تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رأي البلد:السعودية وحلم الدور الإقليمي؟!!

مصدر الصورة
SNS

                                                                                                                                     16/12/2013

إن المتابع لكتابات وتصريحات الكتاب والمسؤولين السعوديين يستطيع أن يلاحظ بسهولة الأحلام والآمال التي يعيشها هؤلاء والمتناقضة مع الواقع الحقيقي للملكة. لا أحد ينكر دور السعودية بسبب الموقع الإسلامي ووجود الأماكن الإسلامية المقدسة على أراضيها، وبسبب وجود النفط بكميات كبيرة لديها، مما يوفر السيولة المالية ويجعل ميزانها التجاري رابحاً، وسمح لها بلعب أدوار أكبر من حجمها بمساعدة الحليف الأمريكي  وعلى مدى عدة عقود. ولكن السؤال الجوهري هو كيف استثمرت المملكة هذه المزايا وكيف تعاملت مع وضعها الجيوسياسي في المنطقة؟!

أولاً، المكانية الإسلامية. لم تحاول المملكة السعودية لعب أي دور في تطوير العالم الإسلامي أو التقارب بين الطوائف الإسلامية المختلفة. ونقصد بالتطوير، التطوير الفكري وبناء الأخلاق وتعزيز القيم  الإسلامية النبيلة السمحة، وليس الفكر المتطرف المرتبط بالإجرام والقتل وإلغاء الآخر. بل، لم تعمل السعودية على تحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي والحضاري لا في المملكة ولا في الدول الإسلامية متجاهلة أحقية هذا الفرض. أما بشأن التقارب الإسلامي، فإن الصحف والقنوات الفضائية التلفزيونية والمواقع الإلكترونية التي تمولها السعودية شاهد ليس على التقصير السعودي في تعزيز التلاحم والتقارب الإسلامي، وإنما في تثبيت الفرقة والاختلاف وبث الحقد الطائفي والديني والتشرذم بين طوائف المسلمين.

ثانياً، أموال البترودولار. تعتبر المملكة السعودية من أغنى الدول في العالم قاطبة إن لم تكن أغناها. ولكن هذا الغنى والثراء لا يصرف في تطوير المملكة وبنيتها التحتية والأهم في تطوير الإنسان السعودي العادي ولا ينعكس على حياته، هذا من جانب. ومن الجانب الأخر، فإن الأموال السعودية لا تستخدم في تطوير الدول الإسلامية أو المجتمعات الإسلامية، بل على العكس فإن هذه الأموال تستخدمها سلطات المملكة في تخريب البلدان الإسلامية ولاسيما المجاورة منها. وإذا ضربنا مثلاً، فإنا نتساءل؛ رغم كل البكاء والعويل السعودي على الشعب السوري، ماذا فعلت السعودية لمساعدة اللاجئين السوريين في الأردن أو لبنان غير إرسال "زعرانها" لمهاجمة واستغلال النساء السوريات؟!! ولتنذكر بالمقابل، الأموال التي قدمتها السعودية والأمراء السعوديين للمنكوبين في أمريكا(إعصار كاترينا) أو غيرها!!

ثالثاً، وكما أساءت القيادة السعودية استخدام الأموال والمركز الديني، فقد أساءت استخدام علاقاتها بالولايات المتحدة، لترهيب الآخرين وابتزازهم وتنفيذ المخططات الغربية على مدار العقود الماضية من خلال عصابات مأجورة أو جماعات تكفيرية لم يعد أحد قادر على تغطية جرائمها أو الدفاع عنها وعنهم. وعليه، فإن المملكة لم تتعلم لا من تجربتها ولا من تجارب الآخرين. والسؤال ألم يكن بإمكان المملكة السعودية أن تكون أكثر فاعلية وتطوراً وأحسن جواراً لو انتهجت سياسة أخرى مختلفة؟!

كان بمقدور المملكة أن تكون دولة إقليمية مهمة ويحسب لها ألف حساب لو عملت على تطوير قدراتها الذاتية الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والعسكرية، وعلى بناء وتجسير علاقات مستقرة مع المحيط لا تقوم على الابتزاز والتضييق، بل على التعاون والمساعدة والمحبة. والأهم أنه كان بإمكان السعودية أن تعمل على بناء الإنسان السعودي والعربي والإسلامي ليكون قدوة للآخرين ورصيداً لها في الدفاع عنها، لا أن تشوّه صورة الإنسان المسلم من خلال تغذية التطرف والعنف وممارسة الإرهاب. لقد كشف اهتزاز العلاقات مع واشنطن عورات القيادة السعودية وإرباكها وقصورها وسلبية دورها وحدوده، ومدى هزالة قوة المملكة، وهذا، وما سبق، لايمكن أبداً أن يكون من مواصفات دولة إقليمية تحاول أن تكون "قوة إقليمية" Regional Power يحسب لها الحساب.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.