تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قراءة هادئة في تصريحات المسؤول العماني يوسف بن علوي!!

مصدر الصورة
SNS

                                                                                             8/12/2013

أعلن الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان يوسف بن علوي، في منتدى حوار المنامة للأمن الاقليمي في المنامة، أمس، أن السلطنة تعارض مشروع إقامة اتحاد بين دول مجلس التعاون الخليجي. ولم يكتف الوزير العماني بذلك، بل أشهر تحفظات ولاءات كثيرة ومهمة تشي بما يجري وسيجري ولاسيما في الخليج، وبالتالي في المنطقة؛ الوزير العماني رفض تشكيل قوات درع الجزيرة، باعتبار أن المنطقة ليست بحالة حرب؛ بن علوي أكد أن عُمان لن تنضم الى العملة الخليجية الموحدة؛ وأعرب عن استعداد عُمان «للانسحاب من مجلس التعاون الخليجي»؛ لكن الأهم فعلاً، هو ردّ بن علوي حول ما إذا كانت تصريحاته هذه قد تؤدي الى خلاف مع السعودية التي طرحت فكرة إقامة الاتحاد بين دول الخليج العربية: "موقفنا صريح"، يعني: "يصطفلوا" أو لا يهم!

أكثر من ذلك، فقد لفت بن علوي إلى أن الاتحاد الجديد سيضم أربعة دول أو خمسة أو ثلاثة، وليس ست دول. أي أن موقف السلطنة ليس وحيداً وليس خارج السياق أو أنه غير منسّق مع بقية دول مجلس التعاون. وقبل عُمان، من الواضح أن هناك خلافاً قطرياً سعودياً حول السياسات الخارجية للبلدين والأولويات والمصالح، فماذا عن الكويت أو الإمارات العربية المتحدة؟!

صحيفة الحياة اللندنية(8/12/2013) التي تلهج بالسياسة السعودية، أكدت رفض بن علوي شرح خلفية الرفض العُماني القاطع لفكرة الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز الداعي إلى استبدال مجلس التعاون بالاتحاد، وأكدت أنه وبعد الإلحاح على أن يشرح السبب وراء المعارضة القاطعة من قبل مسقط للاتحاد قال: «أنا ضده لأن الله خلقني ضده... لأن الله خلقنا هكذا... نحن لسنا جزءاً من الاتحاد... هذا ليس مطلبنا... هم الذين بدأوا». والسؤال الذي لم تجب الصحيفة عنه: ماذا بدأوا، ولماذا بدأوا ؟؟ الجواب قد يكون في البحث في أسباب الرفض العُماني للاتحاد مع السعودية:

أولاً، عُمان تنتهج سياسة شبه مستقلة هادئة لا تقوم على ردّات الفعل، بعكس السعودية. فالعمانيون، وكما تبيّن، ينسقون منذ أكثر من خمس سنوات مع الأمريكيين والإيرانيين، وبهدوء وبعيداً عن الأضواء، حتى وصلوا إلى الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الست(5+1)، وهذا يعني أن العمانيين يفضّلون العمل السياسي والتعاون مع دول الجوار، ومنهم وأهمّهم إيران. وفعلاً، فقد حافظت عُمان على علاقات مستقلة وسياسة خاصة بها تجاه إيران بعيداً عن الحملة التي تقودها الرياض على طهران منذ عدة سنوات.

وهذه النزعة للاستقلال تتعارض كلياً مع "الطروحات الاتحادية" السعودية التي ستكون في مرحلة لاحقة "وسيلة" لسيطرة الأخ الأكبر على سياسة ومواقف الأشقاء الأصغر بما لا يريد هؤلاء ولا ينسجم مع تطلعاتهم، لاسيما وأن الخليجيين عموماً، وليس العمانيون فحسب، يتبرمون من المواقف والسياسات السعودية التي يرون أنها تورطهم في خلافات وربما حروب هم لا يريدونها. ومن يدقق في كلام الوزير العماني  أعلاه، يقرأ في أسباب الرفض العماني للاتحاد السعودي المطروح؛ أن هؤلاء لا يريدون أن يكونوا بيادق تحركهم السعودية كيفما تشاء ووقت تشاء وضد أو مع من تشاء. أما الهدوء العماني، فيبرره معرفتهم ببواطن الأمور والتحول الأمريكي الذي يجري برعايتهم، بعكس الهبل السعودي!!

ثانياً، الموقف من إيران: لا شك في أنّ عُمان، التي كان سلطانها أول من زار الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني، وربما حتى قبل تهنئة الرئيس السوري بشار الأسد الذي يعتبر الحليف الأول لإيران، له دلالاته الكبيرة التي، ربما لم تنظر إليها السعودية ولم ولن تقرأها أو تفهمها. فالقيادة السعودية تعتبر أن إيران عدوها الأول، وهي تخوض حرباً إعلامية ودبلوماسية وسياسية ومالية... مفتوحة تتلاقى فيها مع إسرائيل، ضد إيران، فيما السلطنة تقيم علاقات صداقة مع الدولة القوية على الضفة الشرقية للخليج العربي. وهذا التعارض أعلنه وأكده بن علوي بالقول «إذا كانت هناك أية ترتيبات أخرى أو جديدة لدول الخليج نتيجة الصراعات الموجودة أو المستقبلية، فنحن لسنا طرفاً فيها ولن نكون طرفاً فيها... ينبغي علينا أن ننأى عن الصراعات الإقليمية والدولية... لسنا ذاهبين في الصراعات على الإطلاق لا شرقاً ولا غرباً». فالمسؤول العُماني أكد أن بلاده لن تكون طرفاً في حماقات يرتكبها الآخرون الآن أو قد يقدمون عليها؛ حماقات ثبت وسيثبت فشلها  وارتداد نتائجها السلبية عليهم، كما يفعل ويسيء القادة السعوديون مع كل دول الجوار. وهذه القراءة العمانية الواقعية للمعطيات والوقائع لا يمكن أن تتلاقى أو تقبل السير خلف سياسة الانتحار والفوضى التي ما تزال السعودية تواصل تعميمها.

ولعل الوزير العماني يلخّص التعارض مع السعي السعودي نحو الحرب والخراب والدمار في المنطقة عندما أجاب وباقتضاب عن سبب استضافة عُمان مفاوضات أميركية - إيرانية سرية بقوله: «ولماذا؟ هل تريدون الحرب؟».

والتعارض بين الموقفين العماني والسعودي من إيران، يمكن تعميمه على مواقف دول الخليج الأخرى تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية؛ في اليمن والعراق والبحرين ومصر ولبنان وسورية، وحتى مجلس الأمن. فقد رفض بن علوي الحديث عن دور إيران المباشر في سورية وإن كان يمثل تدخلاً عسكرياً، وقال: «لن أجيب لأن السؤال غلط»(الحياة 8/12/2013). المسؤول العماني يعرفُ حقيقة ما يجري في سورية وحقيقة التدخل السعودي وإرسال الأموال والمسلحين والإرهابيين السعوديين وغيرهم إلى سورية، ويعرف عواقب ذلك. وربما يقول بن علوي في خَلَده: إذا كانت السعودية ـ إلى هذا الحدّ مهتمة بالديمقراطية وحقوق الإنسان ـ فعلى جحا أن يعمّر بيته أولاً. فالعمانيون يعرفون التخلف الذي تسببه السياسة السعودية القمعية الرجعية المتحجّرة، وأنَّ ما بلغته سورية من تطور وتقدّم، تحتاج السعودية لعقود لتصل إليه.

ثالثاً، فشل تجرية مجلس التعاون الخليجي. الوزير العماني تحدث عن فشل المجلس في بناء منظومة اقتصادية حقيقية لأنه لم يتمكن من الاتفاق على أهم مرتكزات مجلس التعاون، أي "الإطار الاقتصادي"، والسبب "أننا كنا دائماً نترك الأمر للمستقبل.. وعندما تتسارع الأحداث نبدأ في بحث أنواع وأنماط العمل المشترك". إذن لا تشجع تجربة "المجلس"، العمانيين ولا الخليجيين الآخرين على التقدم نحو الطرح السعودي بالاتحاد «نحن لسنا مع الاتحاد إطلاقاً...ولا يبدو أن هناك رغبة من الآخرين». وكلام بن علوي يبيّن سياسة الارتجال التي تعمل وفقها السعودية حتى داخل المجموعة الخليجية؛ فلسان حاله يقول: أنتم تؤجلون كل شيء، ولا تهتمون بالعمل والتطوير والبناء، وتتحركون فقط عندما تكونون في مأزق، وما ذنبنا نحن في ذلك، لنستمر في تبني مواقف وخوض حروب لا ناقة لنا  فيها ولا جمل ، ولا تجلب لنا سوى الويلات والعداوات والخسائر في الأرواح والاقتصاد وتدمير البنى التحتية والاختلاف مع الجيران والأبعدين؟!!

ماذا بقي على الطلاق العماني السعودي، أو ربما انهيار مجلس التعاون الخليجي بأكمله؟! القمة الخليجية قريبة وعلى الأبواب، وإنّ غداً لناظره قريب!!

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.