تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الناجـون من عدرا العمالية: أن يدفن المرء حيـاً.. أهون من أن يرى إرهابياً ولو لدقيقة



                                               أن تسمع شيئا.. وأن ترى بأم عينك شيئاً آخر..فالسمع ليس كالمشاهدة

‏‏‏

أن يدفن المرء وهو حيّ أهون بكثير من أن يرى إرهابياً أو يقع تحت رحمته لبضع دقائق أوربما ثوانٍ فكيف إذا كان بأيام وليالٍ.‏

قطعان من غربان الموت يجوبون الشوارع.. وأصواتهم المنكرة لاتهدأ وهي تكبر باسم الله زوراً وكفراً، إيذاناً بالقتل وخضوع الناس الأبرياء إلى برنامج التعذيب الممنهج حسب المزاج والانتماء والهوية..‏

رأيناهم كيف يقطعون رؤوس الأبرياء بالمناشير والسواطير لأطفال ونساء ورجال.‏

رأينا بأم العين تقطيع وقص أصابع عدد من الشبان لأنهم كانوا يدخنون فهذا منكر بعرف شريعة الإرهاب وفتاوى التكفير.. وقس على ذلك الكثير من المحرمات المبتدعة، حيث أباح المجرمون كل المحظورات وفعلوا كل المنكرات ونهوا عن فعل كل معروف.‏

ماتقدم مجرد عينة صغيرة جداً لاتساوي واحداً بالمئة مما ارتكب على الأرض حيث مسرح الجريمة قالها الأهل والزملاء والأصدقاء وممن كتب لهم الخلاص والنجاة والوصول بأمان بعدأن قطعوا أكثرمن خمسة كيلو مترات حين قرروا الخروج بشكل جماعي من مدينة عدرا العمالية.. رغم ملاحقتهم برصاص الإرهابيين وتفتيشهم بحواجزهم المصطنعة ومضايقتهم وشتمهم وسبهم وإذلالهم، واختطاف العديد من الأشخاص والعوائل وعلى الهوية دون خجل من ضمير طفل أو ذرة حياء من أخلاق ووجوه كبارالسن.‏

لحظة من عمر الزمن‏

فكما قرر الخونة والمرتزقة والإرهابيون من داخل البلاد وخارجها في لحظة غدر من مساحة الزمن الدموي.. أن يقبضوا على أسوار مدينة عدرا العمالية الآمنةوالآهلة بالسكان من مختلف أنحاء سورية إذ أطبق الجحيم القادم بويلاته على مداخل منازل المدينة وغرف نومها وهدأة مشاعرها.. لِمَ لا ونفوس الإرهابيين محملة بأطنان الحقد والكفر، وأصابعهم الوحشية القاسية تنال من الرضيع قبل اليافع والفتاة والشباب قبل المرأة والشيخ المسن.‏

فهم يتباهون بإطلاق الآلاف المؤلفة من رصاصات الغدر والموت وملابسهم وجلابيبهم الغريبة المدججة بعيارات الأسلحة الثقيلة والخفيفة.. حاملة الذعر والرعب في نفوس الصغار والكبار طالما المجتمع يتمتع بروح المدنية الخالصة؟.‏

الخروج مهما كانت النتائج‏

وبعد أكثر من عشرين يوماً من ظلام الرعب قرر سكان مدينة عدرا العمالية الخروج جماعات بعد أن أخبر بعضهم بعضاً دون أي التفاتة أو خوف لتهديدات العصابات المسلحة التي تترصد كل حركة وتعيث فساداً أو موبقات في كل المداخل والشوارع والحارات والأسطحة.. ومع ذلك خرج الآلاف من نساء ورجال وشباب وأطفال ومرضى وعُجز ومسنين، وهؤلاء جميعهم فضّلوا كل أنواع الشقاء والخوف والرعب الذي قد يواجههم وهم في طريقهم للوصول إلى المناطق الآمنة رغم رداءة الطقس، على أن يبقوا ثانية واحدة في عهدة الفكر التكفيري وثقافة القتل المتأصلة عند جذر القاعدة وفروعها.‏

مجرد تساؤل!!‏

وهنا يتساءل الصحفي المتقاعد (ن.ع) وهو الذي يعاني من أعراض قلب كيف لهؤلاء الذين اقتحموا بيتي ومنازل جيراني أكثر من مرة أن يتواجدوا بيننا بهذه الطريقة الفظيعة ومعهم معلومات لوجستية وديموغرافية عن هوية كل من يقطن في هذه المدينة.‏

كيف لهؤلاء العملاء أن يسألوا أي شخص يصادفونه في الداخل والخارج من المدينة وبلكنة متعثرة توحي بغربتها عن نسيجنا (إلى أي أنت ذاهب ماذا تقول في صلاة الجنازة) ويتابع تساؤله: تخيلوا هذا الإرهابي القادم من أصقاع الأرض من السعودية والشيشان وأفغانستان وتونس والمغرب ولبنان والأردن وحتى داخل الحواضن السورية ليسألني أنا وغيري في داري ومنزلي ومدينتي إلى أين أنت ذاهب كماجرى معي حين قمت لأتناول كأس ماء من المطبخ حيث كان الإرهابي يحقق بأصلي وفصلي.‏

ألم ترسمها العيون..؟!‏

كما هو مؤلم أن ترى أيها السوري بأم العين كيف يفصلّون انتماءك الوطني وعليه يتم برنامج تعذيب وبأعلى درجاته.‏

كم هو مؤلم أن ترى أجساداً مشوية مفحمة لأربعة أطفال سوريين كانوا يعملون في الفرن فيما الرابع وهو شخص متوسط العمر تم رميه حياً في بيت النار؟.‏

كم هومؤلم أيها السوري أن تسمع صراخ النساء وترى الأطفال يجبرون على حمل السلاح أمام أعين ذويهم وأهليهم ومن يرفض من الأهل تقطع الرؤوس فوراً وتشوه الأجساد.‏

كيف لك أيها السوري أن تتحمل مشاهد قطع الأصابع لفتيان يدخنون سيكارة مرارة وضجر من هذه الحياة التي وصلنا إليها.‏

فكم وكم هو مجرم هذا العالم المترامي الأطراف الذي يتفرج على مأساتنا نحن السوريين بكل هذه البشاعة والمأساة ولايحرك ساكناً فيما عدو الداخل يتنفس بالعمالة والإرهاب مساعداً أعداء الوطن على النيل من أبناء الوطن.‏

الداء الحاقد!!‏

أشخاص آخرون كتب لهم عمر جديد كمايقولون وهم أصدقاء وزملاء مهنة يروون بشيء من الذهول وعدم التصديق لهذا الداء الحاقد الذي فرّغ قذارته وسمومه في ربوع السوريين.‏

لكن ماهدأ من روعنا هو تعاون سكان البناء الذي كنا نقطنه حيث نعيش تنوعاً طائفياً ومهنياً لامثيل له في مستوى الأخلاق الوطنية..‏

ومع اقتحام شبح الإرهاب مضاجعنا لم يكن يتميز أحد منا على الآخر وهذا كلام لانبالغ فيه، فالكل كان يؤثر سلامة الآخر على نفسه فكلنا مذهب سوري واحد.. النساء قمن بواجبهن على أكمل وجه وحمين الأطفال حسب الضرورة ومقتضيات الواجب والدين والأخلاق.‏

هذه أخلاقنا‏

وذكر أحدهم لي في اتصال هاتفي كيف كان البعض يغامر بنفسه وروحه وأهله ليأتي بعلبة دواء لمريض قلب خبأه في منزله كي لايعثرعليه من ينفذ شرعة الذبح والقتل على الهوية حسب المنطقة الجغرافية.. وهنا يذكر س. س كيف احتضنت جارته من محافظة أخرى زوجته وبناته لأكثر من عشرة أيام وهنّ بالحفظ والصون رغم كل مضايقات الإرهابيين بين الساعة والساعة لشكّهم في أمر ما.. فيما الأب بقي أكثر من 12 ساعة متسمراً في زاوية لمنور في أحد مداخل المدينة يراقب وينتظر ساعة الغفلة فهو لايملك سلاحاً ليدافع عن نفسه، وإنما يملك صبراً وأملاً وإيماناً بأن مدينته الصغيرة والكبيرة عدرا العمالية وسورية ستنتصر على الإرهاب طال الزمن أم قصر.‏

مفارقة‏

ومن باب المفارقة قال لي أحدهم.. عندما اعترضه أحد الإرهابيين وهو يسارع الخطا للنجاة من سطوتهم سأله عن مذهبه فقال له من المحافظة الفلانية رغم أن هويتي معه، فقال له ما الدليل على أنك من هذه المحافظة وتلك المدينة، فماكان من أحد الأشخاص وهو إرهابي سوري خائن دلال وعميل بجانب هذا المسلح الغريب الشكل والأطوار أن قال له لدي كمبيوتر بالسيارة وإذا عثرت على اسمك حسب استمارتك وقد غيرت في لون مذهبك للتخفي.. سأقطع رأسك.. فقال له هذا المواطن السوري منذ متى نحن في سورية نضع على الهوية دين هذا وذاك..‏

باستثناء اللهم إن كنت أنت خائناً حتى الثمالة وأنت ذاتك من أحصيت لون القاطنين في هذه المدينة وعددهم ونوع وظائفهم ومسقط رأسهم.‏

ولولا خيانتكم وحقارتكم جحودكم لبلدكم لما تمكن الغرباء من أن يستوقفونا في عقردارنا ويسألون عن ديننا وإن كنا نحب بلدنا أم عاقون له.‏

لكن سأقول لك باسم كل سوري مقهور ومظلوم ومهجرالله لايسامح كل معتدٍ أثيم وناكر وجاحد لخير الوطن.‏

                                                                                                                                                                  الله لايسامح كل شخص سوري آوى   واحتضن الإرهاب وساهم في دمار وتخريب بلده لقاء حفنة من مال قذر وفكر بعيد كل البعد عن تعاليم الحق والأخلاق.‏  

               غصون سليمان                                                                                                                                            

غصون سليمان

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.