تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نمتلك الأمل

محطة أخبار سورية  

قبل التاريخ، كان الإنسان لا يهم كيف عاش.. المهم أنه كان يفكر.. كان يمتلك عقلاً بدائياً علمه كيف يعيش، كيف يتأقلم مع محيطه، يدافع عن نفسه، يؤمن قوته.. يبني بيتاً من أغصان الشجر يؤويه مع شريكة اختارها أو اختارته، ومضت الحياة، صارت الدنيا شعوباً وقبائل و.. وطوائف!.

 

صار بيت أغصان الشجر والأحجار ناطحات سحاب، وصارت الوسائل البدائية طائرات وصواريخ وكومبيوترات، تطور عقل الإنسان، صنع حضارات، ورفع أوابد وشيّد عمارات لا يطولها النظر.. لكن الضريبة كانت باهظة، إذ أضحت العواطف ترفاً لا مكان له في عالم اليوم، وأصبحت الحياة للأقوى وليس للأفضل.

صحيح أن شرعة الحياة تقول إن البقاء للأقوى، لكن هل يعني هذا أن الأضعف ليس جديراً بالحياة؟ هل نقضي على الأضعف وهو إنسان- كي تمضي الحياة إلى منتهاها؟ من وضع هذا النظام الإجرامي الذي يبرر قتل الآخرين لأنه الأقوى ويمتلك الرصاصة والصاروخ والقنبلة الذرية؟ من شرّع أن تباد أمم وشعوب كانت يوماً ذات حضارات راقية، من أميركا اللاتينية إلى اليابان وصولاً إلى شرقنا العربي الذي كان مهد الحضارات الإنسانية، وقدم للبشرية الأدوات التي مكنت الإنسان من غزو الفضاء ورفع ناطحات السحاب وصنع التكنولوجيا؟

لماذا الحقد على أصحاب الحضارات الراقية الذين أوجدوا أول أبجدية في التاريخ، وأول نوتة موسيقية.. ومنسوجات وأهرامات ومسلات ومعابد وعلوم الرياضيات والحساب والفلك؟

هل هو صراع الحضارات بدلاً من حوار الحضارات وتلاقيها وتفاعلها لما فيه خير الإنسان ورفاهه وحياته؟

قبل التاريخ كان الإنسان ولا نريد أن نعود إلى ما قبل التاريخ.. نريد أن نحافظ على انسانية الإنسان على الروح قبل الجماد، على حرية الفرد وحرية المجتمع، نريد ألا يحدد شخص أو مجموعة أو دولة مصير الشعوب والأمم، ونبني حضارة ما على الجماجم والهياكل العظمية.

نريد- كشعوب وأمم- ألا تنصّب مجموعات نفسها وصية على أرواح وحيوات الناس، فتقتل وتغتال وتحرق وتدمر، وكأن ما تفعله ايحاءات وأوامر إلهية- وجل الخالق أن ينصّب مجموعة من البشر، أو أشباه البشر، ولية له على الأرض ترتكب الجرائم والموبقات باسمه، وتقتل وتدمر وتزهق الروح التي حرم قتلها إلا بالحق، وتصدر أحكام الموت على إنسان لأنها ترى أنه خالف شرع الله، أو أنه لا يستحق الحياة، أو أنه يعبد خالقه بطريقة تخالف اعتقادات ومعتقدات الآخرين.

كان الإنسان قبل التاريخ، وسيظل إلى أبد الآبدين يحمل صفة الإنسان، مهما تلون وتغيرت مفاهيمه أو معتقداته.. لن يستمر المارقون والجهلة ومستبيحو الدماء والأرواح إذا امتلكنا إرادة الحياة وحافظنا على إنسانيتنا في زمن المادة الجامدة، والعواطف المجمدة المتجلدة، والكراهية والأحقاد.

نحن أصحاب الحياة والحضارات.. والحب والياسمين والعصافير وكل جميل في هذه الدنيا، وسنواصل عزفنا على أوتار العشق والبناء والعمل رغم كل الجراح والآلام، فالأمل بغد أفضل، وحياة أروع وأجمل.. ومن يمتلك الأمل، يمتلك المستقبل..

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.