تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ليس السؤال هل ستحاكم قطر، بل متى!؟

5/6/2013

لم يكن الوضع العربي الرسمي منذ سنوات طويلة أسوأ مما هو عليه اليوم. مصر "أم الدنيا" لم تعد أم الدنيا ووضعها يسير من أزمة إلى أزمة وآخرها محاولة أثيوبية بتوجيه إسرائيلي لتحويل مجرى نهر النيل لتعطيش مصر؛ العراق يحارب على جبهة التفجيرات المتنقلة التي تستهدف أمنه وشعبه ووحدته واستقراره؛ سورية تواجه حرباً كونية منذ أكثر من عامين وهي تحاول الخروج منها، ولكنها أتعبتها؛ المملكة العربية السعودية لاتعرف كيف تقود سياسة عربية بناءة، وتغرق في التدخلات الجانبية والسياسات الكيدية والفردية وحتى الشخصانية في تعاملها مع جيرانها العرب....الخ.

يقول المثل العامي في بلاد الشام؛ من "قلّة الأصايل شدّينا على الكلاب". ومعنى هذا المثل تقريباً أنه عندما يغيب الأصيل يحضر البديل. وربما أكثر ما ينطبق هذا المثل على الحضور القطري في العامين الأخيرين على المستوى العربي والدولي. وعندما نتحدث عن الدور القطري نقصد القيادة القطرية، وليس الشعب القطري بالطبع؛ برز دور قطر في الأعوام الأخيرة إعلامياً عبر "قناة الجزيرة" ودورها التخريبي والتحريضي في إثارة الفتن الدينية والمذهبية والقبلية والعرقية، وسياسياً عبر لعب دور "قذر" في تمويل وتسليح حركات التطرف والتكفير وتشجيعها على تمزيق الدول العربية وتدمير بُناها وتحويلها إلى إمارات على قياس قطر.

ويمكن الإشارة إلى دور قطر في تمويل وتسليح شبكات وعصابات تعمل في تونس للتغرير بالشباب التونسي وتحريضه على القتال في سورية تحت مسمّى الجهاد. ذلك الجهاد الذي راح ضحيته آلاف الشباب التونسي، وآلاف المواطنين السوريين الذين قتلوا بسبب الأعمال الإرهابية التي نفّذت بحقهم من قبل أشقائهم التونسيين، مع أن المسجد الأقصى والقدس؛ ثالث  الحرمين وأولى القبلتين، تحت الاحتلال الإسرائيلي ولكن لايتم الجهاد هناك لتحريرهما، ولا حتى الإشارة لهما!!

أما في الجامعة العربية، فأصبح الدور القطري مقززاً بعد الاستيلاء على الأمانة العامة للجامعة ومن خلال فرض الرؤية القطرية لما يجب أن تكون عليه الأمور، وتذمر أعضاء الجامعة من الدول العربية، ورضوخهم للأمر الواقع لأنهم لايريدون أن يجابهوا التوجيهات الأمريكية التي تصل إلى الجامعة بلسان قطر ورئيس وزراءها حمد بن جاسم. ولعل الدور التخريبي الفاقع لقطر برز في القمة العربية الأخيرة التي استضافتها قطر في آذار الماضي، والتي لم تكن كأي قمة أخرى، وظهر التسلط القطري بشكل مستفزّ ومنفّر كثيراً.

مشكلة قطر أنها لاتملك مواصفات ولا مقومات الدولة القوية؛ لا من حيث المساحة الجغرافية ولا من حيث عدد السكان، (مقومات الدولة: الأرض والسكان وسلطة تمارس سيادتها عليهم). ويمكن أن يضاف إلى ذلك الحاجة القطرية للتاريخ المشرّف والحافل بالإنجازات والهوية المميزة والحضارة العريقة أو أي شيء أو إنجاز يعطي الدولة خصوصيتها. ولذلك تريد القيادة القطرية عبر "الأموال النفطية" التي تمتلكها أن تلعب دوراً إعلامياً وسياسياً يمكن القول أنها تشتريه أو تدفع ثمنه، وهو يتخطى حجمها وأهميتها وإمكاناتها كدولة صغيرة في هذا الإقليم، تهدد بأموالها الآخرين؛ إما أن يقبضوا ويرضخوا أو يُحاربوا ويُهزموا.

ويمكن تحديد المشكلة وتوصيفها بشكل أدق بأنها تكمن في ثنائي "الحمدين" (حمد بن خليفة، وحمد بن جاسم) الذي لايستند إلى أي قيم عربية أو تعاون عربي أو أساس أخلاقي للعمل العربي وللتعامل مع الدول العربية والشعوب العربية. ولعل فتاوى الشيخ يوسف القرضاوي الأخيرة في التكفير ودعوات الجهاد، هي بالتحديد ما يريده "الحَمَدَان"، وتعبّر عن توجهاتهما الفتنوية التخريبية التي تخدم المشروع الصهيوني بكل وضوح ودون شكوك.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هو إلى متى يستمر هذا الدور القطري الهدّام!؟ وللجواب نقول إنه لابد للدول العربية من وقفة جديدة والتخلص من الضغوط التي تمارس عليها والاقتداء بسورية التي أبت الرضوخ لكل حملات الضغوط العربية والإقليمية والدولية التي مورست عليها. ولابد أن يأتي اليوم الذي تُجبر فيه قطر على دفع تكاليف الإصلاح في الدول العربية كما دفعت ثمن الحروب فيها وثمن تدميرها وتخريبها.

قطر وصلت إلى خط النهاية وعملية السقوط بدأت تظهر ملامحها سواء في فشل مخططاتها ودورها ولاسيما في سورية، أو في الموقف الإيراني الأخير منها قبل يومين والتهديد الصريح بكسر يدها، أو في التصريحات الأخيرة للمسؤولين الروس بأنها جزء من المشاكل وليست جزءاً من الحلول. في السنوات الماضية دفعت قطر وموّلت ما تريد هي من مشاريع تدميرية وتهديمية وفتنوية، ومن الآن فصاعداً ستدفع قطر ما يجب أن تدفعه لإعادة بناء وإصلاح وإعمار ما خربته في السابق، والأمر ليس لقيادتها، بل لمن رفع شارة النصر!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.