تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رأي البلد: سورية: المعارضة والنظام!!

مصدر الصورة
SNS

                                                                                                                                       5/12/2013

 

درج استخدام كلمة "النظام السوري" منذ بدء الأزمة في سورية، بدلاً من "الدولة السورية" لتحجيم المفهوم وبالتالي العمل على شيطنته، بعيداً عن أي خطر أو وعي شعبي قد يوحي استخدام مفهوم الدولة به. ولذلك، عندما بدأ الحديث عن إسقاط النظام، فهو يعني بالمعنى العملي إسقاط الدولة السورية بكل معناها ومفهومها وسيادتها ورموزها، ومع ذلك سأستخدم هذا المصطلح للتفريق بين المعارضة والنظام في سورية.

المعروف أنه في البلدان المتقدمة التي تَعتبر الديمقراطية أساس الأنظمة القائمة فيها، فإن المعارضة تعني معارضة الحكومة القائمة ومنهجها وسياساتها. وهذا يعني أن المعارضة التي تمارس هذا النقد بطريقة ديمقراطية وحضارية وسلمية، يكون لديها البديل الأفضل لعرضه وتقديمه إلى المواطنين وإقناعهم به ؛ في السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة والعسكرة....الخ، وتنتظر أول انتخابات لتفوز بها عبر صناديق الاقتراع، كما في بريطانيا مثلاً، فماذا لدينا في سورية؟!!

الحقيقة أن ما قدمته المعارضة السورية حتى الآن يندى له الجبين. وإذا كنا نعتبر المعارضة الوطنية الصحيحة هي الوجه الآخر للنظام في أي بلد حضاري متقدم، فإنه لا يمكننا أن نطلق هذه الصفة على المعارضة السورية بكلّ أطيافها، باستثناء وجوه قليلة جداً، ترفّعت عن سلوك الآخرين وممارساتهم؛ فالمعارضة السورية بغالبيتها عملت على نسف الواقع القائم بالكامل وبوسائل غير ديمقراطية، وتعاونت مع أعداء سورية وخصومها لتحقيق ذلك، وكان لها تصريحات وتصرفات وممارسات لا تخدم بناء الدولة ومفهومها واستقرارها وتطورها ونموّها. والأهم أن ما قدمته وأنتجته المعارضة بشكل عام، حتى الآن ــ كي لا ندخل في تفاصيل سيئاتها وسلوكها وممارساتها ــ أسوأ بكثير مما تنتقده هي ذاتها  في النظام القائم.

لكن الأسوأ منه هو تغطيتها للتدخل الخارجي في شؤون الدولة السورية بسبب غبائها، أو بشكل مقصود أو متعمد لتحقيق أهدافها في المال والسلطة، ولو على جثة البلد. وهذا التدخل أوصل إلى إدخال السلاح والمسلحين وقتل آلاف السوريين. والواقع أنَّ ما كشفته أغلب أنماط المعارضة السورية لا يستحق الإحترام، بل ويستدعي الخوف والقلق الحقيقي على مستقبل سورية فيما لو وصلت هذه المعارضة إلى الحكم؛ بدءا من سفاحي جبهة النصرة والدولة الإسلامية إلى متعددي الألوان والوجوه، إلى المنتفعين من النظام والمعارضة الذي انشقوا عن النظام بعد مضي أربعين عاماً على وجودهم فيه، أكلوا ونهبوا ومارسوا السلطة باسمه، وهم معروفون، ثم قاموا ليركبوا موجة المعارضة. والنتيجة أن المعارضة السورية لم تقدّم نموذجاً واحداً يستحق الاحترام ولم تقدّم شخصاً واحداً يمكن تخيله قائداً وطنياً يُعتمد عليه، ويمكن أن يساهم في تحقيق طموحات الشعب السوري. وبالنتيجة، صحيح أن المعارضة رفعت شعار الديمقراطية، مثلاً، لكن ممارساتها اليومية كانت تثبت عكس ذلك.

بالمقابل، ورغم الحملة الدولية التي سعت لتفكيك سورية وتغيير موقعها في السياسات والعلاقات الدولية، فقد قام "النظام" ورغم الحرب الكونية عليه، بتقديم مبادرات جدّية ومسؤولة في بناء الدولة؛ مثل قانون الأحزاب وقانون الإعلام وتغيير الدستور، وغيرها الكثير، بما يتخطى كل ما كانت المعارضة نفسها تتحدث عنه. والأهم أن "النظام" أكد وعلى لسان كل المعنيين فيه على "مسألتي الحوار والحل السياسي" وأن الحل العسكري لن يحل المشكلة ولا يجدي نفعاً. وهاتين المسألتين هما أساس العمل الديمقراطي، وهما الشيء الذي ما تزال المعارضة ترفضه حتى الآن. وأكثر من ذلك، فقد تحدى النظام المعارضة باللجوء إلى فيصل صناديق الانتخابات لتجديد شرعيته الشعبية الواسعة التي تحاول المعارضة القفز فوقها متكأة على داعميها الخارجيين.

"النظام"، أو لنعد للقول الحكومة السورية، أو الدولة السورية والقيادة السورية المسؤولة، ما تزال تمارس مهامها وصلاحياتها وتقوم بواجباتها تجاه مواطنيها وأصدقائها، ولم تتخلَ عن مسؤولياتها الداخلية والخارجية، وهي بذلك كسبت احترام الأعداء قبل الأصدقاء. وعاد الجميع يتحدث عن الأخطاء التي ارتكبت بحق سورية والدولة السورية، ولم يبق غير رهط من العرب الفاسدين الذين يمولون القتال في سورية واستقدام السلاح والمسلحين والإرهابيين، لأنهم يدركون أنه بمجرد انتهاء هذه الحرب سيسقطون.

لابد وأن الحرب على سورية كلفت الكثير، والخسائر البشرية والمعنوية والمادية أكبر من تحصى. ولكن هذه الحرب كان لها ميّزات مهمة؛ أنها كشفت الجميع على حقيقتهم: أعداء سورية وهشاشتهم وهزالهم ودونيتهم، والمعارضة السورية التي التحقت بهم؛ أصدقاء سورية وصدق مواقفهم، وقوة الدولة السورية وثباتها ـ أبعد آلاف المرات ـ مما كانوا يتخيلون ويتوقعون. لكن الأهم  أن الحرب كشفت أهمية موقع سورية وأن هناك سوريون حقيقيون يدافعون عن بلادهم بالمال والدم، بل بالروح والدم والمال.. وقد صدَقوا وأثبتوا بالممارسة ما كانوا يرددونه دائماً.. ومع رجال ونساء مثل هؤلاء فإنه لا خوف على تعافي سورية قريباً!!

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.