تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أين هي حقوق الشعوب غير القابلة للتصرف؟

 

 

 

هناك حقوق للشعوب في هذا العالم غير قابلة للتصرف ومن أهمها "حق تقرير المصير"، والمنظمة الدولية التي من المفروض أن توفر الدعم والحماية للشعوب، وتساعدها في الحصول على حقوقها غير القابلة للتصرف، أنشأت دائرة خاصة بهذا الأمر، ولكن يبدو أن هذه الدائرة هي مجرد مكاتب وموظفين لأنها لا تقوم بواجباتها، أم أنها أهملت وتم التغاضي عنها وصودر دورها في ظل ظروف دولية غير سليمة، وأمور "مقلوبة ومعكوسة" منافية لكل الأخلاق والقيم، ولكل القوانين الدولية.

إذا كان من حق أي شعب أن يمارس حقوقه غير القابلة للتصرف، فلماذا تتدخل الدول الكبيرة "الغربية" بهذا الحق وتصادره من هذا الشعب أو ذاك؟ كيف يحق للولايات المتحدة أن تحتل أرضاً أو دولة وتنحي أو تطيح بالرئيس المنتخب تحت شعار الدفاع عن الحرية والديمقراطية والتعددية؟ وكيف يحق لها أن تقرر مصير شعب آخر إذا هي بالفعل تدافع عن حقه في تقرير مصيره!

لقد طالبنا مراراً وتكراراً بمنح الشعب الفلسطيني هذا الحق، ولكن الاحتلال الاسرائيلي لا يريد منحنا هذا الحق المشروع، ولا تريد الولايات المتحدة راعية لشعارات الاستقلال والسيادة وحق تقرير المصير والحرية والديمقراطية أن تطبق وتمارس هذه الشعارات على شعبنا، لأنها موالية لاسرائيل من خلال انحيازها لمواقفها العدائية لشعبنا الفلسطيني، فمن حق اسرائيل أن تدوس على كل القرارات والمواثيق الدولية في سبيل مصلحتها، وتطبيقاً لسياستها التوسعية، وتمنع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره، والذي قرره منذ سنوات، وهو انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، رغم أن اسرائيل تدعي بأنها دولة ديمقراطية، وهي الوحيدة في ممارستها بكل الشرق الأوسط.

والولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون والمستعربون يُصّرون حالياً على مصادرة حق الشعب السوري في تقرير مصيره، وهم يريدون فرض املاءات على هذا الشعب من خلال استخدام قلة من أتباعهم الخونة كذريعة لاجراء التغيير والاصلاحات وممارسة الديمقراطية في سورية، وتحت هذه الحجة يدمرون سورية من خلال دعم مسلحين جاءوا من كل حدب وصوب بعد أن غُسلت أدمغتهم بالدين ليقتلوا الشعب ويدمروا سورية، ويصادروا حق الشعب السوري في اختيار الاسلوب السلمي في الحصول على أية مطالب إذا كانت مشروعة، ومنطقية، ولم تقدمها القيادة له بعد.

تحت حجة الدفاع عن الشعب السوري، يدمرونه، ويلحقون به الأذى، ويودون تقرير مصيره ومستقبله من خلال رفع شعارات اسقاط النظام، وتنحي الرئيس، وكل الشعارات التي ترفضها غالبية الشعب السوري الذي تظاهرت جماهيره بالملايين ضد هذه المؤامرة البشعة والقذرة التي تتعرض لها سورية الآن.

الولايات المتحدة وحلفاؤها وأتباعها لا يريدون فقط مصادرة هذا الحق غير قابل للتصرف للشعب السوري، بل يعتدون على سيادة واستقلال هذه الدولة العربية التي لها أهميتها الكبيرة من كل الجوانب وعلى كافة الصعد في المنطقة. والمؤلم أن أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، انجر وراء هؤلاء الحلفاء المتآمرين على سورية، ويساهم إلى حد كبير في تجاوز لا بل مخالفة قوانين وأنظمة الأمم المتحدة.

هل يحق لامير قطر أن يقول لرئيس دولة: تنحى، لأنه قرر ذلك؟ وهل تقبل قطر أن نقول لاميرها عليك أن تتنحى، وعلى الشعب القطري الاطاحة بك.. هل يحق لنا أن نقول أن على اوباما التنحي والرحيل عن منصبه دعماً وتأييداً لفئة، وقد تكون نسبتها عالية في الولايات المتحدة؟ ألم يغضب اوباما من نتنياهو لأن الثاني يدعم الحزب الجمهوري، وأدلى بتصريحات لصالح مرشح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الاميركية، واتهم اوباما نتنياهو بالتدخل السافر في شؤون الولايات المتحدة الداخلية.

أليست مهمة الأمم المتحدة الدفاع عن الشعوب؟ لماذا لم نسمع كلمة واحدة من دائرة أو مفوضية الدفاع عن حقوق الشعوب غير القابلة للتصرف؟ لماذا لا تقوم الأمم المتحدة بالدفاع عن سيادة العديد من الدول التي تستباح أراضيها تحت شعارات وهمية بهدف التدخل في شؤونها الداخلية؟

يَدَّعون بوجود أصدقاء لهذا الشعب أو ذاك.. وهؤلاء الاصدقاء يتخذون قرارات عقابية ضد هذا الشعب.. هم أصدقاؤه اسماً ولكنهم أعداء لدودون لهذا الشعب، يريدون فرض املاءاتهم وآرائهم ومواقفهم عليه، والأمم المتحدة تتفرج وتتآمر ضد الشعب السوري، وغيره من الشعوب، وتتناسى الأنظمة والقوانين وميثاقها.

أقول وبكل صراحة: شكراً لكل من دولتي الصين وروسيا لانهما تقفان الى جانب الحق والعدالة، وضد تجاوز لا بل الدوس على القوانين والمبادىء الدولية التي أقيمت على أساسها الأمم المتحدة، شكراً لهما ولكل حلفائهما، لأنهم جميعاً يريدون الأمن والاستقرار في هذا العالم، في حين أن الولايات المتحدة ومن سار على دربها يريدون الفوضى والقتل والدمار لكل من لا يتحالف معهم، أو يعارض سياستهم.

على العالم الحضاري الواعي المتمدن جداً، والذي يهمه الأمن والاستقرار في العالم، أن يقف وقفة قوية صارمة وفعالة ضد ما يجري في سورية، وضد التدخل في شؤونها الداخلية، وفي شن حرب عليها عبر دعم الارهاب والارهابيين، وان يقولوا للأمم المتحدة كفى تغاضياً عن الظلم، كفى السماح لاسرائيل واميركا ومن معهما بالدوس على القوانين الدولية وكفى لكل التدخلات في شؤون الشعوب العديدة. والمطلوب تفعيل دور الأمم المتحدة في الدفاع عن حقوق الشعوب غير القابلة للتصرف، وفي الدفاع عن سيادة واستقلال كل الشعوب حقاً وحقيقة قبل أن يتحول العالم كله إلى "غابة" من الفوضى وعدم الاستقرار تسيطر عليها قوى البغي والظلم والطغيان.

رئيس تحرير البيادر المقدسية: جاك خزمو

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.