تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

من علامات فشل المؤامرة على سورية انهيار "الجيش الحر"

وبعد مرور أقل من ثلاث سنوات انهار ما يسمى بـ "الجيش السوري الحر" إذ ثبت بالوجه القاطع أنه لم يكن حراً ولم يكن جيشاً يمكن الاعتماد عليه، وخاصة أنه عمل ضد رغبة وارادة ومصلحة سورية وشعبها وتاريخها وحضارتها.. كبار قادته فروا إلى الخارج، ولم تبق إلا مجموعات صغيرة منه، ناهيك أن القلة من عناصر هذا "الجيش" الذين كانوا مضللين تراجعوا عن موقفهم المضلل، وعادوا إلى رشدهم وسلموا أنفسهم للوطن الأم..

لماذا انهار هذا الجيش، وما هي العوامل التي ساهمت في ذلك، هناك أسئلة تطرح اليوم، وهذا التحليل يحاول بكل وضوح وجرأة الاجابة عليها.

 

تركيبة هذا "الجيش المنهار أضلاً"

لقد تمرد بعض الضباط المتقاعدين، وانشق آخرون عن الجيش نتيجة التضليل الاعلامي بأن "النظام" سيسقط خلال أسابيع، وأرادوا أن يحصلوا على مكاسب مستقبلية، فأجروا اتصالات مع المتآمرين مع سورية، وأقاموا هذا الجيش، الذي قبل في عضويته وتنظيماته كل سوري مهما كانت سوابقه وسلوكياته السيئة. فأصبح هذا "الجيش" مجموعات من عناصر كانت غالبيتها خارجة عن القانون، ولاقى هذا الجيش الدعم من تركيا وقطر في بداية التآمر على سورية. وقد انضمت الى الجيش مجموعات من الخارج بهدف تعزيزه.. وحصل على العتاد والمال، وبدأ يدمر سورية بدلاً من تحقيق الاصلاح ومحاربة الفساد، فأصبحت تركيبته "فاسدة"، ولكن الظروف ساعدت في ظهور هذا الجيش على الساحة الاعلامية أكثر بكثير من تواجده الحقيقي على أرض الواقع.

وبعد أن فشل هذا الجيش في مهامه التآمرية، وبعد أن انضمت اليه فئات ومجموعات متطرفة، وبعد أن أفسح المجال لدخول "جهاديين" و"مسلحين" من مختلف المناطق عبر الاراضي التركية. وحين بدأت هذه المجموعات من جبهة النصرة، الى داعش، في تعزيز وجودها على حساب هذا الجيش، وبدأت قطر بدعم القاعدة وداعش في سورية، في حين أن الدول الغربية كانت تمول وتدعم "الجيش الحر" أملاً في أن يحقق انجازاً ما على أرض الواقع. وعندما فشل في تحقيق المخططات بدأت قطر وتركيا بالتراجع عن وضع الثقة فيه.. وأصبحت مجموعات التطرف والتعصب والقتل تسيطر أكثر وأكثر على الميدان. وهذه المجموعات أيضاً فشلت في تحقيق أهداف المؤامرة، وتراجع الدور القطري لصالح الدور السعودي الذي شكل الجبهة الاسلامية من احداث تغير في ميزان القوى على أرض الواقع.. واختلفت المجموعات: الجبهة الاسلامية، جبهة النصرة، داعش، جبيش الاسلام.. وغيرها من الفرق وبدأت تتصارع وتتقاتل فيما بينها. وقامت الجبهة الاسلامية في السيطرة على ما كانت تسيطر عليه "قوات الجيش السوري الحر".

هنا أدرك قادة هذا الجيش أن مهامهم انتهت، وأن مصيرهم القتل، ولذلك بعضهم استقال وهرب، وبعضهم فر من ساحة "المعركة"، وبعضهم قتل، وبعضهم تم شله كما تم شل رياض الأسعد أحد قادة "الجيش الحر" البارزين لدى محاولة اغتياله.

وعندما وجدت العناصر في هذا "الجيش" انهيار الوضع، فهناك وحسب انتمائه الديني والفكري، ولائه أصلاً كان من خارج سورية انفصل لينضم الى المجموعات "الارهابية" المختلفة، أما العناصر المضللة فقد فرت وعادت الى حضن الوطن طالبة تسوية أمورهم وظروفهم مع الدولة السورية الشرعية.

 

عوامل أخرى ساهمت في الانهيار

لقد كانت الشعارات المرفوعة من وراء القتال ضد الدولة هو الحصول على الحرية والديمقراطية وتحقيق الاصلاح، ولكن مع مرور الوقت تبين أن ما يتم هو تدمير سورية وقتل ابنائها لصالح جهات معادية لسورية شعباً وقيادة. واتضح الأمر أكثر وأكثر عندما قامت المجموعات المسلحة الآتية من الخارج بارتكاب مجازر فظيعة من قتل وقطع رؤوس، وأكل قلوب! والتمثيل بالجثث والاعتداء على المساجد والكنائس وكبار رجال الدين المسيحي والمسلم، وبدأت عناصر هذا الجيش تشعر بأن أبناء الشعب يرفضونهم ولا يتعاونون معهم.. وان تلك المجموعات الآتية الى سورية من الخارج هدفها التدمير، وحتى ضرب أي سوري ويشمل ذلك "الجيش الحر"، فقد بدأ هذا الجيش بالانهيار لأنه أساساً لم يكن وطنياً، ولم تكن لديه عقيدة، ولا مبادىء، بل كان مرتزقة من أجل تحقيق أجندات خارجية.

فكل ما جرى أدى إلى انهيار هذا الجيش الحر المنهار أصلاً، وهذا الانهيار وضع القوى العظمى المتآمرة على سورية في موقف حرج.. فهذا "الجيش الحر" فلّ من الساحة، وكانت المراهنة عليه.. وها هي هذه الدول المتآمرة في وضع صعب، إما التحالف مع الجبهة الاسلامية الموالية للسعودية وتزويدها بالسلاح والمال، وهذا يعني أنها كشرت عن أنيابها وفضحت تورطها وأهدافه، وإما ان نوقف الدعم لهذه التنظيمات "المسلحة" الارهابية، وتعود لتضع يدها مع الدولة السورية بعد تقديم الاعتذار لضرب الارهاب المتواجد في سورية، ليس خدمة لسورية فحسب بل خدمة لهم إذ أن هؤلاء المسلحين إن طردوا من سورية، فإنهم سيعودون الى البلاد التي أتوا منها، ومن هذه الدول اوروبية أيضاً، وهذا سيشكل عبئاً أمنياً كبيراً فلا بدَّ من القضاء عليهم قبل أن ينتقلوا الى أماكن أخرى.

انهيار "الجيش الحر" إحدى علامات فشل المؤامرة الكونية على سورية، والأيام القادمة ستكشف المزيد من علامات الفشل للمتآمرين، وتكشف عن أن ساعة اعلان الانتصار على الارهاب آتية لا محالة.

جاك خزمو

                                                             المحرر ورئيس تحرير مجلة البيادر / القدس المحتلة

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.