تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المؤتمر الدولي لتحقيق الحل السياسي في سورية الحل يعتمد أولاً وأخيراً على الحوار السوري الصرف

في لقائهما في موسكو اتفق وزيرا خارجيتي اميركا وروسيا، جون كيري وسيرجي لافروف، على عقد مؤتمر دولي لايجاد حل سياسي للوضع في سورية. واتفق الطرفان يوم 6/5/2013 على عقد المؤتمر في أواخر شهر أيار الجاري، أي خلال ثلاثة أسابيع تقريباً. لكن جون كيري تراجع عن مواقفه، إذ يبدو أنه كان مضطراً لمشاورة رئيسه باراك اوباما، وبعض الحلفاء، من أجل المضي قدماً في عقد هذا المؤتمر الدولي.

تعهد لافروف بأن تشارك الحكومة السورية في المؤتمر، وطلب من كيري اقناع المعارضة المتنوعة بالمشاركة في المؤتمر.

دافيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا زار روسيا، والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد اتفق الزعيمان الروسي والبريطاني على ضرورة حل الوضع في سورية بالطرق السياسية، وعبر الحوار، أي أن كاميرون الذي كان يدعو الى تسليح المعارضة لاسقاط النظام في سورية تراجع لانه وجد أن النظام هناك قوي لالتفاف الشعب والجيش حوله، وقد أوضح بوتين أن الشعب السوري هو الوحيد المخوّل لاختيار قادته وممثليه، ولا يجوز لأحد التدخل بشؤون سورية الداخلية.

بوتين أوضح لكاميرون أن دعم المعارضة المسلحة يعني دعم القاعدة ودعم الارهاب، وهذا سيؤدي الى اشتعال المنطقة أكثر وأكثر، وقد يكون لذلك مردودات سلبية على المنطقة بأسرها وكذلك على اوروبا.

 

جنيف 2

تم تسمية المؤتمر الدولي باسم جنيف 2، أي أنه تتمة للمؤتمر الأول جنيف 1 الذي عقد في شهر حزيران من العام المنصرم، جنيف الأول دعا الى ثلاثة بنود أساسية: وقف العنف فوراً، أي وقف سفك الدم السوري البريء، اقامة حوار بين المعارضة والحكومة، والاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية جديدة تشرف على الانتخابات وتحديث سورية لتكون دولة ديمقراطية علمانية.

حسب التفسير والفهم والشرح الروسي، فإن الحكومة الانتقالية المشكلة تكون تحت قيادة السلطة الشرعية الحالية، تحت امرة الرئيس الاسد. وهذه الحكومة ستشرف على الحوار إذ أن الحكومة الانتقالية قد تسبق عقد الحوار حول كل الامور المطروحة إلا أن هيلاري كلينتون، وزيرة خارجية اميركا التي وافقت على تفاهم جنيف عاودت وتراجعت عما تم الاتفاق عليه مما عطّل هذا التصرف الاميركي تطبيق بنود هذا الاتفاق أو التفاهم.

ومنذ حزيران من العام الماضي، والادارة الاميركية مرتبكة ومترددة ولا تعرف ماذا يجب أن تفعله، وهذا بالطبع أدى الى توتير الاجواء وتصعيدها. وواصلت ادارة اوباما تقديم المساعدات العسكرية "غير القاتلة"، وتوفير دعم مالي اضافة الى توفير أجهزة اتصال ومناظير ليلية متطورة، وتقديم كل مساعدات ممكنة للمعارضين حتى ينجحوا في تدمير سورية، ولكن ذلك لم يتحقق حتى الآن، بل بالعكس فإن هذه المعارضة تتلقى ضربات واسعة وساحقة من قبل الجيش العربي السوري.

ولا بدّ من التذكير بأن قادة قطر والسعودية وتركيا رفضوا اتفاق جنيف، ولذلك عرقلوا تنفيذه أو الالتزام به أملاً في أن المعارضة قد تحقق انجازات على أرض الواقع، ولكن هذه المعارضة رغم الاموال الطائلة التي تصرف عليهم، ورغم كل ما يقدم لها من سلاح وأجهزة تنصت متطورة، لم تحقق شيئاً. حتى ان قطر بادرت الى تحقيق وحدة صورية للمعارضة، ووضعتها تحت يافطة "الائتلاف الوطني"، إلا أن هذا الائتلاف لم يؤد المهام التي أنيطت به.. ودخل في حالة صراع داخلي، وخلافات حول المناصب وحول طريقة الحل.. ورغم أن قطر أجلست رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب على مقعد سورية في القمة العربية التي عقدت في الدوحة أواخر آذار المنصرم، الا أن هذا الائتلاف فشل، وأكد للجميع أنه مجرد دمية قطرية.

 

أهداف المؤتمر الدولي الجديد

في هذا المؤتمر سيشارك فيه العديد من أطراف الصراع، وأهم هذه الاطراف المعارضة، لاعلان وقف اطلاق النار كخطوة أولى، والبدء في تنفيذ الاتفاق المرحلة.

حتى هذه اللحظات لم تقرر المعارضة المشاركة فيه، لأنها تنتظر الاذن من قطر والسعودية وتركيا حول هذه المشاركة، واميركا مترددة في عقد المؤتمر إذ أنها تدرك أن الحوار يعني أن سورية ستبقى كما هي، وان الرئيس الأسد لن يرحل، ولذلك بدأت اميركا، ومن ثم تراجعت عنها، بترديد جملة ضرورة رحيل الرئيس بشار الأسد.

حاولت اميركا مع حلفائها واذنابها واتباعها وضع بند رحيل الأسد، إلا أن موسكو رفضت ذلك جملة وتفصيلا، لأن هذا الأمر ليس من صلاحية أحد سوى الشعب السوري، وعبر الحوار الجدي والوطني.

أولى أهداف المؤتمر هو وقف نزيف الدم السوري، لكن هناك من لا يريد ذلك، ولهذا سيعمل على عرقلة هذا المؤتمر، وتأجيل عقده لاسابيع أو أشهر.. وأما الهدف الثاني فهو تشكيل حكومة انتقالية بمشاركة جميع الفئات وأطياف المجتمع. وترك الأمور لهذه الحكومة في اكمال مشوار الحل السياسي.

 

وقبول اميركا بعقد مؤتمر دولي جاء لعدة أسباب ومن أهمها:-

1.  فشل المعارضة في تقديم أي شيء لاميركا، بل ازدادت في التفسخ والانشقاق والضعف.

2.  دخول جبهة النصرة على خط المعارضة، وهي تابعة لتنظيم القاعدة، وهي تنظيم ارهابي قد يهدد جميع الدول في المنطقة.

3.  تقدم الجيش العربي السوري على ارض الواقع، وتحقيق انجازات في سحق الارهابيين، والسيطرة الكاملة على أرض سورية، رغم وجود هنا أو هناك ثغرات وتجمعات صغيرة، وهذه لا تمس السيطرة الأمنية الكاملة على الارض.

4.  امكانية اتساع رقعة الاحداث لتشمل جميع مناطق الشرق الأوسط، وخاصة بعد الغارة العدوانية على مواقع داخل سورية، وهذه الغارة فتحت الأجواء أمام احتمالات عديدة وخطيرة.

5.  وجود خلاف داخل المجتمع الغربي الدولي، إذ أن هناك من يطالب بتسليح المعارضة في سورية، وهناك دول عديدة تطالب بعدم القيام بهذه الخطوة المجنونة، ويطالب بأن يكون هناك حل سياسي وفي أسرع وقت قبل أن تفلت زمام الامور في الشرق الاوسط.

6.  اميركا تستعد للخروج من افغانستان وعليها أن تبحث عن طريق سليم لذلك من دون مشاكل ومذلات.. فعليها أن ترتب مثل هذه الأمور من دون "ورطات"!

7.  سورية صامدة في وجه المؤامرة، والشعب واع ويدعم دولته، ومتمسك بالوحدة الوطنية، مما يعني أنه من الصعب التغيير عبر القوة والعضلات.

 

من سيشارك في المؤتمر

في مؤتمر جنيف الأول، تم دعوة دول واستثناء أخرى، ومن أهم الدول التي تم استثناؤها هي ايران، أما في المؤتمر الدولي الثاني الذي يجب أن يعقد برعاية دولية فان ايران ستدعى اليه حتماً، لانه ان لم يتم ذلك، فانه قد لا ينجح.

اضافة الى وفود تمثل دولا عديدة، فان ممثلين عن الحكومة السورية سيشاركون في المؤتمر اضافة الى "المعارضة" المتنوعة، والمعارضة الوطنية مستعدة لذلك، أما المعارضة المرتمية بأحضان الدول الخارجية، فهي رهن اشارة الموافقة على المشاركة أو عدمها.. وهناك من يصر على "رحيل الأسد" قبل أي اتفاق مما يعني أنه لا يريد المشاركة لانه يطرح مطلباً من الصعب تحقيقه، وهو ضد رغبة وخيار الشعب السوري. إذ أن الحوار سيؤدي الى اجراء انتخابات التي تقرر من هو الرئيس، وليس معارضة هزيلة في الخارج؟

حتى هذه اللحظات من (كتابة هذا الموضوع) لم تعلن سورية رسمياً قبولها المشاركة في المؤتمر لأنه لم تتسلم دعوة لذلك بعد، ولم تتضح أمامها ما هي تفاصيل المؤتمر.. ولكن من المؤكد أنها ستقبل المشاركة إذا كانت أهداف المؤتمر تحقيق حل سياسي، وبصورة سليمة من دون تدخل الاطراف الدولية، بل ستكون هذه الاطراف داعمة للحل السوري، لانه حل يقرره السوريون وحدهم.

وأكد وزير الاعلام عمران الزعبي عبر تصريحات عديدة أن أي مساس بالرئيس أو موقعه، يعتبر مساساً بسيادة سورية، وترفض سورية الاعتداء على هذه السيادة، وترفض أن يقرر من هم في الخارج مستقبل سورية إذ أن هذا المستقبل هو قرار سوري صرف. وأكد أيضاً أن أي حل لن يكون واقعياً ولن يكون مقبولاً إذا كان يبعد الحكومة أو الدولة السورية عن ذلك، وأي حل يجب أن يكون برعاية الرئيس، لانه الرئيس الشرعي للبلاد، ولانه منتخب، وهذا ما أكده ابضاً المسؤولون السوريون، وما يؤكده كافة أبناء الشعب السوري.

 

موعد ومكان موعد عقد المؤتمر

المكان لعقد المؤتمر هو متفق عليه وهو جنيف، أما موعده فلن يحدد إذ قيل أو أعلن أنه سيعقد قبل أوائل الشهر الجاري (ايار 2013)، ولكن أعلن فيما بعد ان المؤتمر سيعقد في أواسط شهر حزيران القادم. وهناك امكانية للتأجيل من أكثر من طرف، وخاصة من اولئك الذين يريدون استمرار نزيف الدم السوري، ويريدون أيضاً أن يكون الحل خارجياً مفروضاً وليس سورياً.

 

التعويل على الجيش والشعب

لا يمكن التعويل على هذا المؤتمر الدولي سواء عقد أو لم يعقد، واذا عقد وكان المشاركون جادين، ويمكن عندها التفاؤل، أما التفاؤل الاكبر يجب أن يكون عندما يعقد حوار سوري سوري من دون تدخل الخارج، وان تكون المعارضة بالفعل وطنية همها الأول الدفاع عن سورية ومواجهة المؤامرة. ومن هنا يمكن القول أن التعويل والاعتماد هو على الشعب الذي يريد الحوار ووقف نزيف الدم السوري، وعلى الجيش العربي السوري في القضاء على الارهاب الذي تم تصديره الى سورية من دول عديدة في العالم.

 

بداية مرحلة النهاية

لقد أكدنا قبل فترة قصيرة أن المؤامرة على سورية هي في بداية مرحلة النهاية، وهذا ما تؤكده المعطيات الدولية والجارية على ارض الواقع.. ولكن كل الامل في أن تكون هذه المرحلة قصيرة جداً، وان يتوقف سفك الدم السوري، وان تعقد طاولة الحوار في دمشق وفي أسرع وقت ممكن. هذا ما يأمله كل انسان صادق وشريف ومحب لسورية.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.