تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

فشل الوكيل.. فتدخّل الأصيل!!

                                                                                                                                                                                            27/8/2013

منذ بداية الأزمة السورية كنا نقول إن الغرب لن يتدخل عسكرياً، لأنه أجبن من أن يفعل ذلك. والدليل أمرين: الأول، أن الغرب بقيادة أمريكا لم يتدخل في العراق إلا بعد أن ثبت لديه بكل الوسائل ومن خلال فرق التفتيش أن العراق لم يعد يمتلك أي قوة رادعة تخيفه، فتدخل الغرب لإظهار قوته، ومع ذلك خسر في النهاية وولّى الأمريكيون هاربين من المستنقع العراقي. الأمر الثاني، أن الغرب لم يتدخل في ليبيا لولا تسليم العقيد القذافي أسلحته الثقيلة عام 2003، لأنه بعد بدء الحرب على ليبيا عام 2011، كتب أحد الصحفيين الإسرائيليين أن القذافي خسر تلك المعركة منذ عام 2003 عندما سلّم أسلحته الثقيلة ليصالح الغرب مقابل ذلك.

ومنذ بداية الأزمة السورية، كانت القوة السورية العسكرية الضاربة، معروفة لدى الغرب، وهي ما جعلته يحجم عن التدخل العسكري المباشر في سورية حتى الآن. فما الذي تغيّر؟ لاشيء؛ الجيش العربي السوري لم يستخدم من أسلحته الضاربة أي شيء. وإذا كان الإعلام الغربي ومن لفّ لفيفه من العرب، يحاولون إضعاف معنوياتنا كسوريين بالتسريب عن الجيش العربي السوري، فبالتأكيد لن يصدقوا هم أنفسهم أكاذيبهم وإشاعاتهم، لاسيما وان الجيش ما زال يحقق تقدّمأ في معاركه وهذا التقدّم هو ما يخيفهم.

وعليه، استخدمت الولايات المتحدة حلفاءها الأغبياء واحداً بعد الآخر، أمير قطر ورئيس وزرائه الحمدين السابقين، رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، الرئيس المصري المعزول محمد مرسي... ثم سقطت هذه الأوراق جميعها واحدة تلو الأخرى. تصدّى بندر بن سلطان السعودي لتنفيذ المهمة القذرة بتخريب سورية، فأوشك ومجموعاته سريعاً على  الهلاك دون تحقيق أي انتصار. فماذا تفعل الولايات المتحدة في مواجهة الجيش العربي السوري الذي يتقدّم باستمرار، ولم يعد في أيديها أية أوراق لترميها على طاولة التفاوض؟! فكانت خدعة استخدام الكيماوي للتهديد بعمل عسكري ما ضد سورية.

بالتأكيد تدرك الولايات المتحدة مخاطر التدخل العسكري في سورية. وبالتأكيد تدرك أهداف عملية التحريض التي تمارسها إسرائيل وقادتها وأعوانهم في السعودية. لكن المسألة ليست بهذه البساطة، وأبعد ما تكون عن بضعة مليارات من الدولارات يدفعها بندر. الولايات المتحدة ليست جورج صبرا أو برهان غليون لتُشترى بهذا الرخص والثمن البخس، ولأن مصالح الولايات المتحدة في المنطقة والعالم ستكون في خطر!! فما العمل؟ ليس هناك من خيارات جديدة لم تكن قائمة قبل عام أو عامين!! أما كذبة الكيماوي فعفّنت ولم تعد تنطلي على أحد حتى الأطفال الصغار!! من هنا كان اتصال وزير الخارجية الأمريكي بوزير الخارجية السوري وليد المعلم؛ على المعلم تقديم شيء ما لإنقاذ ماء وجه أمريكا أما الرأي العام العالمي.

ماذا جرى في ذلك الاتصال؟ لم يقل لنا أحد أبداً ذلك، لكن مجرّد حصول الاتصال هو تطوّر يعكس الموقف الأمريكي المرتبك والمتراجع، والذي لو كان في القوة التي يتحدثون عنها، لما أضطر كيري للتنازل. التهديد ضد سورية يمارسه الأمريكيون منذ عامين عبر كل الوسائل المتاحة، إذن الأمريكي يطلب في اتصاله أمراً ويفاوض على ثمنه. التصريحات الأمريكية اللاحقة كشفت أن ذلك الأمر هو إيقاف تقدم الجيش العربي السوري في عمليته في ريف دمشق، لأنه لم يُبق للأمريكيين ما يواجهون به سورية على طاولة الحوار.

من هنا كان غبار الكيماوي وربما لاحقاً حديثٌ جديد عن ضربة أمريكية على منشآت سورية على غرار الضربة الإسرائيلية لقواعد في اللاذقية قبل شهرين، لا يحدد زمانها أو مكانها، لكن الحديث عن إنجازها يحلّ الكثير من المشاكل ويخفف الضغوط عن الإدارة الأمريكية.

أما إذا أخطأت الإدارة الأمريكية وصدّقت حلفاءها من العرب والأتراك وشنت حرباً عسكرية مباشرة أو عبر إطلاق صواريخ أو ضرب منشآت سورية، فإنها ستقع في ورطة ومصيبة كبيرة، لا يعلم إلا الله كيف ستنجو وتتخلّص منها. عندما قال الرئيس بشار الأسد قبل يومين لصحيفة أزفستيا الروسية إنه "إذا كان هناك من يحلم بأن سورية ستكون دمية غربية فهذا حلم لن يتحقق"، فهو لم يقل ذلك من باب الكلام الإعلامي، بل من منطلق القوة التي يستند إليها. ومن هنا، اعتبر أن أمريكا ستصطدم فيما لو فكرت بتدخل عسكري أو بشن حرب على سورية بما اصطدمت به بكل حروبها من فيتنام حتى الآن؛ أي بالفشل. القاعدة المنطقية تقول: ليس المهم أن تبدأ حرباً، المهم أن تكون قادراً على الانتصار فيها أو إنهاءها.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.