تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الهروب إلى القضية الفلسطينية؟!


10/5/2014                                


قلّبْ في العديد من الصحف العربية، ولاسيما الخليجية منها، عدّة أسابيع، فلن تجد فيها أي خبر عن القضية الفلسطينية. ثم فجأة وبقدرة قادر، تجد أنّ هذه القضية أصبحت الشغل الشاغل لافتتاحيات هذه الصحف وتحليلاتها وزواياها وأعمدتها، وأصبحت أخبارها تغطي مساحات واسعة جداً. وتسأل؛ هل من حدث مهمّ على الساحة الفلسطينية؟! لا الأمر ليس كذلك. هل استفاقت الحميّة العربية فجأة وأنت في غفلة أو قيلولة قصيرة، وهي النائمة منذ عقود؟! وتدرك أيضاً أنّ ذلك لم يحدث، فلو "كانت تريد أن تمطر لكانت غيّمت"، كما يقول المثل الشامي.

ما يحدث عادة أو ما قد يفسّر الهجوم المفاجئ من الصحافة العربية ـ باستثناء السورية وبعض اللبنانية منها ـ لتغطية القضية الفلسطينية، يندرج في أمرين مهمين: أولاً، وجود قضية مفصلية ـ قِطرية محلية أو عربية ـ على الصحافة العربية تغطيتها وهي لا تستطيع أو لا تريد ذلك، فتجد في القضية الفلسطينية ملجأ أو مهرباً للخروج من المأزق. ثانياً، أن تكون هذه الصحافة في حاجة لتبديل اتجاهها أو تغطيتها الصحفية لموضوع معيّن، أو للقيام باستدارة معينة، وهي تحتاج إلى وقت لتتمكن من تبرير هذه الاستدارة أو إخفاءها أو التعمية عليها، فتجد في القضية الفلسطينية مخرجاً مشرّفاً لتغطية هذا الالتفاف والتحوّل.

أما إذا ما بحثنا في طريقة وكيفية هذه التغطيات الآنية، أو الوقتية، أو المرحلية، فنجد تيارات مختلفة؛ التيار الأول، ويبرز في معظم الصحف السعودية ويرى عبثية الحرب الفلسطينية مع إسرائيل لأن الأخيرة منتصرة ولا قدرة للعرب جميعاً على مواجهتها، فكيف بالفلسطينيين وحدهم، وقد غرق العرب من خلفهم في خلافاتهم ومشاكلهم وسوء أوضاعهم. أما التيار الثاني، فيحمّل الفلسطينيين المسؤولية الأولى عن فقدان قضيتهم الأم الاهتمام بها بسبب خلافاتهم المستحكمة وتركيزهم على اهتماماتهم ومصالحهم الفردية على حساب الأرض والوطن المحتل، وإن ركّز أيضاً على الضغوط الغربية بشكل عام والأمريكية والإسرائيلية بشكل خاص، والأمثلة عليه كثيرة ولا سيما في الخليج العربي. ويقدّم التيار الثالث والمستمر في الصحف السورية ومعظم اللبنانية الخبر الفلسطيني بشكل إستراتيجي ومتواصل ويدافع عن القضية الفلسطينية كقضية إستراتيجية ويعتبرها لبّ الصراع في المنطقة وسبب كلّ مشاكلها.

وهناك تيار آخر، يعتبر التطبيع مع العدو وجهة نظر وليس خيانة، بل ويدعو إليه سراً وعلناً، وهذا التيار له صحافته، التي تسعى للنفخ فيما يقوله ويفعله هؤلاء وإبراز توجهات المطبّعين ومناهجهم. ولعلّ أهمّ قياديي هذا التيار هم الذين يقيمون في الغرب عموماً وفي الولايات المتحدة خصوصاً، ولهم اتصالاتهم مع "اليهود" الذين يحملون جنسيات غير الجنسية الإسرائيلية، وحتى مع الإسرائيليين انفسهم. ومن هؤلاء لبنانيين وسعوديين ومصريين وقطريين وتونسيين وحديثاً برز بينهم سوريون من "لقطاء " ما يسمى المعارضة الخارجية (ومنهم كمال اللبواني أو بعض أفراد العصابات المسلّحة)، ومنهم وهو الأهم؛ فلسطينيين يتاجرون بكل شيء.

القضية الفلسطينية قضية العرب جميعهم ليس حباً بها وليس لأنها شعاراً للتباهي أو سبباً للتباكي.. أو للهروب إليها عند الحاجة. القضية الفلسطينية قضية العرب لأن إسرائيل التي تحتل فلسطين ستستمر بالتسبب بخلق المشاكل لجميع العرب وتدمير بنيانهم وإضعاف اقتصاداتهم ومجتمعاتهم ومحاولة تسخيرهم لخدمتها.. وهذا ما يظهر ويحدث بشكل واضح الآن. ثمّ، هل لاحظ العرب وصحافتهم الهاربة مدى الفرح الإسرائيلي بالتصويب الذي يقومون به على القلعة السورية لمحاولة نسفها ونسف آخر الحصون في وجه التطبيع مع العدو؟!! سيدفع العرب الثمن غالياً، إذا استمروا في فقدان اتجاه البوصلة الصحيح، وعدم تصويب الاتجاه.. ولا يبدو أنّ أحداً يفكّر في ذلك.. للأسف!!

 

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.