تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عـلائـم انحـدار الثقافــة العربيــة

مصدر الصورة
SNS


23/6/2014


في العشرين من نيسان الماضي اختارت "جائزة الشيخ زايد للكتاب" الملك السعودي عبدالله، شخصية العام الثقافية للعام 2014. المدّاحون اعتبروا أن فوز عبد الله بهذه الجائزة "هو فخر ووسام تحمله الجائزة وتعتز به"، وعزوا السبب أنه "شخصية استثنائية طبعت عصرا بأكمله وسجلت إنجازاته الإنسانية والثقافية بحروف من نور"، وأنّ "إسهاماته في العالم أجمع لا تزال مصدر إلهام واقتداء دائمين للشعوب العربية والإسلامية كافة". وتغنى المداحون بالدور الحضاري لعبدالله في "إشاعة ثقافة التسامح والاعتدال والحوار بين أتباع الديانات والثقافات وتشجيعه على العلم والمعرفة".

وأمس، كررت افتتاحية صحيفة (الوطن السعودية 22/6/2014) موشح النفخ في القربة الفارغة، ووصفت الملك عبدالله بأنه عطاء تنموي مستمر، والسبب برأيها أنه وافق على "إنشاء 11 استاداً رياضياً في المملكة". واعتبرت الصحيفة أن نظرة مليكها "في دعم الرياضة لها بُعد إستراتيجي". هل تهجي الصحيفة الملك أم أنها تمتدحه؟ سؤال حيّرني فعلاً؛ فمن مدحك بما ليس فيك فقد ذمّك!!

هل يكفي ذلك؟

بالطبع لم يتحدث هؤلاء المتذلفون عن مؤلفاته في الفكر والأدب والفلسفة، ولا عن أبحاثه العلمية في الطب أو الكيمياء والفيزياء أو الرياضيات، ولا عن اختراعاته أو نظرياته في أي نوع من أنواع العلوم.. والسبب بسيط؛ إنها غير موجودة. فالرجل بالكاد يعرف القراءة والكتابة، وطوال حياته لم يقرأ كتاباً واحداً، ولم يحمل شهادة علمية تتخطى شهادة التعليم الأساسية التي تؤكد أنه يجيد القراءة والكتابة. ولم يدخل معهداً أو مختبراً أو جامعة أو أي محفل علمي أو بحثي ليتحدث هؤلاء عن ثقافته ودوره الثقافي. دوره ونظامه البارز يتجلى في تمويل وتدريب وتخريج الإرهابيين وتسليحهم وإرسالهم للتخريب والموت في دول العالم قاطبة، وأولها الدول العربية والإسلامية التي لا تروق لهما سياساتها والتي لم يستطيعا شراءها بالمال النفطي الذي يستوليان عليه.

أما "التسامح" الذي تهتّك به هؤلاء، فلم نرَ منه غير ما تبثه الفضائيات والصحف السعودية من نشر للتفرقة والفوضى والانقسام وبث التحريض الطائفي والمذهبي، وبالتالي الخراب في بلدان العالم القريبة والبعيدة. أين التسامح والاعتدال والمملكة هي مقر ومركز التطرف العالمي والانغلاق والكبت والقمع والديكتاتورية والحقد الأسود. إذا كان من "إلهام"، فهو ذلك الذي يمدّ المجرمين والإرهابيين بالقناعة الكافية لتنفيذ عمليات إجرامية في كل دول العالم كان أوضحها وأشهرها هجمات 11أيلول في الولايات المتحدة وليس آخرها ما يجري في سورية والعراق. ثقافة التسامح التي يتحدثون عنها هي في القتل بالسواطير والذبح والنحر وأكل الأكباد وحرق الجثث ونشر التطرف والظلام والسواد وكلّ ما هو رجعي وغبي ومتخلف وجاهلي.

أي حوار يتحدثون عنه والكلمة ممنوعة في بلاد القهر إن لم تكن صلاة وركوعاً لنظام آل سعود. أي حوار، وهل أبقوا على أي تنوع أو عيش مشترك أو أي قاعدة للوئام والسلام والمحبة. هل ترك النظام السعودي أي شيء مما يشوه صورة الإسلام و العروبة، ويعزز الفكر المتطرف إلا ومارسه فكراً وتطبيقاً؟!.

ثم، ما هي إنجازات النظام السعودي الرياضية على مستوى العالم، وهو الذي ينفق ما يتجاوز ميزانية عدة دول على رياضته الإستراتيجية المهترئة التي لا تحصد أي حضور أو فوز معتبر أو نجاح لافت حتى في مسابقات البعير؟!! ألا يعلمون أنّ بناء الإنسان هو الأساس وليس زيادة الكتل الإسمنتية والفولاذية؛ الجوهر وليس القشور؟!!

ثقافة التسامح والحوار التي يتحدث عنها مداحو آل سعود نرى نتائجها في أسلوب عمل تنظيم القاعدة وشقيقاتها "جبهة النصرة" و"تنظيم داعش" التي وُلدت وترعرعت في البيئة السعودية الحاضنة للتخلف والانغلاق والقتل والموت، وفي تدمير رموز الفكر والتراث والدين في الموصل والرقة ومعرة النعمان وريف دمشق ومصر وغيرها؛ في قتل أبي العلاء المعري من جديد، وإعدام أبي تمام، وطه حسين وفرض الجزية على أهل البلاد. ألم يقل طه حسين لأحدهم عندما اشتكى صعوبة فهم كتبه: الحمد لله الذي خلقني أعمى حتى لا أراك!!

تُرى ماذا كان سيقول ـ لو أنه موجود حالياً ـ  لشخصية هذا العام الثقافية، التي بالكاد يجيد صاحبها فك الأحرف ؟!!

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.