تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مَن قال إن السعودية بعيدة عمّا يجري في العراق؟!


15/6/2014


طرفان خارجيان اثنان سعيدان بما يجري في العراق؛ الأول، إسرائيل التي تسعد بكل مكر ومكروه وأذى يحيق بالجيوش والبلدان العربية ولا سيما التي كانت أو يمكن أن تشكل تهديداً لأمنها في أي يوم من الأيام. والثاني، السعودية التي تمارس سياسة انتحارية في مواجهة دول الاقليم كلها.

وإذا كانت أسباب المواقف الإسرائيلية العدائية والعدوانية التي تنظر لكل تفدّم في أي بلد عربي بأنه خطر على وجودها معروفة ومفهومة، فإن ما هو غير مفهوم، هو تلك المواقف السعودية التي تموّل وترعى انتشار الإرهاب والإرهابيين في المنطقة وبماذا يخدم ذلك المصالح الوطنية السعودية. وفي الأيام الأخيرة، وبعد دخول تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) إلى العراق واستباحته المدن العراقية، لم يصدر عن المسؤولين السعوديين أي تصريح أو موقف باستثناء تصريحات تركي الفيصل التي لا تلزم الحكومة السعودية. لكن، كما يقول المثل؛ "خذ أخبارهم من صغارهم". وصغارهم هنا، تعني وسائل الإعلام السعودية التي حمّلت رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المسؤولية عن كلّ ما يجري في العراق وحوّلته إلى متهم ونعتته بأقبح النعوت والصفات.. وكأن الأخير وصل إلى الحكم في دولة مثل سويسرا يعمّها الرخاء والاستقرار وهو من خرّبها، وليس في بلد يعاني الأزمات والحروب منذ اكثر عشرين عاماً.

ومن يتابع وسائل الإعلام السعودية، يستطيع ملاحظة عدّة نقاط إلى جانب تحميل المالكي المسؤولية وضرورة رحيلة أولاً وثانياً وعاشراً وأخيراً لتنتهي مشاكل العراق؛ أولاً، اعتبار وسائل الإعلام السعودية أن سياسات المالكي الطائفية والضيقة هي السبب في المأزق العراق، وهي بذلك برأت كل الفئات العراقية الأخرى من أي مسؤولية ومشاكل وتطورات وقعت أو قد تقع مستقبلاً في العراق. ثانياً، أن ما يحصل في العراق هو مصلحة إيرانية، ويهدف لدعم الموقف الإيراني في التفاوض مع الغرب، وما تسميه وسائل إعلام المملكة بـ"الهلال الشيعي"، وبالتالي على المكونات العراقية الأخرى مواجهته. ثالثاً، وصفت وسائل الإعلام السعودية ما يجري بأنه حركة محرومين وثورة على الظلم من قبل طائفة محددة، وهي بذلك أوجدت التبرير والذرائع الأخلاقية لما يحصل في بلاد الرافدين وزرعت بذور الفتنة ومهّدت لها. بل أكثر من ذلك، فهي بهذا المنطق، تقول بشكل غير مباشر، بوجوب دعم جهات معينة ومحددة وما تقوم به ضد الحكومة العراقية والسلطة المركزية في بغداد. رابعاً، ربطت وسائل الإعلام السعودية بين دعم نوري المالكي لسورية وبين ما يجري في العراق، وهي بذلك نطقت بالسياسة السعودية القائمة والمستمرة منذ سنوات ضد العراق وسورية والهادفة إلى زعزعة أمن واستقرار البلدين وتقويض الحكم فيهما.

من المؤكد والواضح أن السعودية ليست بعيدة عبر التحريض والتجييش الطائفي والمذهبي والسياسي ضد الحكومتين العراقية والسورية عما يجري في هذين البلدين، لاسيما وأنه ثبت بالدليل القاطع أن الحكومة السعودية هي من يموّل الإرهاب والإرهابيين ويرسلهم إلى سورية. ومن الطبيعي أن تتناغم وسائل الإعلام السعودية ــ في البلد أكثر قمعية وانغلاقاً في العالم ـ مع سياسات وممارسات الحكومة السعودية تجاه العراق في محاولتها منع تحقيق الأمن والاستقرار في هذا البلد. ومن الطبيعي أيضاً أن يكون فشل السعودية في زعزعة وتدمير الدولة السورية دفعاً للسعوديين ومن خلفهم، لتغيير وجهتهم نحو العراق لاستكمال مشروع الفوضى والتخريب وللتغطية على فشل مشروعهم في سورية.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.