تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هو واجب وليس مِنّة أو تَحنناً


رئيس تحريرمجلة البيادر المقدسية: جاك خزمو

 

 

يرفض ابناء القدس العربية المحتلة الاستجداء والتوسل والتسول، فهم لا يطلبون من أحد أن يعطف عليهم، ولا يريدون أن يكونوا عبئاً على الآخرين، بل هم يطالبون أن يكون القادة العرب عند مسؤولياتهم عندما يتحدثون عن "القدس"، ويؤكدون "عروبتها".. وان يلتزموا بما قطعوا لدعمها من وعود، وأعلنوا من التزامات تجاهها.. لا نريد أن تكون هذه الوعود مجرد "جرع" تحذيرية للضحك على شعوبهم قبل محاولة الضحك على شعبنا الفلسطيني المرابط في القدس. ولا نريد أن تكون "القدس" مجرد شعار لتحقيق مصالح ذاتية لهؤلاء القادة والمسؤولين.

ويجب أن يعرف قادتنا والمسؤولون في وطننا العربي، وخاصة الجزء الخليجي منه، أن أبناء القدس لن يتنازلوا عن عروبتهم، ولا عن انتمائهم للوطن العربي، وهم فخورون بالعروبة، وفخورون بأنهم عرب أقحاح، وهذا هو سبب انتقادهم لقادة مفروض منهم أن يكونوا عرباً. فالمقدسيون لا يعاتبون الاوروبي ولا الاميركي ولا الروسي.. لأنهم مقصرون تجاه القدس وقضيتهم، بل هم يعاتبون أبناء جلدتهم، وأبناء عمومتهم، وقادة ومسؤولي وطن عربي ينتمون اليه، ويعتبرونه عمقهم الاستراتيجي، وظهرهم في الصمود والتصدي للاحتلال، وفي الحفاظ على عروبة القدس، والدفاع عن مقدساتها الطاهرة الغالية سواء أكانت اسلامية أو مسيحية!

سمعنا مؤخراً عن توجه وفود "مقدسية" الى بعض أقطارنا العربية، وخاصة الخليجية، للحصول على دعم لمشاريع صمود القدس.. وارسال وفود إلى هذه الأقطار ليس بالأمر السيء وليس بالأمر الاستجدائي، بل يأتي من باب الحرص على الانتماء العروبي، ولكننا نشعر بأن توجه مثل هذه الوفود وباستمرار يسيء إلى أبناء القدس ويعطي الانطباع السيء عنهم.. ويجب القول وبكل شجاعة، وصراحة، ووضوح، أن بعض الوفود تقول أنها تمثل "القدس"، وذهبت بالنيابة عن القدس، ولم يعرف أبناء القدس عن هذا الوفد أو ذاك إلا عبر وسائل الاعلام، حتى أن أبناء القدس لا يعرفون ماذا حقق هذا الوفد أو ذاك من انجازات. وهناك ملاحظة مهمة لا بدّ من طرحها وهي أن نفس الشخصيات تشارك في وفود عدة، وهل خلت القدس من شخصيات ورجال حتى يتحدث أو ينوب عنها ويمثلهم مجموعة من الشخصيات ومع احترامنا الكبير لاداء كل واحد منهم، وخاصة أن كل واحد منهم عضو في أكثر من عشر جمعيات ومؤسسات مقدسية على الأقل!

ولا بدّ من الاشارة إلى أن الموضوع المطروح لدعم القدس هو إقامة مشاريع اسكان لتأمين المسكن لأبناء القدس، ولكن هذا الموضوع ليس هو الأساس، فهل الموضوع الوحيد الذي يعزز صمود القدس وأبنائها هو "مشاريع اسكان"؟ أظن ان الاجابة عليه تقول لا والف لا.. لأنه لو تم توفير مائة مليون دولار لاقامة عشرات مشاريع الاسكان. فمتى يتم تنفيذ اقامة مثل هذه المشاريع، السنا بحاجة الى "ترخيص" وللاسف من البلدية الاسرائيلية في القدس، واستصدار رخصة لمشروع اسكان قد يحتاج على الأقل خمس سنوات أن لم يكن أكثر من ذلك بكثير.. ولو وفرنا "السكن" للمواطن المقدسي، هل هذا سيعزز وجوده، أليس هو بحاجة إلى الوظيفة أو العمل كي يوفر قوت يومه، أليس هو بحاجة إلى مشاريع "توظيف"، أليس هو بحاجة إلى مال كي يعيش ويوفر مستلزمات عائلته من تعليم وصحة.. الخ. إضافة إلى تسديد كمٍ كبير من الضرائب الاحتلالية المفروضة عليه!

ومن هنا يمكن القول أن القدس ليست بحاجة إلى مشاريع اسكان فقط، بل إلى رزمة من المشاريع.. والى خطة استراتيجية شاملة لتوفير المسكن والمأكل والعيش الكريم من دون استجداء، ومن دون "تنبلة"، بل من خلال العمل حتى يأكل ويعيش ابنها من عرقه، وحتى يستطيع الاعتماد على نفسه. وهذه الخطة يجب أن تكون شاملة، تدعم المؤسسات وصمودها، لأن هذه المؤسسات توفر فرص عمل للمواطن المقدسي، ولأنها تبقى "الأشواك" في حلوق جميع من يريدون السيطرة على هذه المدينة.

وقبل كل هذه المشاريع المطلوبة لتأمين صمود القدس، لا بدّ من مطالبة أبناء القدس بضرورة التوحد والتعاضد والعمل معاً بيد واحدة للتصدي للظواهر السلبية المقرفة التي نواجهها في شوارع وأزقة المدينة، ومنها ظاهرة الادمان التي يشجعها بصورة غير مباشرة – وأحياناً مباشرة –أعداء المدينة، محتلوها، ولا بدّ من التخلص من الظواهر السلبية في الشجار على أتفه الأسباب.

أبناء القدس بحاجة إلى التعاضد فيما بينهم، فهم مستهدفون، ومن حقهم أن يضعوا جميع الذين شاركوا في وفود ذهبت الى الخارج للحديث عن القدس باسمهم في قفص المساءلة: ماذا حققتم من هذه الزيارات؟ وأين هي نتائجها على أرض الواقع؟

نشكر كل من يعمل من أجل القدس بكل شفافية، ونشكر من يقف الى جانب صمود أبنائها.. ولكننا نريد المزيد ولكن بصورة أكثر شفافية ووضوحاً.. حتى تكون كل الأمور واضحة للجميع، ولا تشوبها أي شائبة.. وما تم طرحه ما هو إلا القليل مما يجيش في صدر كل مقدسي من تساؤلات واستفسارات واستياء مما يعانيه، ولا أحد يقف إلى جانبه إلا ببعض الكلمات والبيانات..

القدس، بحاجة الى عمل جاد وصادق ومخلص، والى خطة شاملة مدروسة يتم تطبيقها بهدوء، ومن دون أية "ضجة" اعلامية حتى لا نعطي الطرف المحتل الفرصة للعمل على اجهاضها بشتى الوسائل والطرق القمعية، فهل من آذان صاغية؟

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.