تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

السيسي في الجزائر ترميم العلاقات والخروج من نفق الأصدقاء القدامى!!

مصدر الصورة
SNS


26/6/2014


ضاقت السبل على مصر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك حتى كادت القاهرة تختنق بالضغوط التي يمارسها الأصدقاء ـ الألدّاء المتسلطين، واشنطن والرياض، وأصبح القرار المصري ـ دون الخوض في التفاصيل ـ  أسير ممارسات هاتين الدولتين على مصر بسبب الدعم المالي الذي تقدمه الدولتان. وقد انعكس ذلك تراجعاً في دور مصر ومكانتها العربية والإفريقية والعالمية إلى حدّ أصبحت تتجرأ عليها أصغر الدول، حتى مشيخة قطر.

 قطر "النفط وقناة الجزيرة"، ازدهر تأثيرها على القرار المصري بعد رحيل مبارك ووصول الرئيس الإخواني محمد مرسي ـ الذي لو استمر في الحكم عاماً آخرـ لأفسد المنطقة كلها والعالم، عبر التنسيق الذي أقامه مع حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الإخوانية السلجوقية العثمانية، ومع الكيان الصهيوني الإسرائيلي المحتل.

ولذلك، فإن الرئيس المصري المنتخب عبد الفتاح السيسي ورث مصر متهالكة ومضعضة، وما يقوم به ـ ضمن هذه القدرات الخائرة ـ هو ثنائي التوجه؛ أولاً، عدم إغضاب الأصدقاء الألداء الرياض وواشنطن، من جهة، وثانياً، التوجه نحو العالم وإقامة علاقات جديدة تساعد مصر على التوازن في مواقفها وسياساتها، وتساعدها على استعادة قوتها وبناء قدراتها في مواجهة التحديات الكبيرة الأمنية والاقتصادية التي لا يغفلها الرئيس السيسي. وفي هذا السياق، فإنه من المنطقي عدم توقع الكثير من التغيرات الدراماتيكية على كافة الصعد نتيجة للسياسات التي سوف ينتهجها السيسي. ولكن يمكن الإضاءة على عدة نقاط:

أولاً، إن الرئيس السيسي بدأ ممارسة سياسته الرئاسية فعلياً قبل تسلم الرئاسة، وذلك عندما زار روسيا وكان وزيراً للدفاع. فقد كان واضحاً من الاستقبال والحفاوة ورمزية التوجه إلى موسكو رغبة القاهرة بإستعادة وبناء نوع من العلاقات شبيه بذلك الذي كان بين القاهرة وموسكوـ الاتحاد السوفييتي. فالدعم الروسي الاقتصادي والعسكري مطلوب ومرحب به لسدّ الاحتكار الأمريكي ـ الإسرائيلي الذي يمارس على مصر. وبالطبع لن تكون موسكو مترددة في عودة نفوذها إلى المركز المصري بما يمثل من وزن عربي وأفريقي وإقليمي، ولذلك كانت مباركة روسية لترشح وانتخاب المشير السيسي، ولتوجهاته.

ثانياً، قام الرئيس السيسي أمس بزيارة الجزائر؛ الجزائر بلد المليون شهيد، التي وقف معها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حتى استعادت استقلالها من الفرنسيين؛ كيف تستقيم علاقات مصر العربية والإفريقية من دون الجزائر؟ بل كيف يمكن أن يُسمح لمباراة كرة قدم أن تخرّب العلاقات بين البلدين؟! أبعد من ذلك، إن لم تكن الحماقة بعينها، كيف يمكن السماح لأمور كهذه أن تحول وتمنع التعاون الاقتصادي بين البلدين الشقيقين، وتدفق الاستثمارات المصرية ونشاطها المطلوب والمفيد في الجزائر؟! زيارة السيسي للجزائر هي الخطوة الأولى المطلوبة خارجياً في المحيط العربي والإقليمي ومن ثم التوجه ـ كما فعل السيسي ـ إلى إفريقيا لإستعادة مكانة وموقع مصر، والتأكيد على حضورها ومن ثم العودة إلى ممارسة دورها والانطلاق من هناك إلى آفاق أبعد؛ كيف تنام مصر قريرة العين وهي غافلة عن اللعب الإسرائيلي في منابع النيل؟!!

ثالثاً، وبعدما يستعيد السيسي فتح الأبواب المغلقة في أكثر من مكان ويستعيد الكثير من التوازن لدور مصر وقرارها، كما يفعل حالياً، يستطيع التوجه شرقاً نحو السعودية التي تحاول الاستيلاء على قرار مصر العربي والدولي بالمال الذي تقدمه. سيكون السيسي قادراً على قيادة الموقف السعودي وتوجيهه وليس العكس. وعندما نقول السعودية، يستتبع ذلك الإمارات العربية والكويت. ويستتبع ذلك امتلاك القدرة على مواجهة المناكفات القطرية ـ التركية الغبية والمضرة بالعرب جميعاً. ويستتبع ذلك المضي شرقاً لتأكيد الاستفادة من وقوف إيران إلى جانب العرب بدل محاربتها كما يفعل النظام السعودي الآن. وهذا كله أقلّ من جمال عبد الناصر، ومن عدم الانحياز أيضاً.

رابعاً، يبقى التوجه المصري الأهم والمفتاحي هو بالعلاقات مع "قلب العروبة النابض" والعراق. مصر بدون سورية لا تستطيع العيش والتحليق، وسورية بدون مصر قلب ينبض بدون جسد. على الرئيس السيسي أن يتذكر أنّ الانتصارات بدأت وتبدأ مع سورية، قبل جول جمال وعبد الناصر وبعدهما، وأن المصائب تكاثرت وازدادت عندما افترق البلدان على كامب ديفيد وبعدها. ربما ليس المطلوب من الرئيس السيسي الآن اتخاذ خطوات علنية، ولكن سورية والعراق ولبنان هم المشرق المشعّ بالحياة والفكر والتقدم والثروات، والذي يمكن الاعتماد عليه ـ بل ويجب الاعتماد عليه ومساعدته على إنهاء مشاكله القائمة والمستمرة بسبب الدور التركي والإسرائيلي والسعودي الهادف إلى تمزيق المنطقة وممارسة النفوذ فيها وعليها. ومن المؤكد أن هذه البلدان الثلاثة سترحب بأي توجه مصري إذا كان عروبياً وإذا لم يكن كما تمليه الدولارات السعودية.

الرئيس السيسي أمام مرحلة جديدة كلياً، هي مرحلته شخصياً. بِدءُ مرحلةِ "السيسية" يقتضي طرح سؤال بسيط أولاً؛ ماذا جنت مصر من السياسات السابقة في عزل سورية ونسيان العراق والخصومة مع الجزائر والابتعاد عن موسكو ومخاصمة إيران؟؟ من المؤكد أن الرئيس السيسي طرح هذا السؤال أو تبادر إلى ذهنه.. ومن الواضح حتى الآن أنّ الرئيس المصري يحاول الإجابة عنه، وهو يسير بخطى ثابتة نحو آفاق جديدة..  تبقى العبرة بالنتائج.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.