تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

السعودية والنفق المظلم!!

                                                                                                                                  26/9/2013

من الطبيعي أن يتبادر إلى ذهن أي مواطن عربي سؤال مهم عن نجاعة سياسة السعودية الداخلية والخارجية في ظل التغيرات الإقليمية والعالمية. السؤال يخطر في البال بسبب أهمية موقع السعودية عربياً وإسلامياً ودولياً، وبسبب أهمية المملكة للاقتصاد العربي والعالمي. ومع ذلك، فالسعودية تعتبر من أكثر البلدان في العالم انغلاقاً وتعصباً وانكفاء في مجتمعها وأسلوب حياتها ونمطها، رغم رحلات الحج السنوية إلى المملكة وما تفرزه من تلاق مع الآخرين، ورغم النفط والتعامل مع الغرب. والسعودية تكاد تكون البلد الوحيد في العالم الذي يقيّد نفسه بقيود عفى الزمن عليها ومضى، وبفتاوى متطرفة يبثها رجال الدين لديها وتعود في تفسيرها بالقرآن والسنة النبوية إلى عقلية ضيقة وفهم مغلوط.

وتمارس القيادة السعودية سياسة خارجية ضيقة لا تقل انكماشاً عن سياساتها الداخلية، ولا تملك أي أفق إستراتيجي ولا تقدّر حجم وأبعاد المتغيرات العالمية والإقليمية والعربية، حيث تسيطر فكرة "أنه بالمال يمكن شراء كل شيء" على العقل السعودي المرتجل للسياسة والذي يمارس رؤيته بناء على ردّات الفعل وليس على التخطيط الاستراتيجي المسبق. وهذا النمط من العمل يظهر جلياً في الدور السعودي الغبي والانتحاري الهدّام في الأزمة السورية؛ أياً تكن إمكانية وقدرة أي مدافع عن السياسات السعودية، فلا يستطيع أن يبرر القرار السعودي بالاشتراك في الحرب على سورية ضد الدولة السورية والشعب السوري إلى جانب الإرهابيين والمتطرفين، فيما العالم أجمع بدأ يبحث عن مخرج للخروج من هذا المأزق. وتكاد السعودية في هذه المرحلة تتبنى سياسة رجعية عكس التيار الدولي الذي تقوده دول العالم النافذة وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا وغيرهما من الدول الكبرى ولاسيما مجموعة دول البريكس والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.

ومشكلة السعودية أنها اتخذت خياراً خطيراً معتمدة على فكرة أن العدوان على سورية حاصل لا محالة وأن أصدقاء سورية الحقيقيين سيتخلون عنها، وأن سقوط الدولة السورية بات مؤكداً، ولم تترك مجالاً أو افتراضاً لاحتمال العودة عن مثل هذا الأمر، ولم تتعلم من العامين الفائتين أن هذا الأمر قد لا يحدث؛ تماماً كما فعلت حكومة رجب طيب أردوغان الحاقد في تركيا. وعندما انقلبت الأمور بطريقة جذرية ـ لأن السياسة مصالح وليست عواطف ـ بقيت القيادة السعودية تصفق وحيدة وتعزف نشازها على آلة الحرب والقتل والدمار. وهذا يحتّم في المرحلة المقبلة تغييراً في هذه القيادة وتحديداً الأشخاص المسؤولين عن الإساءة إلى سمعة السعودية ودورها ومكانتها في العلاقات الدولية وفي العلاقات العربية ولاسيما تجاه سورية، ولكن لا ندري إن كانت السعودية تستطيع أن تخرج من النفق المظلم الذي جرها إليه بعض قياداتها الحمقى. وسيكون لهذا التغيير إن حصل، وذلك مأمول ومرجّح، أثراً حتمياً على الأوضاع الداخلية السعودية لتعزيز حصول الانفتاح ومتابعته وتغيير الأوضاع السلبية القائمة والمميتة.

القيادة السعودية الحالية تتبع سياسة تشبه راكب البعير الذي يدخل حلبة المنافسة مع أحدث سيارات السابق. موضة القيادة السعودية أصبحت بالية والقيادة نفسها بالية وتالفة، وعفى عليها الزمن ويجب أن تتخلى عن تعسفها في الحكم وتفتح الباب للشعب السعودي الأصيل لينال حريته وليمارس دوره الفعال في بناء الحضارة وليلتقي مع الشعوب الأخرى بانفتاح وحرية، وهو ليس أقل شأناً من أحد.. وعلى القيادة السعودية أن تتوقف عن ممارسة دورها التخريبي في الإقليم والمنطقة وعن تمويل وتصدير الإرهابيين والتكفيريين، وأن تتوقف عن تبذير أموال "المملكة الخيّرة" في القتل والتدمير وإثارة الحروب والقلاقل بدل إنفاقها في الخير والبناء والإعمار ومساعدة الدول العربية والإسلامية المحتاجة.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.