تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ماذا حققت إسرائيل من الهجوم على سورية!!

لم تكن إسرائيل تريد بالطبع من هجومها قبل أيام، على الجمهورية العربية السورية، الدولة المستقلة وذات السيادة، أن تدمّر فقط ما دمرته من عتاد أو مواقع عسكرية. فمن الطبيعي أن لهذه الغارات أهداف أخرى أعلنتها إسرائيل وأخرى لم تعلنها، عسكرية وسياسية، فهل حققت أياً من هذه الأهداف غير التدمير الذي حصل، وهل يمكن أن تتكرر هذه الغارات مرة أخرى دون ردّ، بل هل يمكن أن تمرّ هذه الغارات نفسها دون ردّ سوري بالطريقة والشكل المناسبين لسورية!!

أولاً، لقد أعلنت إسرائيل إنها استهدفت أسلحة إيرانية كانت في طريقها إلى حزب الله في لبنان. وهذه الذريعة ليست المرة الأولى التي تستخدمها إسرائيل لشنّ هجوم على سورية. ثانياً، حاولت إسرائيل خلق نوع من الردع ضد سورية والمقاومة في لبنان بعد الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري في عدد من المناطق والمدن السورية في مواجهته للإرهابيين والمسلحين الذين يتلقون الدعم من الدول الغربية، وبعض العربية، وإسرائيل، وهذا لم يعدْ سراً ولا خافياً. وكما يقول الإسرائيليون والمتحدثون العرب باسم إسرائيل، فإن الأخيرة حاولت أيضاً رسم "خطوط حمر" في سورية والمنطقة، لمنع تجاوزها. ثالثاً، قد تكون إسرائيل تعمدت توجيه غاراتها على سورية قبل يومين من زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى روسيا للقاء نظيره الروسي سيرجي لافروف، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لإعطائه ورقة تفاوض أقوى خلال زيارته لمواجهة الروس بها، بعدما تراجعت قدرات المسلحين والعملاء على الأرض!!

فماذا كان الردّ السوري الذي لم يلتفت إليه الكثيرون أو أنهم أرادوا طمسه للتشويش على الموقف السوري وإضعافه!؟ وكيف تم استثمار الغارات سياسياً وعسكرياً!؟

أولاً، أعلنت سورية وعلى لسان مصادر قيادية رفيعة أنها ستزود المقاومة في لبنان وتحديداً "حزب الله" بأسلحة نوعية جديدة لم تقدمها للمقاومة من قبل؛ أي أن هدف إسرائيل المعلن في منع وصول الأسلحة للمقاومة فشل فشلاً ذريعاً.

ثانياً، أعلنت سورية وعلى لسان نفس المصادر أنها وجهت بطاريات صواريخها نحو فلسطين المحتلة؛ أي أن هذه هي المرة الأخيرة التي تستطيع فيها إسرائيل أن تشنّ غارات على الأراضي السورية دون عقاب قاس وصريح ومدوٍّ ومؤلم ومدمّر، هذا، إن مرّت الغارات الأخيرة دون ردّ أو عقاب. وهذا معناه أيضاً أن الغارات الإسرائيلية لم تحقق الردع المطلوب إسرائيلياً، بل ما حصل هو العكس؛ دفعت إلى نوع من الردع السوري للإسرائيليين.

ثالثاً، نُقلت معلومات عن سماح سورية للمنظمات الفلسطينية الموجودة في سورية بالقيام بأعمال المقاومة عبر أراضي الجولان العربي السوري؛ وسواء صحّت هذه المعلومات أو لم تصح، وهي على الأغلب أكثر من صحيحة؛ فهي أصبحت ورقة في يد سورية بعدما أعُلن عنها، ورحّبت بها الأطراف الفلسطينية. وعسكرياً؛ هذا معناه فتح جبهة أخرى على إسرائيل قد لايتم الهجوم فيها من قبل جيش نظامي، بل من قبل جماعات المقاومة، كما جرى ويجري في جنوب لبنان!!

رابعاً، لقد كشفت الغارات الإسرائيلية حقيقة "بعض" المعارضة السورية ـ المدنية منها والمسلحةـ  حيث أيّد هذا البعض من المعارضة الضربات الإسرائيلية ضد المواقع السورية، وهذا ينفي عن هذه المعارضة صفة "الوطنية" مهما كانت أسبابها وأعذارها، فكيف إذا كانت الأسباب هي إرضاء مشغّليها وأسيادها ومموليها! ومن الطبيعي أن ينعكس هذا السلوك "الخائن" بشكل سيء عليها في الداخل والخارج؛ فقد ظهرت هذه المعارضة وكأنها تستجدي العدو لتحقيق أي نصر تتستر به، فأي شرف هذا.. بل أي مذلّة!! ناهيك عن أن الدعم المعنوي الذي تلقاه المسلحون من جراء الغارات والتنسيق الواضح بينها وبين هجومهم على العاصمة دمشق، لم يستمر أكثر من وقت انتهاء الغارات وانقشاع الغبار والدخان، وقد عاد اليأس إلى صفوفهم تحت وقع ضربات الجيش العربي السوري.

خامساً، لقد أكدت الغارات وجهة النظر السورية التي كانت تقول منذ بداية الأزمة، أي قبل عامين، أن ما يحصل في سورية هو مخطط خارجي معادي وليس له علاقة بالديمقراطية والحريات والإصلاح وهذه المسائل، التي تم التستّر بها كشعارات للتدخل من خلفها في الشأن السوري، بغية تخريب الدولة السورية وإضعافها وشلّ دورها الإقليمي. وما مبادرة رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بشأن تبادل الأراضي الفلسطينية مع الإسرائيليين، إلا دليلا على ما يحصل وسيحصل في ظل غياب الموقف السوري القوي والمقاوم.

سادساً، لقد أظهرت الغارات الإسرائيلية حقيقة الكثير من المواقف العربية والإسلامية والدولية، ولاسيما الشعبية منها المؤيدة والداعمة لسورية ومواقفها والرافضة للتدخل الإسرائيلي في الشأن السوري بغض النظر عن موقفها مما يحصل داخلياً في سورية، وهذا الزخم يمكن استثماره لاحقا إن سورية قررت التصرف بشكل ما.

سابعاً، وبعد فشل أهداف الغارة الإسرائيلية على سورية، وبعد استمرار الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري، لن يكون بمقدور الوزير جون كيري أن يرفع أياً من الأوراق التي أراد استخدامها في وجه الروس، بل إن الموقف الروسي هو الذي أصبح أقوى وأكثر ثباتاً. ومن غير المستبعد أن يكون الروس قد تدخلوا لدى حلفائهم السوريين لتأجيل ردّهم على الغارات الإسرائيلية لحين الانتهاء من زيارة كيري؛ فإن كانت الأمور إيجابية، يمكن امتصاص الغضب الجماهيري السوري بما سيقدّم له، وإلا فإن السوريين ومعهم المقاومة وكل أصدقائهم، سيكون لديهم الوقت الكافي والتوقيت المناسب لتحويل كل المدن والمنشآت الإسرائيلية إلى كرات من لهب ودخان وموت لايرحم، ورماد!!

في علوم الحروب والعسكر، يقولون إنه ليس مهماً أن تبدأ المعركة، بل المهم هو كيف تنهيها، والمهم أكثر هل حققت الحرب أهدافها التكتيكية والإستراتيجية!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.