تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عن ابن عمي وأخي ..أيها الرب الإله أعدهم الينا

 

البارحة أتى لزيارتنا ابن عمي الذي يخدم في الإحتياط , لم أكن أسلم عليه قبلا إلا يدا بيد فقط , لكن ما إن رأيته حتى انتابتني موجة من الحب المخلوط بالحنان والإمتنان ,عانقته بقوة وكأني أراه للمرة الاولى في حياتي .رأيت فيه أخي الذي طلب للإحتياط أيضا وأبناء جيراننا وكل شباب حارتنا الذين أعرفهم والذين أصبحت الحارة قفرا بعد مغادرتهم لها ...قلت له :اشتقت لأصوات الموتورات واحتجاج امي وأبي على هذا الجيل عديم المسؤولية عندما كانت أصوات دراجاتكم تحرمنا النوم فترة الظهر .. وتجعلنا نضع أيدينا على عيوننا من الغبار الذي تخلفونه وراءكم عند العصرية حيث تتقاطر الفتيات وخصوصا في هذه الفترة من السنة لأكل البوظة والمثلجات ..وهن يرتدين أجمل الثياب

وبعد سؤاله عن الأحوال حيث يخدم في درعا في منطقة ليست آمنة , حكى لنا كيف نجا من الموت مرات عديدة وكيف أنه والحمد لله بات الوضع أكثر امانا من الاول ..
قبل ذهابه للخدمة بيوم واحد ذهب إلى جامع القرية الذي لم يكتمل بناؤه بعد , لأننا لانتلقى مخصصات لبناء جوامعنا -حيث لانتبع وزارة الاوقاف على ما أعتقد بل نعمر جوامعنا بالتبرعات -..ذهب إلى الرجل الذي يتولى مهمة نعي الشهداء حيث بتنا نعرف عندما يضع سورة " ولاتحسبن الذين قتلو ا في سبيل الله أمواتا ..." قبل أن يتكلم ويذيع الإسم أن الذي مات هو شاب وشهيد ..وعندما يضع سورة " يا أيتها النفس المطمئنة .........." هنا يكون المتوفى أحد أهالي الضيعة أو الضيع المجاورة لكنه ليس بشهيد فنقول قبل أن نعرف الحمد لله ..الله يحمي هالشباب يارب ..
ابن عمي ذهب لذلك الرجل وقال له أريدك أن تجرد صوتك جيدا بحيث لايرجف لحظة نطق اسمي , فبكى أبوه الذي لم يستطع مكالمته هاتفيا لغاية اليوم , على عكس أمه التي اشترت هاتفا خلويا خاصا وكتبت رقمه فقط كي تستطيع مكالمته فهي لاتتقن القراءة جيدا , لكن بوجود اسم واحد يصبح من اليسير عليها أن تكلمه كلما استطاع الرد , عمي يشبه أبي من هذه الناحية كثيرا , أبي كذلك لايستطيع الرد على أخي بالتلفون ..

كنت انظر اليه بعينين تريدان أن تحتويه ..أن تخزن ما استطاعت من ملامحه , من تعبيراته عندما يضحك وهو يحدث أبي " ياريت تجوزنا ياعمي ..قولك رح يكتبلنا الله نرجع ونتجوز ونكمل عمار هالبيت ..بعتت لبيي مصاري لمن قبضونا الراتب بس شو بقى بدها تعمل 40 الف ليرة ".. حبست دمعتي وناجيت الله في سري :

أيها الرب الإله
ونحن نشق طريقنا اليك عبر حقول الوجع
قد تهادت على رصيف عينيه خيال فتاته الرائعة
التي يراها تتجول في أرجاء بيته المكتمل
وضحكاتهما تعلو على اعمدة التيجان
أيها الرب الإله
أعدهم إلينا
أعدهم لحلمهم البسيط للإرتحال في عيون من يحبون

                                                                              دورا مصطفى

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.