تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل التقطت السعودية اللحظة التاريخية؟!

مصدر الصورة
SNS

                                                                                                                                     13/5/2014

لاشك بأن دعوة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل لنظيره الإيراني محمد جواد ظريف لزيارة المملكة العربية السعودية حدث بالغ الأهمية والدلالات. فهو مؤشر على تحوّل مهم في الموقف السعودي الذي ظلّ يعاند ويرفض اليد الإيرانية الممدودة لوقت طويل، لاسيما بعد القرارات السعودية الداخلية؛ إن كان بشأن انتقال السلطة وآلية الحكم، أو بشأن مكافحة الإرهاب ونتائجه الخطيرة على السعودية قبل غيرها، لاسيما وأنّ السعودية ومنذ هجمات الحادي عشر من أيلول في الولايات المتحدة، وهي في موقف الدفاع بسبب تصرفات مواطنيها ومشاركتهم في الأعمال الإرهابية على مستوى العالم، بل وضد المملكة نفسها.

ولعل السعودية التقطت اللحظة التاريخية الحاسمة قبل فوات الأوان وبدأت تغيير دفّة سفينتها لتحاول اللحاق بحلف المنتصرين. فالمشاكل تحيط بالمملكة من كل الجهات بسبب السياسات الخاطئة التي مارستها في السنوات الماضية والقائمة على تركيع الآخرين بناء على سطوة المال التي تملكها والدعم الأمريكي وغطرسة بندر بن سلطان وسعود الفيصل وغيرهما. أمَا وقد تراجع الدعم الأمريكي وسار في اتجاه آخر، وفشلت السياسات السعودية في كل من اليمن وقطر والعراق والخليج، والأهم في سورية، فإن الموقف السعودي أصبح أكثر حرجاً وبدا وكأنه يسبح عكس التيار الجارف في المنطقة والعالم.

فالأزمة السورية والدور السعودي التخريبي فيها، من تمويل وتسليح الإرهابيين إضافة إلى دعمهم إعلامياً وسياسياً، كشفت وعرّت السعودية إلى أبعد الحدود، لكن الأهم أنّ هذه سياسة الرياض فشلت فشلاً ذريعاً بعدما صمدت الدولة السورية وبدأت رياح النصر تهبّ على المعارك التي يخوضها الجيش العربي السوري والصمود الذي أبلته القيادة السورية والشعب السوري وهو ما خالف وتجاوز كل التوقعات والحسابات والرهانات الغبية الخاطئة. ومن الواضح أنّ سورية تسير نحو النصر الذي سيتوّج بالانتخابات الرئاسية في الثالث من حزيران القادم، أي هزيمة المشروع البندري السعودي التخريبي. وقراءة الانتصار السوري بدأت تنعكس على مواقف دول الجوار والخليج التي بدأت تعيد حساباتها، وقد برز ذلك في القمة العربية الأخيرة في الكويت في آذار الماضي: أين كانت المواقف العربية وأين أصبحت؟! وبالطبع، فالسعودية ليست بعيدة عن هذه الأجواء، لاسيما وأنها بدت وكأنها تغرّد خارج السرب وخارج الواقع والسياق. ذلك، يجب وضعه في السياق الإقليمي والدولي من موسكو إلى الضاحية الجنوبية لبيروت مروراً بطهران بغداد ودمشق..!

الأمر الآخر، هو التحولات الدولية ولاسيما إعادة العلاقات الإيرانية ـ الغربية (أوروبا والولايات المتحدة). فمن الواضح أن هذه العلاقات تسير بأسرع مما توقع السعوديون الذين لا بد وأنهم يراقبون توافد المسؤولين الأوروبيين السياسيين والاقتصاديين لزيارة طهران وخطب ودّها والتحضير للمشاريع المستقبلية المشتركة المعلنة وغير المعلنة. وسائل الإعلام السعودي ومن يدور في فلكها تحمّل إيران مسؤولية كل البلاوي في المنطقة وتنزّه السعودية عن كلّ ذلك.. ولكن من يخدع هذا الإعلام؟! ليخدع من يخدع فذلك لم يعد مهماً بعد الآن، ولكنه لن يخدع السعوديين أنفسهم بأن موازين القوى في المنطقة لم تعد لمصلحتهم، ولن تكون كذلك في المستقبل المنظور، إذا ما أضفنا الانقسامات في البيت الخليجي.

وفي السياق الخليجي نجد أن الوضع السعودي ليس أفضل حالاً. فالسعودية على عداوة عميقة وعلنية وقوية مع إمارة قطر، والإعلام السعودي لا يقصّر في الهجوم على الدوحة وحكامها ومن يؤوون عندهم من امثال الداعية يوسف القرضاوي وغير ذلك من المشاكل بين الجانبين. أيضاً، قبل فترة ظهرت لا مبالاة عُمانية واضحة بالمواقف والرؤى والطروحات والسياسات السعودية سواء فيما يخصّ التعامل مع إيران أو فيما يخصّ البيت الخليجي نفسه؛ السياسة العمانية مستقلة ولا تتبع ولا تريد أن تتبع السياسة السعودية. هل يشك أيضاً أحد بالخلافات السعوديةـ  العراقية والجفاء القائم الذي لا يحتاج إلى بيان؟!

أما الأردن في الشمال، فيدرك أنّ تبنيه السياسات السعودية لن يجلب له الخير أبداً، وهو يعلم أهمية دمشق وطهران وموسكو، ولذلك لا ينفك الملك الأردني عبد الله الثاني بالتردد على موسكو وزيارتها ــ على الأقل ــ لإمساك العصا من منتصفها. وفيما يخص مصر، يمكن طرح السؤال البسيط والمهم، بعد سقوط الإخوان وخطّهم التركي ـ القطري، هل تكفي المبالغ التي تدفعها السعودية وتجبر الإمارات العربية المتحدة وتحرج الكويت للمشاركة في مساعدتها، هل تكفي هذه الأموال لإنقاذ مصر وشراء موقفها بما يمكن البناء والاعتماد عليه؟!

وإذا ما تذكرنا الإرهاب الذي يحيق بالمملكة والخلايا الإرهابية وفيروس كورونا وقضايا الفساد... الخ، التي تهدد المملكة، يمكن السؤال: على أي جنب مريح يمكن أن تنام المملكة وهي هانئة قريرة العين؟! مما لا شكّ فيه أنّ ما سبق، والجواب على هذا السؤال يفسّر الدعوة السعودية للوزير الإيراني لزيارة الرياض.. وربما للحج أيضاً من يدري... إنها السياسة؟!!

 

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.