنظام.

هذا المؤتمر أغاظ أسياد هؤلاء "المعارضين" غير الوطنيين المقيمين في الخارج، لأن هؤلاء لا يريدون أي حل سياسي، بل يريدون مزيداً من الدمار لسورية، ومزيداً من المعاناة للشعب السوري، حتى تضعف سورية وتمرر الحلول غير الوطنية، والحلول الاستسلامية في منطقة الشرق الأوسط، ومنها تقسيم وتجزئة سورية، ومن بعدها بقية أقطار الوطن العربي.

 

أهمية عقد المؤتمر في دمشق

رغم أن المعارضة الوطنية في الداخل السوري كانت تعارض عقد مؤتمر في الداخل تحت حجج وأوهام الخوف من تدخل النظام، إلا أنها في نهاية المطاف عقدته بحماية كاملة من هذا النظام الوطني العلماني. وقد حاول أعداء سورية تعطيله عبر تفجير قنبلة بالقرب من المؤتمر إلا أنها انفجرت بعيداً عن الفندق الذي احتضن المؤتمر.

ومن أهميةعقد هذا المؤتمر للمعارضة أنه خطوة أولى نحو ايجاد حلول سورية صرفة، وكذلك هو شهادة بأن النظام السوري برئاسة الدكتور بشار الأسد يعني ما يقول وهو فتح الحوار مع الجميع، وافساح المجال للإصلاح والتغيير وممارسة الديمقراطية. فعقد المؤتمر هو تحوّل ديمقراطي فعلي، وكذلك وجود هذا العدد الكبير من الأحزاب السياسية المعارضة دليل قاطع على حدوث تغيير ديمقراطي على الساحة السياسية، ودليل على وجود تعددية حزبية، وهذا ما يريده الرئيس الدكتور بشار الأسد منذ أعلن عزمه على نقل سورية إلى دولة مدنية ديمقراطية يُحتذى بها ليس في الشرق الأوسط وحده، بل في العالم أيضاً.

ولم يتدخل النظام في المؤتمر، وخير شاهد على ذلك وجود سفراء ثلاث دول صديقة لسورية معنية بحل سريع سياسي سوري للأزمة في هذا الوطن الغالي في قاعة المؤتمر.

 

مآخذ على المؤتمر

من المآخذ على هذا المؤتمر وخاصة قراراته ما يلي:

·       حمّل مسؤولية العنف على النظام بدلاً من تحميله للمسلحين الارهابيين الذين يعيثون دماراً وفساداً في سورية.

·       اعتبر "الجيش السوري الحر" معارضة "وطنية" مشروعة مع أن هذا الجيش تم تشكيله برعاية وتدريب خارجي لا يريد الخير لسورية بل تدميرها.. حتى أن الناطق باسم هذا الجيش هاجم المؤتمر والمؤتمرين.. أي أن المؤتمر غازل "الجيش الحر" بشكل لا يستحقه! لأن الجيش الحر ينادي بتدخل عسكري أجنبي في سورية.

·       دعا إلى عقد مؤتمر دولي لحل الأزمة في سورية، بدلاً من الدعوة إلى عقد مؤتمر سوري واسع في قلب دمشق تشارك فيه جميع القوى السورية السياسية، وهذا يعتبر بحذ ذاته السماح بتدخل خارجي سياسي!

·       لم يتحدث عن القوى الخارجية التي تريد تدمير سورية، ولم يُدن البيان ضخ السلاح والمسلحين إلى سورية، بل اعتبر بعض القائمين على المؤتمر أن هؤلاء يستخدمون السلاح دفاعاً عن النفس.

 

خطوة أولى إيجابية

مهما كانت المآخذ على المؤتمر سواء حول قراراته أو مداولاته أو تصريحات القائمين عليه، فإنه يعتبر خطوة أولى نحو التقدم لايجاد حل لسورية، وانقاذها من المؤامرة التي تستهدف تدمير سورية. وخطوة أولى نحو بدء حوار قريب بين السلطة الحاكمة التي رحبت بهذا الحوار من أجل التوصل إلى حل سوري لصالح سورية، وليس لصالح أجندات خارجية.

لقد خطا المعارضون خطوة جيدة للأمام، ولكنها تحتاج إلى خطوات أخرى أكثر شجاعة وشفافية ووضوحاً لعقد حوار بعيداً عن تدخل الخارج.. ولوضع حد للعدوان على سورية، وتحقيق ما يسعى إليه القائد بشار الأسد والشعب وهو الاصلاح والتغيير وجعل سورية دولة ديمقراطية إلى أبعد الحدود.

فهل يجرؤ هؤلاء المعارضون في اتخاذ هذه الخطوة. كل الأمل في أنهم سيخطون لأن مصلحة سورية فوق الجميع، وخاصة فوق مصالح فئوية وحزبية خاصة.

 

 

ومؤتمر مُعارض ثان يعقد في دمشق

الدعوة إلى حوار شامل يشمل المعارضة الوطنية والدولة

رفض التدخل العسكري الخارجي والمعارضة المرتمية بأحضان الخارج

 

"قوى وأحزاب التغيير الديمقراطي السلمي" عقدت مؤتمرها العام في وسط العاصمة السورية دمشق يوم الأربعاء الموافق 26/9/2012 تحت حماية قوى الأمن السوري، وبمشاركة أكثر من عشرين حزباً سياسياً، وبحضور سفراء كل من روسيا والصين وايران. وهذه القوى هي معارضة سلمية تسعى إلى الاصلاح والتغيير السلمي، ومن خلال حوار سوري صرف بعيداً عن التدخل الأجنبي، ومن دون معارضة مرتمية بأحضان الخارج.

حضر هذا المؤتمر أيضاً الوزيران قدري جميل، وعلي حيدر، اللذان يسعيان الى اقناع المعارضة السلمية بالدفاع عن سورية أمام الهجمة البشعة على سورية من قبل الطامعين بها، والساعين إلى تدميرها.

مؤتمران للمعارضة عقدا في دمشق خلال أيام معدودة، وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدل على أن خطوات الاصلاح ملموسة ومطبقة على الأرض، ولولا الاصلاح لما كانت هناك مؤتمرات للمعارضة تعقد في وسط دمشق وبحماية الدولة السورية.

 

قرارات المؤتمر

لقد أصر المجتمعون على ضرورة اجراء حوار سوري سوري لايجاد حل سياسي للأزمة التي فرضت على سورية. ودعوا أيضاً إلى اجراء حوار موسع بين أطياف المعارضة الوطنية في الداخل والخارج والتي لم تتلطخ أياديها بالدماء السورية، ولم تقبل بالتدخل الخارجي في الشأن السوري، وترفض أي هيمنة أو أوامر من الدول المعادية لسورية.. وبعد ذلك يتم الدعوة إلى حوار موسع يشمل الدولة والمعارضة للتوصل إلى وضع حد للعنف، ووضع خطوط عريضة للمرحلة القادمة. وأكد المجتمعون أنهم على استعداد للمشاركة في أي حوار مهما كانت الجهة التي تدعو إليه، ولكن الأهم ألا تكون جهة معادية لسورية.

 

لماذا مؤتمر معارض ثان

لماذا تعقد قوى وأحزاب التغيير الديمقراطي السلمي مؤتمراً منفصلاً لها عن المؤتمر الذي دعت إليه لجان التنسيق المحلية والذي عقد يوم الأحد 23 أيلول 2012.

والاجابة واضحة وهي أن المعارضة الوطنية ذاتها منقسمة على ذاتها. فهذه القوى رفضت المشاركة في مؤتمر لجان التنسيق لأن المنظمين خرجوا عن الخطوط العريضة المتفق عليها، ولأن توصيات هذا المؤتمر لم تكن متفقاً عليها، إذ كانت معدة سابقاً، وكذلك اتهم بعض المنظمين للمؤتمر الأول بأنهم أرادوا حرف المؤتمر عن توجهاته الأساسية، لذلك أعلنت مقاطعته في المرحلة الأخيرة.. وقبيل عقده بأيام.

 

أوجه الشبه والفرق بين المؤتمرين

يمكن القول أن أوجه الشبه بين المؤتمرين تكمن في أن سفراء دول روسيا والصين وايران حضروها، وراقبوا ما جرى من مناقشات وجدال، وان المؤتمرين عقدا في قلب العاصمة دمشق. والمؤتمران رفضا التدخل الخارجي وخاصة العسكري، ودعا المؤتمران للحوار، وضرورة وقف نزيف الدم السوري.

أما الفروق بين المؤتمرين فهي عديدة. فالمؤتمر الأول للجان التنسيق المحلية اعتبر "الجيش الحر" معارضة، ودعاه للمشاركة في أي حوار، واعتبر أن استخدام السلاح ضد الدولة هو دفاع عن النفس، وهذا المؤتمر لم يفرق بين المعارضة الوطنية، وتلك "المعارضة" الخائنة التي هي خارج الوطن السوري، ودعا الجميع للمشاركة في الحوار.

أما المؤتمر الثاني فقد دعا الى الحوار، ولكن بمشاركة المعارضة الوطنية السلمية التي لم تحمل السلاح، ولم تستخدمه ضد شعبها، ولم تضع أي شروط لعقد الحوار، ولا مانع من أن تدعو اليه الدولة أو النظام الحاكم، وهذه المعارضة لا مانع لها، بل يفضل بعض أعضائها، أن يكون الحوار برعاية الرئيس بشار الأسد. أما المؤتمر الأول فقد دعا الى عقد حوار دولي تشارك فيه الأطراف المعنية بالأزمة السورية، أي الموافقة على التدخل الخارجي السياسي، أما المؤتمر الثاني، فقد دعا الى حوار وطني سوري صرف، وفي قلب العاصمة دمشق.

مؤتمر قوى وأحزاب التغيير السلمي الديمقراطي هو ضد العنف وسفك الدماء، وجزء من هذه القوى مشارك في الحكومة السورية مثل الوزيرين د. قدري جميل، ود. علي حيدر، ولا يبرر استخدام العنف ضد الدولة، وهي ضد المسلحين الذين يعيثون في سورية دماراً وخراباً، في حين أن لجان التنسيق، وللاسف، تبرر استخدام العنف وتحمل مسؤوليته للدولة، وتدعو الدولة لوقفه حتى تضيع البلاد، وتهيمن عليها مجموعات الارهاب والقتل المستوردة من الخارج.

عقد المؤتمران أكد حقيقة لا لبس فيها وهي أن هناك تغييراً على الأرض السورية، ولكن هذا التغيير غير ملموس لأن هناك مخربين وارهابيين وقوى ظلامية وضلالية تعمل على الارض السورية، وتسعى لتدمير سورية، وان الشعب السوري الذي يدعم خطوات الاصلاح والتغيير الذي اتخذها الرئيس بشار الأسد وبدأ العمل بتطبيقها منشغل في متابعة القضايا الأمنية ولا يشعر كثيراً بأن الدولة صادقة، وماضية في تطبيق الاصلاح، ولولا التغيير لما عقد هذان المؤتمران.

المهم أن تدرك المعارضة بأن هناك تغييراً اصلاحياً ملموساً، ويجب الاعتراف به، وعليها أن تكون جريئة، وتقف الى جانب الوطن ضد التدخلات الخارجية سواء السياسية أو العسكرية، وان تعمل مع الدولة للقضاء على هذه المجموعات المسلحة، أو العمل على طردها الى خارج أراضي الوطن.

هناك تغيير اصلاحي كبير.. وهذا ما سيكون ظاهراً وبصورة أوضح لكل سوري بعد وضع حد للمؤامرة واسقاطها والقضاء على كل فلولها.. وهذا اليوم آت لا محالة وفي المستقبل القريب جداً.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.