تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سقوط أردوغان المدوّي!!

                                                                                                                                                                                                 3 /6/2013

اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس بعض القوى في بلاده بأنها تسعى إلى إعادة "الانقلابات" في تركيا، وبعض القوى الأخرى بأنها تريد وقف "النمو" الاقتصادي في البلاد. وأكد أنه لن يطلب إذناً من حفنة من "المخربين" للقيام بتشييد مسجد في ساحة "تقسيم" وسط اسطنبول. ووصف أردوغان المتظاهرين بـ"الرعاع". أما صحف أردوغان ووسائل إعلامه، والتي كانت تدعم الحراك الثوري في العالم العربي، فنعتت المتظاهرين بمفردات حادة ووضعت بينهم مندسين، ووصفت تحركهم بـ المؤامرة التي تحركها "أياد خفية".

أين هذا الكلام وممن!؟ ليس في القاهرة ولا تونس ولا دمشق!! إنه في أنقرة، ومَن يتحدث بكل هذا، ببساطة هو مَن كان يحاضر بالدين والأخلاق والديمقراطية وحقوق الإنسان قبل عدة أشهر ويلقي دروساً على الرئيس المصري السابق حسني مبارك وعلى الرئيس بشار الأسد فيما عليهم فعله وما عليهم تركه. ماذا يعني أن يصف رئيس وزراء بلد معين جزءاً كبيراً من شعبه بأنهم رعاع ومخربين!! مَن يريد حقاً من المواطنين الأتراك إيقاف عجلة النمو في تركيا!! أما إذا كانوا همجاً ورعاعاً، فلا عتب عليهم فيما يفعلون وسيفعلون!!

ما يقوله أردوغان وما يطلقه من نعوت سيئة، لا يلزم المواطنين الأتراك، بل يلزمه هو شخصياً. إنه الصورة الواضحة في كل المشهد التركي وسبب كل المشاكل هو وحكومته بسبب كل سياساتهما الداخلية والخارجية. سيمرّ اليوم وغداً سيأتي يوم آخر، ولن نستطيع تحديد أي من وجوه رجال الانتفاضة ضد الحكومة التركية، فيما سيبقى أردوغان وكلماته السيئة وصورته المرابية رمزاً للنفاق والكذب والخداع.

كل القراءات لما يجري في تركيا تجمع على أن حقيقة أردوغان انكشفت وظهرت دون ذلك الماكياج السياسي المخادع؛ أردوغان ليس قائدا قويا ولا سياسيا محبوبا، وهو أبعد من أن يكون براغماتيا. وعندما تهتزّ صورة أردوغان وتنكشف حققته بهذا الشكل، فإن ذلك يكشف حقيقة حزبه أيضاً. وسائل الإعلام العالمية كلها تحدثت عن جبروت أردوغان وتسلطه وحكومته وحزبه على الشعب التركي؛  إنها سطوة القوة والشعور بفائض امتلاكها وغباء كيفية استخدامها.

لكنها تحدثت في المقابل عن مطالب اجتماعية بدأت تتضح في إسطنبول وبقية المدن التركية؛ أهمها مواجهة الفساد الأردوغاني وماكينة الفقر المحرّك للكثيرين.  بيان نقابة الأطباء الأتراك يقول "إن حماية أرباح المستثمرين الذين سيقومون ببناء المركز التجاري (في تقسيم) ليست من مهام المسؤولين أو الشرطة". أما صحيفة حرييت  فتؤكد أن "تركيا ليست بحاجة إلى مراكز تجارية جديدة وعلى الأخص إسطنبول". ماذا يفعل أردوغان ليغطي ذلك؛ يتحدث عن بناء جامع، وربما لاحقاً، يحمّل أردوغان السوريين مسؤولية يجري في اسطنبول! ليكن، ولكن ذلك لن يحلّ قضايا الفساد والعلمانية والمسألة الطائفية والقضية الكردية وحـــالة الجيــش والحريات الإعلامية، والتذمر من تعامل حكومته مع الجارة سورية؛ شام شريف!!

يقولون الشدائد محك الرجال، فهل أظهر أردوغان ما يوحي بذلك؟ لم يقل أحد عنه ذلك، حتى أصدقاءه الغربيين. أين الحلم والرفعة وسمات القدرة القيادية! أين التخطيط الإستراتيجي والقائد الإستراتيجي!! كل ذلك ذهب أدراج الرياح. يبدو الآن أردوغان في مستنقع رهيب لم يخطط له ولم يتوقعه، ويبدو في أمسّ الحاجة إلى فتاوي أعوانه في السعودية لمنع التظاهر والتجمع أو في قطر لتكفير ثلثي الشعب التركي!!

كما رفع أردوغان وحكومته قبل عدة سنوات شعار صفر مشكلات مع الجيران، ووصل بعد هذه السنوات إلى نتيجة معاكسة، فهو تشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان وتحدث باسم الدين، وندرك أنه أثبت أنه عكس كلّ ذلك؛ لقد سقطت كل المنظومة الأخلاقية والقيمية التي رفعها أردوغان في ثلاثة أيام بعد أن تكشّف كذبه وظهرت مرابيته؛ وعليه الآن وقبل أن يرحل مطأطأً رأسه أن يتذكّر أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.