تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أهداف علنية وسرية لم تتحقق من الغارة الاسرائيلية على سورية

                                                                                                           جاك خزمو-رئيس تحرير البيادر المقدسية

 

فجر يوم عيد القيامة الذي صادف يوم الأحد 5 أيار الجاري، شنت الطائرات الاسرائيلية عدواناً سافراً على الاراضي السورية وعلى مواقع ثلاثة بالقرب من العاصمة السورية دمشق، وادعت اسرائيل عبر مصادر عديدة أن الغارات استهدفت شحنة من الصواريخ المتطورة كانت تعد لارسالها الى حزب الله في لبنان، وادعت أيضاً فيما بعد أن هذه المواقع تخص حزب الله على الساحة السورية.

هذا العدوان الغاشم ادانته غالبية الدول الصديقة لسورية، والحريصة على سيادة كل دولة في العالم حسب القانون الدولي. وقد اجتمع مجلس الوزراء السوري، وأصدر بياناً حاسماً وحازماً تلاه وزير الاعلام الاستاذ عمران الزعبي جاء فيه "ان هذا العدوان يفتح الباب أمام احتمالات عدة، وان سورية ستواصل دعمها للمقاومة، وستزود حزب الله بسلاح نوعي". وهذا البيان أربك القيادة الاسرائيلية واضطرها إلى اتخاذ قرار باغلاق المجال الجوي في شمال اسرائيل، ووضع الجيش في حالة تأهب قصوى، كما سارع الاسرائيليون في منطقة شمال اسرائيل الى الحصول على الأقنعة الواقية... هذا الجو أدى إلى قيام اسرائيل بمحاولة تهدئة الأجواء المتوترة عبر الاتصالات الدبلوماسية، وخاصة اجراء مكالمة هاتفية ساخنة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتدخلت كل الدول، وخشيت من أن هذه الغارات قد تشعل حرباً مدمرة في المنطقة، رغم أن الرئيس الاميركي باراك اوباما برر هذه الغارات واعتبرها "دفاعاً عن النفس"، ومن حق اسرائيل القيام بمثل هذه الاعتداءات.

 

الأهداف العلنية

يمكن حصر الأهداف العلنية من وراء شن هذا العدوان في الآتي:-

1.   منع تزويد سورية لسلاح متطور ونوعي لحزب الله، وإثارة هذا الموضوع جاء لحشد الرأي العام الغربي ضد سورية.

2.   توفير دعم للمسلحين في سورية الذين بدأوا يعيشون حالة الانهيار والسحق الكامل على يد الجيش العربي السوري، ورفع معنوياتهم.

3.   محاولة فاشلة لدعم الارهابيين المسلحين في شن هجوم على دمشق، ومحاولة اقتحامها إذ أن عدداً كبيراً منهم حاول اقتحام العاصمة من تلك المناطق التي اغيرت عليها، لكن الجيش العربي السوري كان لهم بالمرصاد.

4.   محاولة جر سورية إلى مواجهة مع اسرائيل من أجل اضعافها، واتاحة الفرصة للمسلحين في مواصلة ارهابهم، وعملياتهم القذرة في تدمير سورية من الداخل.

5.   التلميح بأن امكانية فرض حظر جوي على سورية ممكنة، وقد تقوم بقيادته اسرائيل لدعم ما يسمى بـ "المعارضة".

 

الأهداف الخفية السرية

أما الأهداف السرية من وراء شن هذه الغارات فتكمن في عدة نواع:-

1.   محاولة اسرائيل اختبار قوة الدفاعات الجوية السورية وهل هناك من تغيّر فيها، وكذلك توجيه رسالة إلى روسية بعدم تزويد سورية بأنظمة صواريخ دفاع جوي متطورة.. ولكن روسيا أكدت أنها ستقوم بتطبيق هذه الصفقة من دون تردد أو تأخير.

2.   محاولة تجربة صواريخ اميركية متطورة تسلمتها اسرائيل مؤخراً من اميركا، لمعرفة مدى فاعليتها وقوتها التدميرية على أرض الواقع.

3.   غارة استباقية تهدف إلى اضعاف القوة العسكرية الصاروخية السورية ولحزب الله خشية أن تقوم سورية وبعد القضاء على الارهاب في سورية، بشن هجوم لتحرير الجولان ما دام الدمار قد عم سورية، والحرب لن تكون مكلفة في هذه الناحية واسرائيل تتوقع ذلك ولذلك فهي معنية بتواصل "المواجهات" على أرض المعركة، والا يتفرغ الجيش السوري لمهماته الأساسية في الدفاع عن سورية وتحرير أراضيه المحتلة وخاصة الجولان.

4.   محاولة استخدام هذه الغارات في الحرب النفسية بأن اسرائيل قادرة على القيام بعدوان هنا أو هناك على الاراضي السورية، والنظام عاجز عن الرد... وان اسرائيل ما زالت قوة كبيرة والعرب "نعاج" كما ادعى وزير خارجية قطر حمد بن جاسم!

 

لم تتحقق الأهداف الاسرائيلية

في قراءة هادئة وسريعة يمكن القول وبكل جرأة وصراحة ووضوح أن هذه الغارات فشلت في تحقيق أهدافها للاسباب التالية:-

·       لم تستطع هذه الغارات رفع معنويات المسلحين الارهابيين، بل ان عمليات سحقهم وتوجيه ضربات قاسية لهم متواصلة. وان الجيش العربي السوري يقترب من تحقيق الحسم الميداني على جبهات عدة.

·       عززت العلاقة التحالفية بين دول محور الممانعة والمقاومة، وأكدت سورية على استمرار دعمها للمقاومة في لبنان.

·       أكدت الغارات أن ما تتعرض له سورية هي مؤامرة، واسرائيل جزء رئيسي فيها، مما زاد ذلك في معنويات المواطن وعزز من دعمه ومساندته والتفافه حول وطنه، والاصرار على مواجهة الاخطار التي تتعرض لها سورية.

 

تأكيد التورط الاسرائيلي

هذه الغارات العدوانية أكدت تورط اسرائيل في المؤامرة على سورية، وبصورة علنية، إذ أنها جاءت في الوقت الذي بدا فيه "الارهاب" يواجه حسماً عسكرياً واسعاً، وبدأت قوى الارهاب تتلقى الضربات الموجعة الواحدة تلو الأخرى، اضافة الى محاولة رفع معنويات المسلحين الارهابيين الذين يدعون أنهم "معارضة سلمية"!! ومحاولة اقتحام دمشق الفاشلة من قبل هؤلاء الارهابيين بعد الغارات الاسرائيلية لخير دليل على دعم اسرائيل لهم.

ويمكن أيضاً القول أن هذه الغارات جاءت بهدف رفع معنوياتهم بعد أن انهارت اضافة الى توفير الدعم لهم على أرض الواقع.

واضافة الى هذه الغارات، فان هناك عدة أمور تؤكد تورط اسرائيل في هذه المؤامرة على سورية ومن أهمها:-

1.   حصول المسلحين على سلاح اسرائيلي الصنع تقوم قطر وتركيا بشرائه وتزود المسلحين به عن طريق الحدود التركية أو اللبنانية.

2.   اكتشاف أجهزة تنصف اسرائيلية على سواحل سورية مزروعة في صخور مصنعة.. تهدف الى مراقبة الوضع، وتوفير معلومات "للمعارضين" المزيفين، كمساعدتهم في أعمالهم القذرة التي تعيث فساداً ودماراً على الارض.

3.   قيام اسرائيل بفتح حدود الجولان لادخال عدد من الجرحى "الارهابيين" الى الاراضي الاسرائيلية لتلقي العلاج على حسابها الخاص. وهؤلاء الذين يتلقون العلاج عليهم ألف علامة استفهام... ولماذا هم وحدهم يتلقون العلاج وليس غيرهم... في حين ان اسرائيل ترفض اعطاء تصريح أو اذن دخول لمرضى من القطاع للمعالجة في مستشفيات القدس والضفة الغربية.

4.   الاتصالات الجارية بين ما يسمى "المعارضة" السورية واسرائيل على أكثر من صعيد:-

أ‌.       قيام "معارضين" سوريين في الخارج بزيارات سرية لاسرائيل لأنهم يحملون جوازات سفر أجنبية. لاجراء محادثات مع المسؤولين الاسرائيليين لتوفير دعم لهم.

ب‌. هناك تعاون اسرائيلي مع قادة "الجيش الحر"، وخير اثبات على ذلك هو كيف يمكن لمسؤول في هذا "الجيش" أن يتصل باحدى القنوات التلفزيونية الاسرائيلية ليعرب عن فرحته بقيام اسرائيل بهذه الغارات.

جـ. مشاركة أعضاء ما يسمى بـ "المعارضة" في العديد من المؤتمرات التي تعقد حول سورية في العواصم الغربية، وتزويد الاسرائيليين بمعلومات "مفبركة" الى حد كبير حول الوضع في سورية.

د. قيام اعلاميين باعداد تقارير ميدانية حول الوضع في شمال سورية بعد دخول عدد من الصحفيين الاسرائيليين هذه الاراضي عبر سورية، وبدعم وتغطية من هؤلاء المعارضين المسلحين!

5. وسائل الاعلام الاسرائيلية، المقروءة والمرئية والمسموعة، تقف الى جانب "الارهاب" من خلال نشر وتوزيع أنباء كاذبة ضد سورية لتهويل الامور، وللتأثير نفسياً على المواطن السوري. وهي تقف الى جانب قنوات التضليل الناطقة بالعربية التي تبث من الخليج أو من عواصم عدة في العالم.

6. التصريحات العديدة التي يطلقها قادة أو مسؤولون عسكريون وسياسيون اسرائيليون حول الوضع في سورية، يعبّرون فيها عن أمنياتهم بسقوط سورية، وينادون بالتدخل العسكري الخارجي في سورية.

7. اثارة موضوع السلاح الكيماوي، ومنع تسريبه لحزب الله لحشد الرأي العام العالمي ضد سورية.

 

الرد السوري الهادىء والفعال

كثيرون قالوا: ان على سورية الرد على هذه الغارات عسكرياً، ولكن هؤلاء لم يدركوا ان هذا القول يصب في خانة خدمة اسرائيل من دون قصد أو من دون دراية، إذ أن أحد أهداف هذه الغارات جر سورية "ولوحدها" نحو مواجهة مع اسرائيل للحصول على مبرر لدعم "الارهاب" وبصورة مباشرة على الارض السورية. ولكن الخبراء، والحكماء وأصحاب الاختصاص يقولون ان الرد السوري على هذه الغارات هو قائم وفعال، وهو الذي أكد فشلها في تحقيق الأهداف المرجوة منها. وتمثل الرد السوري بالخطوات التالية والفعلية على أرض الواقع:-

·       مواصلة "دك" الارهاب على الاراضي السورية، والقضاء عليه، لانه من صناعة ودعم وانتاج ومساندة اسرائيل واميركا، فالقضاء على الارهاب، يعني القضاء على العناصر الخادمة لمصالح اسرائيل في سورية.

·       الاعلان وبصورة واضحة تزويد حزب الله بأسلحة نوعية ومتطورة جداً... اضافة الى تواصل دعم هذه المقاومة والى أبعد الحدود.

·       قرار الحكومة السورية بفتح الحدود مع الجولان أمام رجال المقاومة ضد اسرائيل، أي عدم  التزام سورية باتفاقيات وقف اطلاق النار، أي أن حدود الجولان ستكون منطلقاً لعمليات مقاومة داخل اسرائيل.

 

خطوة اسرائيلية مغامرة وغبية

لقد ارتكبت اسرائيل خطوة غبية ومغامرة وخطيرة ضد سورية، ولذلك فهي لاقت رد فعل عملي على الارض، قد يكلفها ذلك ثمناً باهظاً.. وخاصة أنها "فتحت" جبهة جديدة لها، وعرّّت بنفسها تورطها في المؤامرة على سورية.

لقد دخلت اسرائيل في متاهة أو مستنقع خطير، وهي تجييش العالم العربي الشعبي (ليس الرسمي) ضدها من خلال ممارساتها العدائية سواء ضد سورية، أو ضد الفلسطينيين. وهذا يعني أن المنطقة ستدخل مرحلة جديدة ستكون صعبة على اسرائيل نتيجة سياستها "الحمقاء"، المعتمدة على القوة العسكرية، في التوسع والاستيطان، والدوس على كل القوانين وقرارات الشرعية الدولية.

لقد ولى الزمن الذي كان لصالح اسرائيل... وبدأت مرحلة جديدة حاسمة لها، وهذا ما سيؤكده المستقبل القريب وليس البعيد.

 

 

يضللون انفسهم قبل

تضليل الآخرين

 

أي مواطن عربي عاقل في أي بقعة من عالمنا العربي أصبح الآن يعرف أن سورية تتعرض لحرب كونية تستهدف تدميرها.. وان ما يقال أن هناك ثورة لتحقيق الاصلاحات أو الديمقراطية هو مجرد هراء وخداع ودجل ونفاق.

غريب أمر اولئك الصحفيين الذين يعرفون الحقيقة، ولكنهم يناصرون الباطل والظلم مقابل حفنة من الدولارات. وغريب أنهم يعتبرون أنفسهم عروبيين ووطنيين وانسانيين، وفي الوقت نفسه يدعمون أي عدوان اسرائيلي على سوريا ويصفقون له، وينادون بالمزيد من هذه الاعتداءات القذرة والشرسة.

هؤلاء أو اولئك الصحفيون اتخذوا موقفاً معادياً لسورية وهم يَدَّعون أنهم مع الشعب السوري، وهم في الواقع معادون له لأنهم يريدون مصادرة حقه في تقرير مصيره، ولأنهم أيضاً يعاقبون هذا الشعب لوعيه وتصديه للمؤامرة على سورية، ولرفضه فرض املاءات وشروط على سورية، فهم ممانع ومقاوم لمحاولات ضرب الوحدة الوطنية السورية، وهو أشد عدو لدود لكل المتآمرين على عالمنا العربي.

الشيخ قرطاوي يناشد اميركا بضرب سورية، ويصف حزب الله، بحزب الشيطان ويؤيد معاقبته.. وما يدعو اليه القرضاوي لا يختلف بشيء عما تسعى الى تحقيقه دولة اسرائيل، فهي تريد تدمير سورية والقضاء على قوى المقاومة في عالمنا العربي، وتريد تقسيم عالمنا العربي، وادخاله في صراع ديني مذهبي.

ليس القرضاوي وحده الذي يدعم اسرائيل بمواقفه، بل هناك جهات رسمية عربية تبارك تدمير سورية، هذه الجهات حاقدة على سورية، وتكرهها لأنها تعريها وتكشف ارتباطاتها المشبوهة مع أعداء الأمة العربية.

على الصحفي أن يقول الحقيقة ولو كانت ضد معتقداته وفكره.. وعلى الصحفي العربي أن يكون صادقاً مع نفسه والا يشارك في حملة التطبيل والتزمير ضد سورية.. وعليه أن يدرك أن وقوفه الى جانب الارهاب يعني خيانته لهذه الأمة، عبر سعيه لتدمير عالمنا العربي تحت شعارات ومسميات دينية غير سليمة.

المشهد السوري كشف حقيقة كل صاحب قلم في عالمنا العربي، وافرز القلم النظيف من الملوث بالدولارات الخليجية والاميركية، والانسان المضلل السخيف البسيط من الانسان الواعي الذي يرفض أن تمر عليه أمور غير منطقية.

كل الاحترام والتقدير لكل صاحب قلم يدعم الحق والحقيقة ويقف الى جانب سورية في التصدي للمؤامرة الكونية البشعة، وكل التقدير لكل انسان يقف الى جانب الشعب العربي السوري بصورة صادقة، ويدافع عن سورية دفاعاً صادقاً ومخلصاً، ويرفض مهما عرضت عليه من اغراءات أن يغير مبادئه أو مواقفه لانه انسان شريف ونبيل حريص على وطنه وامته أكثر من حرصه على اموره الشخصية..

ماذا سيفعل اصحاب الاقلام الصفراء بعد أن تنتهي المؤامرة وتنتصر سورية؟ لن يستطيعوا فعل شيء، وسيلقون في مزابل التاريخ لأن ذلك أقل عقاب يمكن أن ينالوه.

 

                                                                                                                                                                                                                    

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.